افتتاح أشغال الملتقى الدولي "جرائم الاستعمار في التاريخ الإنساني"
جرائم التاريخ تتكرر في غياب المسؤولية الأخلاقية والقانونية

- 190

❊ ربيقة: العدالة التاريخية لا تتحقق إلا باعتراف المستعمر
❊ استعادة الذاكرة الوطنية رسالة سلام مستندة إلى الحقيقة
شدّد وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة، أمس، على أن الجرائم التي تعرّضت لها الجزائر إبان فترة الاستعمار الفرنسي "لا تسقط بالتقادم"، مشيرا إلى أن العدالة التاريخية لا تتحقق إلا بالاعتراف الكامل من الدولة المستعمرة، وإنصاف الضحايا، وجبر الضرر المادي والمعنوي.
أوضح ربيقة خلال إشرافه بفندق الأوراسي بالعاصمة على افتتاح الملتقى الدولي "جرائم الاستعمار في التاريخ الإنساني، من جراح الذاكرة الجماعية إلى استحقاق العدالة التاريخية"، أنّ فعاليات الملتقى المنظم ضمن إحياء الذكرى 63 لعيدي الاستقلال والشباب، "ليست مجرد استذكار لماض انقضى، بل مساءلة للضمير الإنساني وتاريخ لم يكتب بعد بإنصاف".
وأكد أن استعادة الذاكرة الوطنية في الجزائر بقيادة الرئيس تبون، "تمثل رسالة سلام مستندة إلى الحقيقة، ومسؤولية قانونية وأخلاقية تجاه تاريخ لم يطو بعد" ، مذكرا بالدور التاريخي للجزائر في دعم قضايا التحرر العادلة، "لا سيما قضية فلسطين، والمعاناة المستمرة في غزة والتي كشفت انهيار المعايير القانونية الدولية والإنسانية..".
وشدّد الوزير على أن الجزائر ستظل وفية لنصرة الشعوب المضطهدة، ومجنّدة للدفاع عن الحق في الذاكرة والكرامة والتعويض، داعيا إلى مواجهة سياسات الإنكار والإفلات من العقاب، وتحميل الجناة المسؤولية الكاملة عن آثار الاستعمار والاستعباد ونهب الثروات والمساس بالهويات وتشويه الثقافات.
كما أوضح الوزير أن الجزائر تعد "قطعة أصيلة من نسيج هذا العالم وهي بقيادتها المتبصّرة وشعبها الأبي وفيّة للأمن والسلام ومجنّدة في نصرة قضايا التحرر والانعتاق"، مستشهدا بالثورة الجزائرية التي كانت دوما "مصدر إلهام للشعوب المضطهدة".
في ذات السياق شدّد ربيقة على أن الجزائر "لم تتوان يوما في دعم القضايا العادلة وتطلّعات الشعوب المشروعة على غرار قضيتي الشعبين الشقيقين الصحراوي والفلسطيني". وأكد أن "الجزائر اليوم بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون تولي أهمية خاصة لاستعادة الذاكرة باعتبارها منبعا للقيم والمبادئ ومدخلا أساسيا للعدالة"، لافتا إلى أنه "في ظل هذا الوعي المتجدّد، تبرز الصحوة المتصاعدة لشعوب كانت بالأمس ضحية للاستعمار لتجدّد اليوم مطالبتها بمسار جديد لا ينهي الماضي فقط، بل يعيد كتابته من منظور الضحية ويؤسّس لعدالة تاريخية تنهي الاستعلاء وتعزّز بناء مستقبل مشترك قائم على الكرامة والاحترام المتبادل".
وعن الملتقى الذي يجمع نخبة من والخبراء والأكاديميين المتخصّصين من داخل وخارج الوطن، أوضح ربيقة بأنه يشكل "فرصة لتعميق النقاش حول جرائم الاستعمار، كالتزام أخلاقي وواجب تاريخي تجاه الحاضر والمستقبل وصرخة وعي ضد النسيان".
بدورها أكدت رئيسة الملتقى الدكتورة سعيدة سلامة أن استحضار التاريخ الاستعماري ليس ترفا معرفيا أو انتقائية زمنية، بل موقفا أخلاقيا وعلميا ينسجم مع مبادئ العدالة ومواثيق القانون الدولي، ويؤسّس لحق الشعوب في السيادة، والحقيقة، والتعويضين المادي والمعنوي، مشيرة إلى أن الملتقى يأتي في لحظة مفصلية تتقاطع فيها الذاكرة التاريخية مع تحوّلات المشهد الجيوسياسي الدولي،.
وشهدت مراسيم الافتتاح عرض شريط وثائقي بعنوان "التوثيق هو السند الحقيقي"، وتدخّلات المؤرّخين ترصد كلها فظائع المستعمر في الجزائر وفي إفريقيا السمراء. أما الجلستان العلميتان فقد شهدتا تدخلات كثيرة منها تدخل المحامية بن براهم التي أكدت أن الذين هم في الضفة الأخرى، يتابعون باهتمام ما تتضمنه هذه اللقاءات، مقترحة محاكمة المستعمر على أساس قانوني والتعامل مع الجرائم على أنها جرائم دولة. أما الدكتور عبد الباقي محمد من نيجيريا فدعا لإشراك الإعلام في إحياء وصون الذاكرة وزراعة الوعي، فيما أشار جون هونسون من نيكاراغوا إلى أن تداعيات ومخلفات الاستعمار لا تزال قائمة إلى اليوم عند الشعوب، مندّدا بجرائم اليوم التي ترتكب ضد الشعب الصحراوي والفلسطيني والتهديدات والممارسات غير الأخلاقية التي تتخذ خارج القانون ضد بعض الدول ذات السيادة. للإشارة فإن أشغال الملتقى تختتم مساء اليوم بالخروج بعدة توصيات.