ردا على تصريحات غير مسؤولة منسوبة للرئيس الفرنسي

جزائر الأحرار تفحم عبدة الاستعمار

جزائر الأحرار تفحم عبدة الاستعمار
  • القراءات: 584
م .خ م .خ

❊ رفض قاطع للتدخل غير المقبول في شؤوننا الداخلية

❊ التصريحات تحمل في طياتها اعتداء غير مقبول لذاكرة الشهداء

❊ جرائم فرنسا الاستعمارية تستجيب لتعريفات الإبادة الجماعية ضد الإنسانية

❊ هذه الجرائم التي لا تسقط بالتقادم لا يجب أن تكون محل تلاعب بالوقائع

❊ محاولات غير مجدية لإخفاء فظائع ومجازر ومحارق وتدمير قرى بالمئات

❊ تدخل مؤسف يضرب التعاون المحتمل بين الجزائر وفرنسا بشأن الذاكرة

❊ لا يمكن لأحد أو لشيء أن يغفر للقوات الاستعمارية ولجرائمها

أعربت الجزائر عن رفضها "القاطع للتدخل غير المقبول في شؤونها الداخلية" عقب التصريحات غير المفندة التي نسبتها العديد من المصادر الفرنسية لرئيس الجمهورية الفرنسية، مشيرة إلى أن "هذه التصريحات تحمل في طياتها اعتداء غير مقبول لذاكرة 5.630.000 شهيد ضحوا بالنفس والنفيس في مقاومتهم البطولية ضد الغزو الاستعماري الفرنسي وكذا في ثورة التحرير الوطني المباركة". وأوضح بيان لرئاسة الجمهورية أن "جرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر لا تعد ولا تحصى وتستجيب لتعريفات الإبادة الجماعية ضد الإنسانية. فهذه الجرائم التي لا تسقط بالتقادم لا يجب أن تكون محل تلاعب بالوقائع وتأويلات تخفف من بشاعتها".

واعتبرت رئاسة الجمهورية أن "نزعة أصحاب الحنين للجزائر الفرنسية والأوساط التي تعترف بصعوبة بالاستقلال الكامل الذي حققه الجزائريون بنضال كبير، يتم التعبير عنها من خلال محاولات غير مجدية لإخفاء فظائع ومجازر ومحارق وتدمير قرى بالمئات من شاكلة واقعة "اورادور-سور-غلان"- والقضاء على قبائل من المقاومين، وهي عمليات إبادة جماعية متسلسلة لن تنجح المناورات المفاهيمية والاختصارات السياسية في إخفائها".

تقديرات سطحية وتقريبية ومغرضة

وأضاف البيان "أن التقديرات السطحية والتقريبية والمغرضة المصرح بها بخصوص بناء الدولة الوطنية الجزائرية، وكذلك تأكيد الهوية الوطنية، تندرج في إطار مفهوم هيمنة مبتذل للعلاقات بين الدول ولا يمكن، في أي حال من الأحوال، أن تكون متوافقة مع تمسك الجزائر الراسخ بالمساواة السيادية للدول".

وأوضح البيان أن "هذا التدخل المؤسف الذي يصطدم أساسا بالمبادئ التي من شأنها أن تقود تعاونا محتملا بين الجزائر وفرنسا بشأن الذاكرة، قد أدى إلى الترويج لنسخة تبريرية للاستعمار على حساب النظرة التي قدمها تاريخ شرعية كفاحات التحرير الوطنية، في الوقت الذي لا يمكن لأحد أو لشيء أن يغفر للقوات الاستعمارية ولجرائمها، خصوصا  مجازر 17 أكتوبر بباريس وهو التاريخ الذي ستحيي الجزائر والجالية الجزائرية المقيمة بفرنسا ذكراه في كرامة".

وضع غير مقبول خلفته هذه التصريحات غير المسؤولة

وأردف البيان أنه "أمام هذا الوضع غير المقبول الذي خلفته هذه التصريحات غير المسؤولة، قرر رئيس الجمهورية استدعاء سفير الجزائر لدى الجمهورية الفرنسية على الفور للتشاور".

وتأتي تصريحات الرئيس الفرنسي بعد أكثر من 10 أيام من تكريمه للحركى في حركة استفزازية ضد الجزائر، حيث أصدر مرسوما يرفع بمقتضاه عددا من الحركى الذين قاتلوا ضمن الجيش الفرنسي إلى درجة جوقة الشرف برتبة فارس، وهي أعلى رتبة تكريم تمنحها الدولة الفرنسية، فضلا عن منح البعض الآخر درجة الاستحقاق الوطني برتبة ضابط  و15آخرينإلىرتبةفارسوغالبيتهمممثلينلجمعياتأوهيئات.

الذاكرة" ورقة انتخابية في الرئاسيات الفرنسية

ويبدو أن ماكرون الذي يتطلع للفوز بعهدة رئاسية جديدة قد وجد نفسه مجبرا على اللعب بكافة الأوراق الانتخابية من أجل ضمان بقائه في قصر الإليزيه، حتى وإن تعلق الأمر بالمساس بملفات حساسة على غرار مسالة الذاكرة، التي يبدو أنها ستظل رهينة بين أيدي بعض الدوائر الفرنسية التي مازالت تحلم بـالجزائر الفرنسية" وفق منطق استعماري بحت.

فماكرون الذي لطالما تودد في بداية ترشحه للانتخابات الرئاسية الفرنسية للجالية الجزائرية من أجل كسب أصواتها، ليقوم بعدها بزيارة الجزائر كمرشح، كان قد  تبنى خطابا مغايرا عن أسلافه عندما وصف بكل جرأة ما قام به المستعمر في الفرنسي بـالجرائم ضد الإنسانية"، لكن يبدو أن أواخر أيام العهدة الرئاسية للرئيس "الشاب" لن تكون كبدايتها في الوقت الذي كان فيه الجميع  يستبشر بفتح صفحة جديدة في علاقات البلدين بوصوله إلى قصر الاليزيه.

حملة انتخابية بالحركى وتمجيد المستعمر

وإذا كان ماكرون الذي تشير نتائج سبر الآراء في فرنسا عن تدني شعبيته بسبب قراراته الاقتصادية التي لم تعجب الفرنسيين، فضلا عن طريقة تعامله مع مظاهرات السترات الصفراء التي دامت لأشهر، يحاول أن يجد لنفسه منفذا لحفظ ماء وجهه من خلال التمسك بقشة الذاكرة، فإنه يكون بتصريحاته الخطيرة قد عكس مرة أخرى الوجه الحقيقي للمستعمر، الذي مازال يرفض إلى غاية اليوم الهزيمة التي منيت بها أقوى قوة عسكرية في ذلك الوقت، من قبل دولة التي على الرغم من عدم امتلاكها الاسلحة الكافية إلا أنها ورثت عن مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة الأمير عبد القادر مقومات التكافل والتضامن والالتفاف حول الهدف الأوحد وهو تحقيق الاستقلال.

ولم تكن تصريحات الرئيس الفرنسي بخصوص تسوية ملف الذاكرة سوى ذر الرماد في العيون، إذ بالرغم من بعض الخطوات الايجابية المسجلة بها الخصوص، من خلال الاعتراف بمقتل بعض المناضلين من قبل المستعمر على غرار موريس أودان وعلي بومنجل، فضلا عن رفع السرية عن جزء من الأرشيف للثورة التحريرية وتسليم عدد من رفات بعض المقاومين، إلا أن ماكرون وجد نفسه مضطرا للرضوخ للمنطق الاستعماري الذي كرسته فرنسا الرسمية، من خلال مصادقتها على قانون تمجيد الاستعمار يوم 23 فيفري 2005. لكن بالرغم من محاولات تجميل الوجه القبيح والبشع والوحشي والدموي للمستعمر الغاشم الذي كانت الجزائر مسرحا لأبشع صوره منذ أن وطئت أقدامه سنة 1830، إلا أن التاريخ سيبقى يروي بسالة شعب نجح في دحر مخططاته وأخرجه من أرضه جارا أذيال الهزيمة التي تبقى غصة في حلقه إلى غاية اليوم.