عرفت إقبالا خلال الموجة الثالثة وتراجعا مع استقرار الوضع

حملة تلقيح واسعة لمواجهة جائحة كورونا في 2021

حملة تلقيح واسعة لمواجهة جائحة كورونا في 2021
  • القراءات: 309
و. أ و. أ

أطلقت الجزائر حملة تلقيح واسعة خلال سنة 2021 لمواجهة جائحة كوفيد 19 التي عرفت ذروتها خلال الصائفة الماضية، حيث سجلت البلاد قرابة 18 ألف حالة استدعت في معظمها استعمال الأوكسجين. وشكلت الموجة الثالثة لكوفيد -19 على غرار عديد دول العالم امتحانا لنجاعة المنظومة الصحية الوطنية، حيث تم وضع كل قدرات القطاع ومستخدميه في حالة تأهب "لم يسبق لها مثيل"، ليس من أجل مواجهة هذه الأزمة الصحية فحسب، بل لوضع استراتيجية صلبة لتشجيع الإقبال على حملة التلقيح.

وأكد خبراء في علم الأوبئة والأمراض المعدية والفيروسات أنه كان متوقعا خلال ظهور الموجة الثالثة بالدول الأوروبية انتقالها إلى الجزائر التي سجلت خلال الثلاثي الأول لسنة 2021 نوعا من الهدوء المؤقت سرعان ما تطوّر إلى موجة أخرى ظهرت بتعقيدات تنفسية أكثر شدة من سابقتها خاصة خلال الصائفة الماضية. ودفعت هذه الوضعية الصعبة المتمثلة في نقص مادة الأوكسيجين وعدد الأسرة بالمستشفيات برئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون الى التدخل من أجل الاسراع في توفير الأوكسيجين والرفع من قدرة الاستيعاب بالأسرة إلى نسبة 65%. ولضمان التكفل بكل المرضى على جميع المستويات سارعت وزارة الصحة إلى تحويل كل الأسلاك والنشاطات الطبية إلى مصالح كوفيد-19 تخوفا من انتشار العدوى بالأوساط الاستشفائية مع الاكتفاء بضمان سيرورة الخدمة بمصالح الولادات والأطفال، السرطان، الإستعجالات، والعجز الكلوي. وكانت الولايات ذات الكثافة السكانية الواسعة أكثر تضررا بالجائحة وعلى رأسها الجزائر العاصمة التي تحتوي على 19 مؤسسة استشفائية عجزت عن الاستجابة للطلب المتزايد، مما دفع بالسلطات العليا في البلاد إلى الاستغاثة بالمؤسسات الاستشفائية لكل من ولايات تيبازة، البليدة، وبومرداس.

وفيما يتعلق بتوفير مادة الأوكسيجين، فقد أعطى رئيس الجمهورية تعليمات صارمة للرفع من قدرة انتاج هذه المادة التي انتقلت من 290 ألف لتر الى 310 ألف لتر يوميا خلال الأزمة، تم تدعيمه بـ4500 جهاز تنفس اصطناعي و4551 مكثف للأكسيجين، بعضها مستورد من طرف الدولة والبعض الآخر تبرعت به بعض المؤسسات الوطنية والجمعيات وأبناء الجالية الوطنية بالخارج والمواطنين. ورافقت كل هذه الإجراءات الطارئة قرارات أخرى تمثلت في غلق الحدود وفرض الحجر الصحي الكلي على بعض الولايات خاصة تلك ظهرت بها بؤر للفيروس الذي صاحبه ظهور متحور جديد آنذاك دلتا الذي زاد تعقيدا للوضع، إلى جانب غلق جميع الفضاءات العمومية والمساجد. بالرغم من تجنيد 8000 مؤسسة للتلقيح ودعمها بعيادات متنقلة للجيش الشعبي الوطني وأخرى لوزارة الصحة مع فتح المساجد والفضاءات العمومية لهذه العملية، فإن حملة التلقيح لم تكن في مستوى تطلعات السلطات العمومية المتمثلة في استهداف نسبة 70% من السكان مع نهاية سنة 2021 بعد أن عرفت "إقبالا كبيرا" خلال الموجة الثالثة.

ففي الوقت الذي سجلت فيه الجائحة ذروتها من ناحية عدد الإصابات والاستشفاء والانعاش وحتى الوفيات تخوف المواطن من هذه الوضعية حيث سارع إلى عملية التلقيح الذي بلغ آنذاك ذروته مسجلا قرابة 300 ألف ملقح يوميا، لتتراجع بعدها خلال الأشهر الأخيرة إلى 20 ألف ملقح يوميا. يذكر أن كميات اللقاحات المتوفرة على مستوى معهد باستور إلى غاية نهاية ديسمبر الجاري ستصل إلى قرابة 30 مليون جرعة بما يكفي تحقيق الهدف الذي سطرته السلطات العمومية. ومن الإجراءات الأخرى التي اتخذتها السلطات العمومية خلال سبتمبر وأكتوبر الماضيين بعد تراجع عدد الاصابات إلى أقل من 100 حالة، هي التعديل من مدة الحجر الصحي المنزلي مع التشديد على الالتزام بالإجراءات الوقائية التي تبقى السبيل الوحيد الى جانب اللقاح للتصدي للجائحة. وقرّر رئيس الجمهورية حماية للساكنة إلى جانب توفير كميات معتبرة من اللقاح المستورد إنتاج هذه المادة في إطار شراكة جزائرية- صينية من خلال وحدة قسنطينة لمجمع "صيدال".

كما تم تعزيز معهد باستور بتقنيات متطورة "سيكونساج" للكشف عن سلالات الفيروس التي تظهر من حين لآخر، في انتظار اقتناء تقنيات أخرى أكثر تطوّرا قريبا تتماشى وتطوّرات الظروف الصحية الطارئة في العالم. واستنادا إلى تطوّر الوضعية الوبائية عبر العالم مع ظهور متحور "أوميكرون" وبعد تسجيل ارتفاع في عدد الإصابات بمتحور "دالتا" خلال الأيام الأخيرة محليا تجاوزت في بعض الأحيان 200 حالة يوميا، فإن السلطات العمومية تخشى مرة أخرى من انتشار المتحور الجديد بالرغم من عدم خطورته إلى حد الآن في ظل تراجع نسبة التلقيح عبر الوطن.