اليمين المتطرّف يتلاعب باستقرار فرنسا

دعاوى قضائية لإحجام العنصرية ضد الجزائريين

دعاوى قضائية لإحجام العنصرية ضد الجزائريين
  • 163
 مليكة. خ  مليكة. خ

يتلاعب اليمين المتطرّف بأمن واستقرار فرنسا التي تضم أكبر الجاليات الأجنبية خاصة منها الجزائرية، من خلال إصراره على تصعيد خطابه العنصري الذي يهدد النّسيج الاجتماعي الفرنسي، ما دفع بحقوقيين وجمعيات جزائرية مقيمة في هذا البلد، إلى تقديم دعوى قضائية ضد وزير الداخلية برونو روتايو بتهمة التحريض على الكراهية والتمييز، إلى جانب تقديم شكاوى ضد القنوات التي تصر على مواكبة تيار اليمين المتطرّف على غرار قناة "سي نيوز".

انعكست السياسة العنصرية الممنهجة لروتايو والتي تبنّاها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، على الواقع الاجتماعي في فرنسا، حيث تجلّت في المضايقات التي يتعرض لها أعضاء الجالية الوطنية والمسلمون على العموم، ما زاد في ارتفاع نسبة الجرائم وتفشّي ظاهرة "الإسلاموفوبيا"، غير أن سياسته العنصرية سرعان ما انقلبت عليه عبر متابعات قضائية طالت روّاده.

فبالإضافة إلى إيداع المحامية خديجة عودية، دعوى قضائية ضد برونو روتايو بسبب تصريحاته التمييزية تجاه المسلمين الفرنسيين، مع تضمين الدعوى جميع التصريحات التي أدلى بها منذ توليه منصب وزير الداخلية والتي تعد تمييزية خاصة تجاه المسلمين، عرفت الوزيرة الفرنسية السابقة نويل لونوار، نفس المصير بسبب تصريحاتها العنصرية الخطيرة، بعد وصفها الجزائريين المقيمين بفرنسا بأنهم "إرهابيون محتملون".

كما تقدم الاتحاد الفرنسي لمزدوجي الجنسية والجالية الجزائرية، شكوى للمحكمة الإدارية ضد قناة "سي نيوز" بسبب تصريحات بثتها القناة وتضمنت التحريض على الكراهية العرقية، والتحريض على التمييز والكراهية أو العنف تجاه مجموعة بسبب أصلها الوطني"، كما قدمت جمعية للجزائريين المقيمين بفرنسا شكوى ضد القناة التي ظهرت عليها الوزيرة السابقة.

ولم تسلم الوزيرة لونوار، من الشكوى التي قدمتها ضدها منظمة مناهضة العنصرية، بسبب التصريحات  التحريضية ذاتها، واصفة إياها بوصمة عار، حيث لجأت المنظمة إلى السلطة الفرنسية لضبط السمعي البصري والإعلام الرقمي، للمطالبة بفرض عقوبات على القناة التي استضافت الوزيرة السابقة.  

وتأتي سلسلة هذه الشكاوى على ضوء تصاعد الخطاب المعادي للإسلام من قبل بعض السياسيين والإعلاميين، وأظهرت دراسة أجراها مركز "بيو" للأبحاث ارتفاعا ملحوظًا في مستويات العداء تجاه المسلمين والمهاجرين في السنوات الأخيرة في أوروبا، حيث أعرب 57 بالمائة من الأوروبيين عن قلقهم من أن المهاجرين سيؤثرون سلبا على الاقتصاد والثقافة المحلية.

ومع تزايد التشريعات التمييزية والسياسات القمعية ضد المسلمين والمهاجرين في أوروبا، ارتفعت  حالات العنف العنصري والهجمات على المساجد والمراكز الثقافية الإسلامية، ما يثير مخاوف الجالية المسلمة التي تشهد تضييقا في الحريات.

وفي الوقت الذي يحاول اليمين المتطرّف استمالة شرائح من المجتمع الفرنسي وإقناعها بتبنّي أفكاره العنصرية، فإن سياسته باتت تلقى معارضة كبيرة من قبل النّخبة السياسية والشعب الفرنسي عامة، لتسببها في الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها باريس، في الوقت الذي يحاول في كل مرة افتعال مشاكل وهمية للفت الأنظار على غرار الأزمة مع الجزائر.

وإذا كان اليمين المتطرّف يحاول إيهام الرأي العام الفرنسي، بقدرته على إعادة مجد فرنسا كقوة عظمى من خلال الترويج لإيديولوجية "فرنسا للبيض" وفق منظور عنصري محض، فإن أوهامه سرعان ما سقطت في وحل أكاذيبه، خصوصا بعد تورط عدد من أعضائه في قضايا فساد، على غرار زعيمة التجمع الوطني اليميني المتطرّف مارين لوبان، التي اتهمت منذ أشهر بإساءة استخدام أموال الاتحاد الأوروبي، فضلا عن إدانة ثمانية أعضاء آخرين بالفساد.

ولليمين المتطرّف باع في قضايا الفساد، حيث سبق للقضاء الفرنسي أيضا أن أطلق في عام 2015، تحقيقا مع بعض أعضاء البرلمان الأوروبي المنتخبين سابقا من حزب الجبهة الوطنية الذي غيّر اسمه إلى التجمع الوطني، بمن فيهم جان ماري لوبان، على خلفية اتهامهم بإنشاء "وظائف وهمية" في البرلمان الأوروبي بين عامي 2004 و2016.