مجاهدون ومؤرخون ييرزون مآثر المجاهد الفقيد توفيق المدني
دعوة إلى صون ذاكرة الأمة وتعزيز التواصل بين الأجيال
- 626
تأسف مجاهدون وأساتذة التاريخ خلال ندوة تاريخية نظمتها أمس، جمعية "مشعل الشهيد" بالتعاون مع المجلس الإسلامي الأعلى، تكريما للمجاهد الفقيد أحمد توفيق المدني، لـ"الإهمال" الذي طال عددا من الشخصيات والرموز الوطنية التي كان لها أثرها البالغ في صناعة تاريخ الجزائر الحديث وفي مسار كفاح ونضال شعبها.
ومن بين هذه الشخصيات التي يرى هؤلاء أنها تعرضت للإهمال ولم تنل حقها من حيث التعريف بنضالها ومسارها الكفاحي، والتعريف بكتاباتها ومؤلفاتها التي تناولت مختلف جوانب حياة الجزائريين خاصة إبان الاحتلال الفرنسي، المجاهد الفقيد أحمد توفيق المدني، عضو المجلس الوطني للثورة والحكومة المؤقتة وزير الشؤون الدينة والأوقاف في أول حكومة للجزائر المستقلة.
في هذا الإطار أجمع كل من عبد المجيد شيخي، المستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالأرشيف الوطني وملف الذاكرة، والأستاذ عامر رخيلة، وكذا المجاهد محمد الصغير بلعلام، ومتدخلون آخرون على أهمية تعريف الأجيال الصاعدة بتاريخ بلادهم وصنّاعه لاستخلاص الدروس والعبر والاستلهام من مآثرهم وخصالهم..
في هذا السياق دعا السيد شيخي، الشباب إلى "العودة لأوراق التاريخ.. من منطلق أن هذه الأوراق القديمة تحتوي دائما على الجديد وعلى دروس للمستقبل"، مشددا على ضرورة تواصل الأجيال والعمل على إحياء الذاكرة "لأن شعبا لا ذاكرة له فهو بلا مستقبل". وعاد المدير العام لمؤسسة الأرشيف الوطني، للحديث عن المرحوم توفيق المدني الذي وصفه بالشخصية "العظيمة جدا" في تاريخ الجزائر . وقال إنه "كان له جهد متواصل في الكتابة والبحث والتعليم. وحتى وإن لم يكن نشاطه في التعليم بارزا إلا أنه أكد أن عمله من أجل التعليم شغل جل حياته".
واستشهد في ذلك بكتاب "الجزائر" الذي صدرت أول طبعة منه في ثلاثينيات القرن الماضي، ردا على احتفالية فرنسا بالذكرى المئوية لاحتلال الجزائر. وذكر السيد شيخي، بأن الفقيد المدني، كان له مساره كشخصية سياسية ساهمت في تأسيس جمعية العلماء المسلمين، وهو الذي شارك في الحياة السياسية العامة وعمل كصحفي مس كل الميادين، حيث تولى رئاسة تحرير جريدة "البصائر" ورافق الشيخ عبد الحميد ابن باديس، ثم البشير الإبراهيمي وكل الشلة التي كانت تحوم حول هاتين الشخصيتين من علماء إلى غاية انخراطه في صفوف الثورة.
وتطرق محمد الصغير بلعلام، أيضا إلى جوانب من حياة توفيق المدني، متأسفا بدوره لنسيان "مثل هؤلاء الرجال الذين قدموا كل ما عليهم للوطن دون أن يوفوا ولو القليل من حقهم". كما تأسف لعدم التطرق لهذه الشخصيات في الكتب المدرسية التي قال إنها "تشوه تاريخ الجزائر"، محملا جزء من المسؤولية لجيل الثورة الذي لم يقدم ـ حسبه ـ ما يجب تقديمه لأجيال ما بعد الاستقلال، فكانت رسالته إلى شباب اليوم أنه "على الشباب حمل السلاح العلمي لبناء هذا الوطن بداية من المحافظة عليه في وحدة ترابه وشعبه"، وقال إن "كل شيء تختلف فيه الآراء والأفكار ويطرح للنقاش إلا وحدة الوطن والشعب فلا نقاش ولا جدال فيهما".
ولم يخرج المؤرخ عامر رخيلة، عن هذا السياق وهو الذي تناول في تدخله أهم محطات نضال وكفاح المرحوم المدني، الذي قال إنه كان له دور كبير في تاريخ الجزائر الحديث "لكنه مثله مثل شخصيات أخرى عظيمة لا أحد يذكرها اليوم". وذكر بأن المدني، من عائلة جزائرية هاجرت إلى تونس بعد فشل انتفاضة المقراني، حيث ولد "توفيق" هناك ثم نفته فرنسا إلى الجزائر، "وهو يعد أساس من أسس الحركة الوطنية منذ الثلاثينيات وأحد الأعضاء القياديين في جمعية العلماء وأحد رجالات مؤتمر الصومام".