عزّزت احترافية الإعلام في تغطية العملية الانتخابية

رئاسيات بتكنولوجيا الجيل الثالث

رئاسيات بتكنولوجيا الجيل الثالث
  • القراءات: 540
 م / بوسلان م / بوسلان

تُعتبر الانتخابات الرئاسية المقررة في 17 أفريل 2014، أول حدث انتخابي ينظَّم في جزائر تكنولوجيا الجيل الثالث؛ بحكم دخول هذه التكنولوجيا حيّز الخدمة مطلع العام ذاته؛ ولذلك برزت مع هذا الحدث التكنولوجي المتميز، سلوكات جديدة، أنعشت التنافس الانتخابي، وأضفت حركية أكبر في نشاط المهتمين بهذا الموعد والمعنيين بتنشيطه، ووفّرت تغطية أوسع وأسرع وأشمل لهذا الاستحقاق المصيري.

وساهم استعمال المترشحين لتقنية الجيل الثالث لتغذية المواقع الإلكترونية الخاصة بهم في إطار السباق الرئاسي، في إثراء هذه المواقع والصفحات الإلكترونية الخاصة بالمعطيات والأخبار الآنية ذات الصلة بالنشاط اليومي للمترشحين لهذا الاستحقاق ومؤيديهم، الذين التحقوا بالمداومات التي استُحدثت في إطار هذا الحدث، وكذا لنشر وعرض الشروحات الوافية حول البرامج والمستجدات، وبث رسائل الترويج، الرامية إلى استقطاب اهتمام المواطنين وإقناعهم..

كما ساهم استعمال وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها للتقنية المتطورة التي تم تشغيلها حديثا بالجزائر، في تسهيل التغطية الإعلامية لهذا الحدث الوطني المصيري، وأضفى عليها صبغة احترافية أكبر، من خلال ضمان السرعة في نقل الأخبار والنشاطات، ومن ثمة الإسهام في تكريس شفافية الانتخابات ومصداقيتها.

وفي هذا الإطار، يمكن الإشارة إلى ظاهرتين خيّرتين ساعدتا على تطوير العمل الإعلامي والاستعمال التكنولوجي في مجال متابعة العملية الانتخابية، المتصلة برئاسيات 17 أفريل 2014 والإلمام بمختلف جوانبها السياسية، خاصة أثناء الحملة الانتخابية التي تُعد ركيزة هامة في هذه العملية الانتخابية، تنبني عليها الخيارات والقناعات التي تحدد في الأخير نتائج الحسم في هذا الاستحقاق..

وتتعلق الظاهرة الأولى بتوسيع ودمقرطة استعمال الوسائط متعددة الاستخدامات، على غرار الهواتف الذكية والألواح الإلكترونية وغيرها من الوسائل التكنولوجية الحديثة، حتى أصبح النقل التلفزي لنشاطات الحملة الانتخابية يكاد يكون على المباشر الحقيقي لولا الفارق الصغير في زمن وصول الصورة والصوت إلى مصدر الاستقبال والبث، والخيارات المرتبطة بتوقيت بث هذه الرسائل الإعلامية. وقد مكّن هذا التطور من تعويض الإمكانات المادية الضخمة، التي كانت لازالت تكلف التلفزة العمومية نقلها من منطقة إلى منطقة عبر ربوع الوطن، بالاعتماد المفروض على دعم المصالح الأمنية بوسائل تكنولوجية، يكفي حمل بعضها في حقائب يدوية صغيرة..

وفضلا عما أتاحته تكنولوجيا الجيل الثالث من مزايا التواصل الآني والسريع عبر مواقع الإنترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي، فقد أعطت للاستعانة بالوسائل والحوامل التكنولوجية الحديثة والدقيقة معناه الحقيقي، ليصبح عملا مجديا وضروريا وأساسيا؛ لأنه وببساطة يصنع احترافية الإعلام الحديث. 

ولعله من مكارم الصدف أن ترافق تكنولوجيا الجيل الثالث خلال حملة رئاسيات 2014، عمل القنوات الخاصة، التي ظهرت للوجود في إطار الانفتاح الإعلامي المؤطر في الجزائر منذ فترة قصيرة، بقانون السمعي البصري الجديد، وعزّزت بالتالي مسعى تكريس التعددية الإعلامية ومكسب الديمقراطية الذي ناضل من أجله الأحرار.

وتجلى الفارق في مستوى تطور عمل كل إعلامي من الإعلاميين الذين تابعوا نشاط المترشحين الستة لرئاسيات 17 أفريل 2014 في الميدان؛ من خلال تغطيتهم الإعلامية للحملة الانتخابية التي امتدت من 23 مارس إلى 13 أفريل 2014، بين من “تفطن” لأهمية الاعتماد على تكنولوجيا خدمة الجيل الثالث، ومن لم ينتبه للحاجة القصوى إليها. وتجلى الفارق بين الحالتين بشكل سريع لدى الإعلاميين، الذين اعتادوا تغطية مثل هذا الحدث السياسي في السابق، حيث كانت الضرورة المرتبطة بإرسال العمل الصحفي وإيصاله إلى المؤسسة الإعلامية لنشره، تقتضي القيام برحلات البحث عن مقاهي الإنترنيت، والتجوال عبر أزقة وشوارع المدن التي ينزل بها المترشحون، في ظل سباق مع الزمن، يقتضي من الصحفي إيصال ولو أجزاء من الخبر الكامل عن نشاط المرشح للانتخابات.

أما اليوم فقد أصبح الوضع مختلفا عن حال الصحفي في الماضي، بفضل تقنية مفتاح الإنترنيت، الذي يفسح المجال لمستعمليه باستغلال أحدث تكنولوجيا تبنّتها الجزائر في الفترة الأخيرة، وهي تكنولوجيا الجيل الثالث، والتي وفرت لمستخدميها من الإعلاميين قناة سريعة وفعالة لنقل الخبر بأشكاله؛ المكتوب والمنطوق والمصور، وإيصاله إلى المواطن وإلى كل متتبع لهذا الحدث، ووفرت بالتالي وسيلة نقل سريعة وفعالة للخبر، وجعلت طريق نقل المعلومات جاهزة ومتاحة قبل بناء الخبر نفسه.  

وبغضّ النظر عن وظيفتها التكنولوجية ودعمها للجانب المهني لرجالات الإعلام الذين أدوا دور التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية، ساهمت هذه التقنية المتطورة في إضفاء أجواء تضامنية على العمل الإعلامي، نسجته الحاجة إلى استعانة الإعلاميين والفرق الصحفية ببعضها البعض، لإتمام مهامها بالشكل اللائق والمفيد، وذلك من خلال التبادل المستمر بين الإعلاميين لمفاتيح الإنترنيت التي تُشتغل بتكنولوجيا الجيل الثالث، والخاصة بكل متعامل من متعاملي خدمات الهاتف المحمول الثلاث، طبقا لشدة التردد المتاح لدى كل منها من ولاية إلى أخرى، لإعطاء بذلك هذه التقنية الجديدة تكاملا مميزا في عمل الفرق الصحفية المرافقة لكل مترشح.. 

أما العائق الوحيد الذي اعترض عمل الإعلاميين في بعض الولايات، فيكمن في تأخر تغطيتها بشبكة الجيل الثالث، حيث شكّل هذا التأخر بالتالي، النقطة السوداء التي اعترضت السير الجيد والمنتظم لعمل الإعلاميين، وكادت تفقده جدواه لولا وفرة خدمة الجيل الثاني، التي جعلت من سواد الوضعية التي وجد عليها الصحفيون والتقنيون أنفسهم، كمضمار بحواجز، تجاوزُه صعب، لكنه ليس مستحيل المنال.. فبالرغم من ضعف التدفق المعلوماتي الذي يميز الشبكة التقليدية، إلا أن هذه الأخيرة حفظت ماء وجه التكنولوجيا، التي ابتُكرت في عمومها لتكون مجدية ونافعة وأساسية، لا يمكن الاستغناء عنها، ومكّنت الإعلاميين والصحفيين من تأدية واجبهم المهني بالشكل المطلوب، ليسهّل الجيل الثالث بالتالي مهام الإعلام في الحملة الانتخابية، بإسهامه في إضافة ميزتي الراحة والسرعة لخصوصيات التكنولوجيا المفيدة والضرورية.

هو إذن واقع عشناه وحقيقة وقفنا عليها أثناء تغطيتنا للحملة الانتخابية لرئاسيات 2014 عبر ولايات الجزائر الـ48، لنسجل شهادتنا على كرم التكنولوجيا الحديثة التي تجوب على الإنسان بكراماتها اللامتناهية، وتترك في النفوس التي تنحني أمام عظمتها، إيماءات العجب والحيرة من عالم غريب، يجعلك في كل مرحلة من مراحل حياتك، في سباق مع الوجود، مجبَر أنت على خوضه باستحقاق؛ لأنك إن غفلت عنه تجد نفسك اليوم متقدما عن الأمس، لكنك وفي نفس اليوم أنت متخلف عن غدك، بسبب ما يحمله من تطورات تستدعي تحيين معارفك حول التكنولوجيا بصفة مستمرة، من دون انقطاع..