أدار ظهره للشعب الفرنسي
روتايو يقود حملة شعواء لتغذية "الإسلاموفوبيا"

- 233

يبدو أنّ وزير الداخلية روتايو لا يأبه لغضب الشارع الفرنسي الذي خرج للتعبير عن رفضه القاطع لسياسته العنصرية، خاصة بعد مقتل شاب مسلم بطريقة مسأوية داخل مسجد، حيث كان ردّ فعله دون مستوى تطلّعات شرائح واسعة من الشعب الفرنسي، الذي دقّ ناقوس الخطر إزاء إفرازات خطابه العدائي المتشبع بأفكار متطرّفة رجعية.
بدل أنّ يتدارك روتايو أخطاءه لإنقاذ النسيج الفرنسي من التفكّك، راح يتلذّذ بشوفينيته بإصراره على إطلاق حملة شعواء ضد الجالية المسلمة تحت غطاء "مكافحة الإسلاموية"، عبر ترؤسه، أمس، بمنطقة نانتير، خلية قدم من خلالها مقترحات لتنسيق عمل أجهزة الدولة لصدّ ما سمّاه بـ«التسلّل الإسلامي"، لإعادة التنظيم الإداري وتعزيز أسباب حلّ الجمعيات.
ولم ينتظر روتايو الذي أدار ظهره لمطالب النخب الفرنسية للكف عن سياسته العنصرية، بداية شهر جوان الداخل، تاريخ الموعد النهائي لتقديم ردود ملموسة للرئيس الفرنسي بعد نشر تقرير حول نشاط ما سمي بجماعة الإخوان المسلمين، فقد استبق المتطرّف الوقت، من أجل تقديم اقتراحاته التي تصبّ في إطار تشجيع ظاهرة الإسلاموفوبيا التي لفظها الشارع الفرنسي عبر مظاهرات غاضبة.
ودعا روتايو إلى إنشاء منظمة معزّزة بالنشاط الاستخباراتي، لتحديد ما سمّاه بـ«النظم البيئية الإسلامية" المكوّنة من الجمعيات أو الشركات أو الأعمال التجارية، كما يقترح أيضا توسيع نطاق أسباب حلّ الجمعيات على الرغم من الانتقادات التي طالت هذا الإجراء .
ويظهر جليا أنّ العلاج النفسي الذي تلقاه وزير الداخلية الفرنسي في مستشفى بباريس، لم ينجح في إحجام هوسه، حيث فضّل أن يمضي بسياسته العدائية قدما دون الأخذ في الحسبان، ما ستنجر عنها من عواقب.
وإذا كان روتايو يعتقد أن تدابيره المقترحة من شأنها كبح جماح شرائح واسعة من عناصر الجاليات الأجنبية في بلاده، ومن ثمّ إيجاد حجج لطردهم من فرنسا، فإن ذلك سينقلب عليه لا محالة، باعتبار أن هذه الجالية شكّلت منذ عقود، ركيزة أساسية في النسيج الاجتماعي والمعادلة السياسية والاقتصادية في فرنسا.
من جهة أخرى، يبدو أنّ الرئيس الفرنسي مازال مكبّلا بإملاءات وزير داخليته، في ظل انحراف النقاش العام إلى جدالات عقيمة حول الهجرة والإسلام والجزائر، في حين يتمّ تجاهل المخاوف الأساسية للفرنسيين والمتمثلة في القدرة الشرائية المتدهورة والنظام الصحي، فضلا عن تدنّي الخدمات العامة، بسبب القوانين التعسّفية التي أطلقها روتايو.
أما الوزير الأول الفرنسي فمازال يكافح من أجل بقائه عبر التهرّب من الرقابة بسبب تورطه في قضية فساد. وبدل الاهتمام بمشاكل الشعب الفرنسي، فإن هذا الأخير تحوّل إلى كبش فداء، كون اهتمام المتطرّفين الرجعيين يتركز حاليا على الانتخابات الرئاسية لعام 2027، مع توقّع استمرار استفزازت تستهدف الجزائر، على غرار تعقيد عملية تجديد بطاقات الإقامة للجزائريين، غير أنّ الجزائر بالتأكيد لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أي انتهاكات أو معاملة غير عادلة قد يتعرّض لها مواطنوها في فرنسا.