باحثون يشيدون بعبقريته في القيادة
زيغود يوسف.. براعة في الكفاح ورصّ الصف الوطني

- 234

أجمع باحثون في التاريخ، أن الشخصية القيادية التي تمتع بها قائد الولاية التاريخية الثانية، الشهيد البطل زيغود يوسف (1921-1956)، سمحت بتفجير هجومات الشمال القسنطيني يوم 20 أوت 1955، ونجحت ببراعة في تشكيل قوة مكونة من وحدات جيش التحرير الوطني ومن الفدائيين المدنيين من الشّعب.
أوضح الباحثون، أن هذه الشخصية زعزعت الوجود الفرنسي في الجزائر، وساهمت في إدراج القضية الجزائرية ضمن جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
في هذا الصدد، أوضح الأستاذ عبد الله بوخلخال (صاحب عدة بحوث حول هذا الشهيد ومدير سابق لجامعة العلوم الإسلامية الأمير عبد القادر بقسنطينة)، أن زيغود يوسف، تميّز بصفات قيادية وشخصية قوية أهلته للتعبئة والكفاح ورصّ الصف الوطني ضد المستعمر الفرنسي، وذلك بعد استشهاد حليفه وقدوته الشهيد ديدوش مراد (1927- جانفي 1955)، أشهرا قبل هجومات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955.
وشرع الشهيد زيغود يوسف، في رصّ الصفوف بين جيش التحرير الوطني والشعب، فباشر بنشر التوعية والتحفيز عبر قرى و مداشر الشمال قسنطيني من أجل الرد العسكري على المستعمر.
زيغود يوسف الذي ولد سنة 1921، ببلدية كوندي سمندو الواقعة شرق الجزائر والتي تحمل اسمه حاليا، نال في مساره الدراسي الشهادة الابتدائية وهي سقف المستوى الذي يسمح به الاستعمار للجزائريين، ثم عمل حدّادا في ريعان شبابه.
وكانت تربطه علاقات جيّدة بالفلاحين، حيث كان يصنع لهم الأدوات اللازمة للعمل مع توصيلها لهم إلى عدة قرى، حيث اكتسب سمعة جيّدة، كما تعرّف على خصوصيات كل منطقة وطرقاتها ومسالكها الجبلية ونمط معيشة سكانها.
من جهته أشار الدكتور أحسن تليلاني (أستاذ باحث بجامعة سكيكدة) أن الشهيد كان ناشطا سياسيا بحزب الشعب الجزائري ثم بحركة انتصار الحريات الديمقراطية، قبل أن يقود مظاهرات 8 ماي 1945 على مستوى قريته، معتبرا أن هذه التجربة جعلت منه ‘’شخصية ذات شعبية كبيرة ومكّنته من التأثير على الجماهير الواسعة’’.
وأرجع الباحث ذاته، سبب نجاح زيغود في التعبئة ضد المستعمر الفرنسي وإشعال الحرب ضده من قبل عناصر جيش التحرير الوطني بالتفاف من الشعب إلى ‘’ثقة المواطنين بقائد منطقة الشمال القسنطيني’’، حيث كانوا يلقّبونه بـ"سيدي احمد"، كما كانوا يشيدون بصفاته كونه ‘’مخططا استراتيجيا ممتازا ومنضبطا حكيما متّزنا وملتزما بالسرية’’، مؤكدا أن هذه المميزات ‘’جعلت الجميع يحترمه وينفذ أوامره’’.
ومن جهته كشف المجاهد موسى بوخميس، الذي كان تحت إمرة هذا البطل في شهادات أدلى بها سابقا، أن هدف زيغود يوسف طيلة حياته كان "تكوين جيل من حديد يلتزم أبناؤه بتعاليم الإسلام ويقدمون التضحيات الجسام من أجل الوطن’’. وذكر المجاهد أنه انضم وعمره 18 سنة إلى المواجهة المسلحة رفقة العديد من المدنيين الذين توافدوا بأعداد كبيرة بعد أن بلغهم نداء زيغود يوسف، مضيفا أن "البلاغة التي كان زيغود يتحدث بها وأسلوبه في الإقناع وثقافته الدينية الواسعة شكّلت حافزا للمجاهدين لتلبية النّداء والتضحية من أجل تحرير الوطن".
وقبل أيام قليلة من شن هجومات 20 أوت 1955، توجه زيغود يوسف إلى مزرعة عائلة بوخلخال الواقعة في المكان المسمى "كاف لكحل" (حي جبل الوحش شمال قسنطينة حاليا)، حيث باشر لقاءاته بالفدائيين وحثّهم على العمل على الانعتاق والتخلّص من براثن الاستعمار، وعلى حب الوطن وفدائه بالرّوح، ما تجسّد على أرض الواقع بفضل هذا الشهيد البطل والملايين من الشهداء الذين سقطوا في ميدان الوغى.