دعا فرنسا لتحمّل مسؤوليتها الكاملة عن الجريمة.. بوغالي:

صفحة التفجيرات النووية لن تطوى دون محاسبة واعتراف

صفحة التفجيرات النووية لن تطوى دون محاسبة واعتراف
رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي
  • 196
زين الدين زديغة زين الدين زديغة

❊ الدعوة إلى إعادة فتح ملف تجريم الاستعمار

❊ الاعتراف لا بد أن يكون رسميا بمسؤولية كاملة لا سياسيا باهتا

❊ إنصاف ضحايا التفجيرات وعائلاتهم حسب حجم المأساة التي عايشوها

❊ تطهير الأراضي الملوّثة بالإشعاعات والنفايات النووية وتسليم أرشيف المواقع

❊ تجريم الاستعمار نابع من ضرورة إقامة المسؤولية التاريخية والوفاء للذاكرة

❊ لا يجوز لفرنسا التملّص من مسؤوليتها عبر محاولاتها الالتفاف وتجاهل الحقائق

❊ قانون "موران" لتعويض ضحايا التفجيرات محاولة مليئة بالمغالطات وبيع الأوهام

❊ فرنسا تؤكّد إصرارها على إنكار وتجاهل مطالب الشعب الجزائري المشروعة

❊ الجزائر متمسّكة بمطالبها المشروعة ولن تقبل بأن يعامل ضحاياها كأرقام

❊ رفض التدخّلات الخارجية والاحترام المتبادل أساس التعاون والتضامن الدولي

دعا رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، أول أمس، فرنسا إلى الاعتراف الرسمي بمسؤوليتها الكاملة عن جرائمها النووية في صحراء الجزائر، وتطهير الأراضي الملوّثة بالإشعاعات والنفايات الناتجة عنها، مشدّدا على أن الجزائر "لن تقبل أبدا أن تطوى هذه الصفحة دون محاسبة، ولن تقبل أن تبقى هذه الجريمة دون اعتراف".

قال بوغالي، في كلمة له خلال افتتاح أشغال اليوم الدراسي المنظم من طرف المجلس بالمركز الدولي للمؤتمرات، "عبد اللطيف رحال"، بالعاصمة، حول موضوع "التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر: جريمة ضد الإنسان والبيئة"، بحضور أعضاء من الطاقم الحكومي وأفراد من السلك الدبلوماسي ومؤرّخين وقانونيين، "إن فرنسا يتعين عليها الاعتراف الرسمي بمسؤوليتها الكاملة عن هذه الجرائم النووية، لا مجرد اعتراف سياسي باهت، بل اعتراف يتبعه التزام أخلاقي واضح"، ولفت إلى أنه يتوجب عليها أيضا "إنصاف ضحايا التفجيرات النووية وعائلاتهم بما يتناسب مع حجم المأساة التي عايشوها، وضمان حقّ أبناء الجزائر المشروع في العدالة"، وكذا "تحمّل مسؤوليتها في تطهير الأراضي الملوّثة بالإشعاعات والنفايات النووية، وتسليم الجزائر الأرشيف الكامل لمواقع التجارب حتى يتمكّن خبراؤنا من تقييم الأضرار واتخاذ الإجراءات الملائمة بشأنها"، مشدّدا على أن مخلّفات هذه التفجيرات النووية "لا بد أن تضع فرنسا أمام مسؤوليتها الكاملة".

وذكر رئيس المجلس، بأن "تجريم الاستعمار نابع من ضرورة إقامة المسؤولية التاريخية والوفاء للذاكرة وتكريم الشهداء والضحايا وتجريم الممارسات غير القابلة للتقادم، والتأكيد على أهمية احترام حقوق الإنسان ورفض كل أشكال الهيمنة والاستغلال والدعوة الصريحة إلى قراءة صحيحة للتاريخ"، وأضاف بأن هذه الصفحة المظلمة من التاريخ الاستعماري البغيض التي لا تزال تلقي بظلالها، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تطوى دون أن تتحمّل فرنسا مسؤولياتها التاريخية والقانونية عن الكوارث التي خلفتها تلك التفجيرات، قائلا في هذا الصدد "لا يجوز لفرنسا أن تتملص من هذه المسؤولية عبر محاولاتها العبثية للالتفاف على الموضوع وتجاهل الحقائق". ويرى بوغالي أن "لجوء فرنسا إلى إصدار قانون يفترض أن يهدف لتعويض ضحايا التفجيرات النووية لا يعدو يكون محاولة سطحية مليئة بالمغالطات وبيع الأوهام، وهو لا يلزم سوى صائغيه، كونه يتجاهل تفجيرات منطقتي رقان وإن ايكر ويضع شروطا تعجيزية للتعويض، معتبرا هذا القانون "تأكيد مرة أخرى لإصرار فرنسا على إنكار وتجاهل مطالب الشعب الجزائري المشروعة".

وجدّد المسؤول البرلماني، التأكيد على أن "الجزائر المستقلة، القوية بحقّها، متمسّكة بمطالبها المشروعة ولن تتنكّر لتضحيات أبنائها ولن تسمح بأن تنسى، ولن تقبل بأن يعامل شهداؤنا وضحايانا كأرقام في تقارير صامتة"، وتابع أنها "ماضية بخطى ثابتة وإرادة لا تلين نحو تحقيق تقدّم شامل في جميع المجالات، بعد أن استكملت بناء مؤسّساتها الدستورية في إطار الديمقراطية وحرية اختيار الشعب لممثليه"، مشدّدا على أن الجزائر "متمسّكة بسيادتها الكاملة في رسم سياستها الخارجية، المستندة إلى المبادئ التاريخية الثابتة لثورتنا المجيدة، رافضة بشدة أي تدخّل أو ضغوط خارجية، ومتّخذة من الحوار والاحترام المتبادل أساسا للتعاون والتضامن الدولي".

في ذات السياق، أبرز بوغالي أن الجزائر "ترفض كل أشكال الاستفزازات التي تحاول بعض الأطراف المتطرّفة زرعها وتغذيتها لزيادة التوترات والاحتقان، وفي نفس الوقت، تشيد وتحيي مواقف الأحرار الذين يدافعون عن الحقّ والعدالة ويؤمنون بتعايش الشعوب".

وعرج رئيس المجلس، على عمليات تطهير الشريط الحدودي من الألغام التي خلّفها الاحتلال، حيث أثنى على "الجهود الجبّارة التي بذلها الجيش الوطني الشعبي، في تطهير أرضنا من الألغام التي زرعها الاحتلال الفرنسي في الشريط الحدودي، والتي كانت تحصد أرواح عديد أبناء الجزائر يوميا"، واقترح تخصيص يوم عالمي لضحايا التفجيرات النووية، يتزامن مع يوم 13 فيفري ليكون بمثابة "تذكير دائم بمعاناة الضحايا، ولتسليط الضوء على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم البشعة". كما اقترح تنظيم ندوة برلمانية دولية حول هذه القضية الهامة، لتبادل الخبرات والتجارب وبحث السبل القانونية لدعم الضحايا وتحقيق العدالة لهم، داعيا برلمانيي العالم والدول التي عانت من ويلات الاستعمار والتفجيرات النووية، لتوحيد الجهود حول هذه القضية. الشائكة

وفي تصريح له على هامش اليوم الدراسي، أعلن رئيس المجلس الشعبي الوطني، بأن المجلس سيقوم بفتح ملف تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، قائلا في هذا الصدد بأنه "نزولا عند المطلب الشعبي في الجزائر سيتم فتح ملف تجريم الاستعمار في المجلس الشعبي الوطني وسيأخذ مساره الطبيعي"، مؤكدا أن المجلس "سيرافع من أجل الدفاع عن الشهداء وحقوق ضحايا التفجيرات النووية".

زغيدي: لن نتنازل عن ذرة واحدة من ذاكرتنا وأرشيفنا

من جهته، شدّد المؤرخ وعضو لجنة الذاكرة الجزائرية الفرنسية، محمد لحسن زغيدي، في مداخلته على "عدم التنازل عن ذرة واحدة من ذاكرتنا وأرشيفنا"، وهو ما تمّ العمل عليه، حيث تم تحقيق قفزة في هذا الإطار بالحصول على 2 مليون وثيقة في إطار عمل اللجنة، ولا يزال هناك الكثير، واعتبر بأن هذا العمل كان بمثابة شرارة أوقدت الحرب الدائرة ضد الجزائر من طرف اليمين المتطرّف الفرنسي، مشيرا إلى أن الوجود الفرنسي في الجزائر اختتم بجريمتين، الأولى زرع الألغام على الحدود الشرقية والغربية للبلاد والأخرى الجريمة الكبرى التي لا زالت أثارها قائمة جراء التفجيرات النووية في الصحراء.

بدوره، ذكر المؤرّخ وعضو لجنة الذاكرة الجزائرية الفرنسية، جمال يحياوي، في مداخلته بأن "فرنسا تعاني من عقدة الانهزام"، ورغم المآسي ودخولها نادي الدول النووية إلا أنها لم ولن تتخلص من هذه العقدة، فيما قال عمار منصوري، الباحث في التفجيرات النووية وعضو سابق في الوكالة الوطنية للطاقة الذرية، في مداخلته التي عنونها بـ«النفايات النووية.. الإرث الفرنسي المسموم في صحرائنا"، إن الجريمة النووية مستمرة وهي عابرة للزمان، معتبرا إياها جريمة كونية.

الدعوة إلى سنّ قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي

وأوصى المشاركون في ختام اليوم الدراسي بسنّ قانون يجرم الاستعمار ويلزم فرنسا بالاعتراف بمسؤوليتها عن جرائمها في حقّ الشعب الجزائري، بما في ذلك الإبادة الجماعية والتفجيرات النووية، فضلا عن فتح المجال للمساءلة الجزائية والمدنية. كما تم التأكيد على ضرورة العمل من أجل "الضغط على فرنسا لإجبارها على تقديم التعويضات والاعتراف بجرائمها مع تشجيع الضحايا وذويهم على رفع دعاوى أمام المحاكم الدولية والمطالبة بتعويضات عادلة جراء الأضرار التي لحقت بهم".وتضمّنت التوصيات الدعوة إلى توثيق الشهادات الحية للمجاهدين والسكان الذين عايشوا فترة التفجيرات النووية وإدراجها في الأرشيف الوطني، فضلا عن "إنشاء مركز وطني للذاكرة النووية يعنى بدراسة الآثار البيئية والصحية لهذه التفجيرات". وإدراج ملف التفجيرات النووية في المناهج التعليمية وتعزيز النقاش العلمي والتاريخي حول الموضوع، ودعم المشاريع السينمائية والعلمية التي تنقل معاناة الضحايا وتأثير هذه التفجيرات على الإنسان والبيئة.

❊ زين الدين زديغة


التفجيرات النووية الفرنسية بالجزائر:

30 منظمة دولية تطالب باريس بالاعتراف بجرائمها

طالبت 30 منظمة دولية الدولة الفرنسية بالاعتراف الكامل بالجرائم النووية التي ارتكبت في الجزائر ورفع السرية عن جميع الوثائق المتعلقة بالتجارب النووية وتحديد مواقع النفايات المشعّة وتنظيف المناطق الملوّثة، مع ضمان حصول الضحايا على الرعاية الصحية المناسبة والتعويضات العادلة.

كريمة. ت

جاء ذلك في بيان مشترك لهذه المنظمات التي تمثل المجتمعات المتضرّرة والشعوب الأصلية والمدافعين عن حظر الأسلحة النووية وحماية البيئة وحقوق الإنسان وتعزيز السلام، بمناسبة الذكرى 65 لأول تجربة نووية أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية بتاريخ 13 فيفري 1960. وتهدف هذه المنظمات، من خلال البيان الذي يأتي بدعوة من منظمة شعاع لحقوق الإنسان، للمطالبة بتحقيق العدالة من أجل إنهاء هذا الفصل المؤلم من التاريخ وضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي في المستقبل، خاصة وأن هذه الكارثة الإنسانية والبيئية الجسيمة، ما زالت تداعياتها تلقي بظلالها الثقيلة على الأجيال الحالية والقادمة.

وطالبت المنظمات فرنسا برفع السرية عن جميع الملفات المتعلقة بالتجارب النووية، بما في ذلك مواقع دفن النفايات النووية والكف عن التستر خلف مبررات "الأمن الوطني" وضمان وصول الجزائر إلى المعلومات الدقيقة حول المناطق الملوّثة، مشدّدة على ضرورة تسليم فرنسا نسخة من أرشيفها للجزائر.

كما طالبت المنظمات، باريس بالتوقيع والتصديق على "معاهدة حظر الأسلحة النووية"، كخطوة تعكس حسن النية في معالجة الآثار الكارثية لهذه التجارب وضمان إحقاق الحقيقة والعدالة للسكان المتضرّرين". وأكد ذات المصدر أن الانفجار النووي الفرنسي في الصحراء الجزائرية لم يكن حدثا معزولا، بل كان بداية لسلسلة من 16 انفجارا نوويا متتالية، من بينها 11 انفجارا نفذت بعد اتفاقيات إيفيان في 19 مارس 1962، والتي أقرت استقلال الجزائر. وأبرز في هذا الصدد أن 17 انفجارا نوويا بالإضافة إلى 40 انفجارا نوويا تكميليا مع انتشار البلوتونيوم (التجارب دون الحرجة Pollen وAugias)، خلفت إرثا مأساويا من التلوّث الإشعاعي واسع النطاق وأضرارا جسيمة على صحة السكان المحليين في المناطق المتضرّرة.

وعلى الرغم من مرور عقود من الزمن، تضيف المنظمات، "لا تزال آثار هذه التجارب قائمة، حيث تشهد المناطق المتضررة ارتفاعا مقلقا في معدلات الإصابة بالسرطان والأمراض التنفسية المزمنة، إلى جانب التدهور البيئي المستمر، الذي أثر بشدة على الموارد الطبيعية وعطل سبل العيش وأضعف النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمجتمعات المحلية". كما أشارت إلى أن آثار هذه الانفجارات تجاوزت الأضرار الصحية والبيئية لتشمل الانعكاسات النفسية والاجتماعية التي عانى منها السكان لعقود.

ومن أهم المنظمات الموقعة على البيان، "شعاع لحقوق الإنسان"، الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية– مكتب فرنسا، مرصد التسلّح، مركز توثيق وأبحاث السلام والصراعات، العمل ضد العنف المسلح، معهد أكرويم لنزع السلاح، المجتمع المدني الكونغولي في جنوب إفريقيا، "كن إنسانا"، المكتب الدولي للسلام، الأطباء الدوليون لمنع الحرب النووية، رابطة النساء الدولية للسلام والحرية وجامعة برادفورد – قسم دراسات السلام والتنمية الدولية.

 ❊ كريمة. ت