الخبير أحمد كروش مثمنا تكليف الجيش بنقل المعدات الطبية:
ظهور القرصنة يدل على أن كورونا كسرت القوانين الدولية
- 870
أكد الخبير الأمني أحمد كروش في تصريح لـ"المساء"، أن ظاهرة قرصنة المعدات الطبية الموجهة لمكافحة وباء كورونا والوقاية منه، ضربت قوانين الملاحة البحرية والجوية الدولية عرض الحائط وأسقطت جميع الواجهات القانونية التي طالما تشدقت بها دول تصف نفسها بأنها ديمقراطية وراعية لحقوق الإنسان، الأمر الذي دعا الجزائر، حسبه، إلى التعامل بواقعية وصرامة في نقل شحناتها السابقة والمبرمجة من المعدات الطبية من الصين نحو الجزائر، وذلك من خلال الإشراف الكامل للجيش الوطني الشعبي على هذه المهمة، ضمانا لوصول المعدات وحمايتها، بحكم أن الطائرات العسكرية تمثل سيادة الدولة ولا يمكن تفتيشها بالمطارات الدولية عندما تحط للتزود بالوقود أو للمعاينة التقينة.
ويعود السيد كروش الذي شغل مهمة بالقرن الافريقي في إطار بعثة الأمم المتحدة للسلام، بالحديث عن القرصنة في زمن كورونا، بالقول إن "هذا الوباء لم يصب الجهاز التنفسي للكائن البشري فحسب، بل امتد أيضا للنظام الدولي القائم، بعد أن كشف هشاشته وافتقاده للأخلاق"، مضيفا أن "ما كان يتغنى به من تضامن دولي هو في الحقيقة وهم وشعارات، تستعملها الدول القوية من أجل نهب أموال الشعوب الضعيفة".
وقال محدثنا في نفس السياق، إن "تلك الدول التي كانت تزعم بأنها متأهبة لتجهيز أساطيلها البحرية والجوية ونقل آلاف الجنود من أجل أن تدافع عن الديمقراطية المزعومة للشعوب الضعيفة وتوهم هذه الأخيرة بأنها تضحي من أجلها بتحريرها من حكامها، فضحتها أزمه "كوفيد 19"، حيث أغلقت الحدود وطردت كل الجاليات التي كانت تعيش على أراضيها وأصدرت قوانين تجرم بيع مواد الطبية و الوقائية وحتى المواد الصناعية والغذائية الاستراتيجية لدول أخرى". وأضاف أن "المؤسف أن هذا التصرف صدر من دول عظمى تتمتع بحق الفيتو في مجلس الأمن، وهذا التصرف لم يكن موجه للدول والشعوب الضعيفة فحسب، بل إلى دول تعتبر شريكة لها في أحلاف واتحادات وتعاقدات عسكرية وتجارية وسياسية كالاتحاد الأوروبي..".
واستشهد السيد كروش، في هذا الصدد، بحالة العزلة التي عاشتها إيطاليا، "حيث أغلقت مختلف الدول الأوروبية حدودها في وجهها ولم تقدم لها أدنى المساعدات وترك الشعب الإيطالي وحيدا يواجه مصيره بنفسه"، مضيفا بأن الأمور زادت تعقيدا بالنسبة لدول كإيطاليا، التي تحالف عليها غلق الأبواب أمامها واشتداد الوباء، ثم بعدها قرصنة المواد الطبية والوقائية الموجهة لها في عرض البحر وفي مدرجات المطارات.
وذكر بمختلف الحوادث المماثلة التي حصلت في الفترة الأخيرة، وما صاحبها من اتهامات متبادلة بين دول تتهم بعضها البعض بقرصنة المواد الطبية، "على غرار ما وقع مع تونس وإيطاليا، وكذلك الولايات المتحدة التي زايدت عن ثمن البضاعة التي اشترتها تونس وحولتها إلى أراضيها، وشكوى ألمانيا حول اختفاء شحنات من الكمامات في مطار نيروبي بكينيا، واتهام إيطاليا دولة تشيكيا بسرقة مواد طبية في مطارها، حتى أصبحت الدول تشتم رائحة المواد المطهرة والكمامات وأجهزة التنفس، لتستولي عليها خارج كل عمل أخلاقي أو ما يسمى بالقانون الدولي".
وبرأي الخبير فإن "مرض كورونا أعاد معه أمراض كان يعيشها المجتمع الدولي في غابر الأزمان والعصور كعمليات القرصنة، التي ظهرت مع ظهور الملاحة البحرية، ثم عادت للظهور في العقدين الماضيين في خليج عدن وبحر العرب كنشاط إجرامي تمارسه جماعات صومالية تابعة لأمراء الحرب هناك، قبل أن يضيف بأنه "خلال هذه الفترة الأخيرة تحالفت الدول من أجل حماية مراكبها، لكن الآن من يحمي المراكب والطائرات من عمليات القرصنة بعدما امتهنت الدول عمليات القرصنة في أعالي البحار وعلى مدرجات المطارات"ـ ليخلص إلى القول أن "كورونا كشفت ضعف جسم الإنسان وكشفت أيضا ضعف القوانين الدولية، التي أصبحت كالمساحيق الوهمية تجمل وجه العالم فقط".
وبخصوص الإشراف الكامل لقوات الجيش الوطني الشعبي على رحلات نقل المعدات الطبية من الصين، وبرمجة علميات أخرى مستقبلا، قال السيد كروش إن لجوء الجزائر إلى إرسال طائرات عسكرية إلى الصين من أجل نقل مواد وقائية من وباء كورونا يعود لسببين أساسيين، يتعلق الأول، بمساهمة الجيش الوطني الشعبي في المجهود الوطني لمحاربة جائحة كورونا، وحرصه الدائم على أن يكون في الصف الأول، كلما تطلب الواجب الوطني ذلك، حيث ذكر في هذا السياق، بتصريحات اللواء سعيد شنقريحة رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي بالنيابة، التي اكد من خلالها أن إمكانيات الجيش الطبية البشرية والمادية جاهزة ومسخرة لدعم الجهود الوطنية للقضاء على الوباء.
أما السبب الثاني، فيتعلق، حسب محدثنا، بحرص الدولة على حماية المعدات الطبية والوقائية من ظاهرة القرصنة والسهر على إيصالها في حفظ وصون. ولفت في هذا الصدد إلى أن الجزائر استعملت لنقل هذه المواد الطائرات العسكرية، من أجل تفادي أي تعدي على هذه الشحنات، على اعتبار أن الطائرات العسكرية تمتاز بحماية أكبر، كونها تمثل سيادة الدولة التي تحمل علمها، ولا يمكن تفتيشها أو الصعود إليها في المطارات التي تنزل بها من أجل التزود بالوقود أو من أجل إجراء أعمال فنية على أرض الدولة المضيفة. و«بالتالي فالطائرة العسكرية هي أضمن الوسائل لإيصال الشحنات دون سرقتها أو تحويلها، لا سيما في ظل إثبات أطقمها لكفاءة عالية وقدرة على تحمل المسؤولية وتنفيذ المهمة كاملة في ظرف قياسي.