مؤتمر القاضيات في الوطن العربي بالقاهرة

عرض التجربة الجزائرية في مجال حقوق المرأة القاضية

عرض التجربة الجزائرية في مجال حقوق المرأة القاضية
  • القراءات: 2599 مرات
كانت التجربة الجزائرية في مجال حقوق المرأة القاضية ومسار القاضيات الجزائريات محل تنويه من طرف المشاركات في مؤتمر "القاضيات في الوطن العربي: تحديات، عقبات وإنجازات، "الذي تواصل بالقاهرة امس، وينظم هذا المؤتمر من طرف منظمة المرأة العربية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بحضور رئيسة مجلس الدولة، السيدة سمية عبد الصدوق، واثار العرض الذي قدمته رئيسة مجلس الدولة نقاشا حول التجربة الجزائرية، حيث يلخص التدخل مجمل هذه التجربة على الصعيد التشريعي - الدساتير والقوانين - وكذا على صعيد الواقع.
وقالت السيد سمية عبد الصدوق إن الدساتير الجزائرية كلها كرست مبدأ المساواة بين المراة والرجل أمام القانون وعدم التمييز فضلا عن ذلك أوجد الدستور المعدل في 2008 آليات قانونية لترقية حقوق المرأة وتفعيل مشاركتها في المجال السياسي والشان العام من خلال استحداث عدة مؤسسات تسهر على ترقية حقوق المرأة، وفي مجال القضاء قالت رئيسة مجلس الدولة في مداخلتها أنه طبقا للدستور، فإن القانون الاساسي للقضاء والقانون العضوي المتعلق بالمجلس الاعلى للقضاء يضمن حق المساواة مما يمكن المراة القاضية من تقلد المناصب في كل هيكل سلك القضاء. وعددت رئيسة مجلس الدولة عوامل أخرى ساعدت المرأة الجزائرية على تقلد مناصب عليا في هرم القضاء منها مشاركتها وإصرارها على التحدي إبان العشرية السوداء وعدم استسلامها رغم التضحيات الجسام التي قدمتها وكذا وجود إرادة سياسية للنهوض بالمرأة من خلال النصوص القانونية المكرسة لحقوقها وبفضل الاصلاحات التي عرفتها الجزائر ولاسيما إصلاح العدالة.
كما نوهت رئيسة مجلس الدولة بدور المؤسسة التعليمية والتربوية والمؤسسات الثقافية الجزائرية في نشر التعليم في الأوساط النسوية وإشاعة ثقافة المساواة بين المرأة والرجل وهو الدور الذي عززته أكثر جمعيات المجتمع المدني والنقابات والإعلام ولا سيما في مجال التوعية والدفاع عن حقوق المرأة وترقية حقوقها ومسح الصورة النمطية القديمة عن المرأة وتقديم نماذج نسائية ناجحة للاقتداء بهن في المجتمع. وأوضحت أن هذه من بين العوامل التي ساعدت المرأة بصفة عامة والمرأة القاضية خاصة أن تتبوأ هذه المكانة وتتقلد مناصب عليا في الهرم القضائي وفي الجهات القضائية المختلفة وكذا داخل الادارة المركزية  ونقابة القضاة والمجلس الاعلى للقضاء والمجلس الدستوري وحتى على  المستوى الدولي في لجان لدى هيئة الامم المتحدة.
وأوردت رئيسة مجلس الدولة أمثلة ميدانية على تواجد المرأة بهرم  القضاء الجزائري، مشيرة إلى أن جهاز العدالة يعرف في السنوات الاخيرة وبعد إصلاحه تواجدا مكثفا للمراة إذ أن من بين 5384 قاضيا يوجد 2274 قاضية أي بنسبة تفوق 42 بالمائة ولفتت إلى أن من بين القاضيات رئيسات للمحاكم ووكيلات جمهورية مساعدات. وأضافت أن المجالس القضائية تدعمت بخمس نساء رئيسات مجالس مشيرة إلى أنه ولاول مرة منذ استقلال الجزائر تم تعيين امرأة نائبا عاما لدى مجلس قضائي (بومرداس)، كما قالت إن تواجد المرأة في المحكمة العليا ومجلس الدولة لا يقل أهمية عن تواجدها المكثف في المحاكم والمجلس القضائية اذ تمثل اكثر من نصف المستشارين لدى مجلس الدولة، حيث من ضمن مجموع أعضاء المجلس الـ41 توجد 24 مستشارة منهن العديد في مناصب مسؤولية.
وخلصت السيدة عبد الصدوق إلى الإشارة إلى أن المرأة القاضية في الجزائر متواجدة في كل الجهات القضائية على مختلف مناصب المسؤولية من المحكمة الابتدائية إلى المحكمة العليا فضلا عن تواجدها بكثافة في المهن المساعدة إذ أن 66 بالمائة من كتاب الضبط نساء و60 بالمائة  في المحاماة مشيرة الى ان تواجد المراة في مناصب المسؤوليات بالجزائر لا يقتصر فقط على القضاء بل هن يمثلن الاغلبية في قطاع الصحة وفي التعليم على سبيل الذكر.   اما السيدة زبيدة عسول محامية وناشطة في الشبكة القانونية للنساء العربيات ،فاشارت الى ان تواجد المرأة في القضاء بالجزائر هو تواجد تقليدي بدأ منذ 1963  لكن  التغيير الذي حصل الان هو ان النسبة  تضاعفت بشكل كبير جدا جعلت الجزائر في صدارة الدول العربية، وتوقعت ان تقارب نسبة النساء في القضاء نسبة الرجال خلال الفترة المقبلة  بالنظر الى ان عدد الطالبات  المتواجدات حاليا بالمدرسة العليا للقضاء يمثلن نحو 50 بالمائة من مجموع الطلبة بهذه المدرسة.
وعزت نجاح المرأة في الوصول إلى مناصب القضاء إلى اعتماد الدولة آلية المسابقات للنجاح وهو ما مكن المرأة من إثبات كفاءتها عكس آلية "الكوطة" أو القرار السياسي المتبع في دول اخرى والذي له عوائق وسلبيات، مضيفة أن هناك العديد من الدول العربية تحاول فهم التجربة الجزائرية ودراستها والاخذ بها كنموذج لمحاولة إقناع الجهات السياسية لاعتماد نفس الاليات في هذا المجال، مشيرة إلى أن كل المشاركات في المؤتمر الذي ضم قاضيات من 11 دولة عربية معجبات بالتجربة الجزائرية واعتبرنها بمثابة قدوة  كن الاستفادة منها.  ولفتت إلى أن التجربة الجزائرية مبنية على محورين أساسيين هما أولا الجانب التشريعي، حيث أن الدستور الجزائري يكرس مبدأ المساواة وعدم التمييز ومبدأ تكافؤ الفرص بين المراة والرجل وثانيا وجود ارادة سياسية لتجسيد هذه المبادئ على أرض الواقع وترقية حقوق المراة من خلال ترسانة من القوانين التنفيذية وهنا الفرق بيننا وبين دول أخرى كرست دساتيرها مبادئ المساواة وعدم التمييز.
وأكدت السيدة عسول أن تكريس الحق في القانون أساسي ولكن وجود الارادة السياسية أمر ضروري فضلا عن نضال النساء ودور الاعلام في عرض التجارب الناجحة والترويج لها وهي من الحوافز المكملة.  وكان المؤتمر الذي يدوم يومين قد افتتح أمس من طرف وزير العدل المصري ويهدف إلى تسليط الضوء على الوضع الحالي والمستقبلي للقاضيات في الوطن العربي والتحديات التي تواجههن كما يتناول الإنجازات المحققة في هذا المجال.