"المساء" تنشر مشروع قانون مكافحة المضاربة

عقوبات تصل إلى 30 سنة سجنا والمؤبد للمضاربين بالمواد الأساسية

عقوبات تصل إلى 30 سنة سجنا والمؤبد للمضاربين بالمواد الأساسية
  • القراءات: 1066
شريفة عابد شريفة عابد

❊ حق تفتيش سكنات التجار ليلا ونهارا

❊ شطب المضاربين المحترفين من السجل التجاري

❊ افتعال ندرة الحبوب والبقول والخضر والزيت والسكر والأدوية محرمة على المضاربين

تضمن مشروع القانون الخاص بمكافحة المضاربة، غير المشروعة، الذي حصلت "المساء" على نسخة منه، تدابير صارمة لحماية المواد الاستهلاكية الاستراتيجية والأدوية من تلاعبات التجار الجشعين وحماية للقدرة الشرائية للمواطن، حيث تصل العقوبات المقترحة ضد المضاربين ومفتعلي الندرة سيما الحبوب والبقوليات والخضر والأدوية بنية رفع أسعارها، إلى 30 سنة سجنا وخاصة في حال ارتكبت المضاربة خلال المناسبات والأعياد والأزمات الصحية والكوارث الطبيعية. وتشدّد هذه العقوبة إلى المؤبد وغرامات مالية باهظة في حال ارتكب الجرم من طرف جماعة إجرامية، مع غلق محلات أصحابها وشطبهم من السجل التجاري.

كما رخص مشرع القانون بتفتيش مساكن التجار المضاربين ليلا ونهارا وفي أي ساعة ردعا للمضاربين وحجز سلعهم. وأسهب مشروع نصّ القانون في ديباجته، في سرد الأسباب التي دفعت السلطات العمومية إلى إصدار قانون خاص بمكافحة جريمة المضاربة، بقناعة أن الدولة من مسؤوليتها حماية الحقوق الاقتصادية للمواطنين والحفاظ على صحة وسلامة وأمن المستهلكين، بموجب المادة 62 من الدستور". وعدّد المشرع الأسباب التي حملت السلطات العمومية على صياغة نص مشروع قانون لمكافحة المضاربة غير المشروعة، بناء على أمرية أصدرها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مؤكدا أن هذه الجريمة تسببت في ندرة مفتعلة من طرف مضاربين مسّت تموين السوق بمختلف السلع والمواد الاستهلاكية الأساسية وتأثيراتها السلبية على الاستقرار المجتمعي، بدافع الربح فقط. وأضاف الرئيس في وقت سابق أن جشع المجرمين وصل إلى حد الاستثمار في مواد حيوية بما فيها الأكسجين الطبي الضروري لحياة المرضى "كوفيد ـ 19"، ما عرض حياة المواطنين لخطر الموت خلال الصائفة الماضية.

وتضمن مشروع القانون 25 مادة، موزعة على خمسة فصول، تناول فصله الأول تعريف فعل المضاربة الغير مشروعة و الندرة، بينما حدد الفصل الثاني، آليات مكافحتها من خلال تحديد دور الدولة والجماعات المحلية حيث تم أيضا إشراك المجتمع المدني والإعلام في التصدي والتحسيس ضد هذه الآفة التي أصبحت تهدّد الاستقرار الاجتماعي. وحدّد الفصل الثالث، القواعد الإجرائية لمكافحة فعل المضاربة غير المشروعة، مع توسيع حق التأسيس كطرف مدني للتعويض عن هذه الجريمة إلى جمعيات حماية المستهلك وكل شخص متضرر منها، بينما تناول تناولت مواد الفصل الرابع، الأحكام الجزائية التي تجرم أفعال المضاربة غير المشروعة بمختلف أشكالها، وأقر لها عقوبات سالبة للحرية تصل إلى السجن المؤبد، والغرامة التي تصل إلى 2 مليار سنتيم حسب خطورة الجرم وظروف ارتكابه. وتقع المسؤولية الجزائية أيضا على الشخص المعنوي، بينما ألغى مشروع النص المواد 172 و173 و174 من قانون العقوبات.

وعرّفت المادة الثانية من مشروع القانون الجديد المضاربة غير المشروعة بـ"كل تخزين أو إخفاء للسلع أو البضائع بهدف إحداث ندرة في السوق أو اضطراب في التموين، وكل رفع أو خفض مصطنع في أسعار السلع أو البضائع أو الأوراق المالية بطرق مباشرة أو غير مباشرة أو عن طريق وسيط أو باستعمال الوسائل الإلكترونية أو أي طريق أو وسائل احتيالية أخرى". واعتبرت المادة، أن "ترويج أخبار كاذبة أو مغلوطة أو مغرضة عمدا وسط الجمهور بقصد إحداث اضطراب في السوق ورفع الأسعار بطريقة مباغتة غير مشروعة في السوق في خانة الجرم المعاقب عليه". وتشمل المضاربة غير المشروعة حسب نفس المادة، "طرح عروض في السوق بغرض إحداث اضطراب في الأسعار أو في هوامش الربح المحدد قانونا بالإضافة إلى "تقديم عروض بأسعار مرتفعة عن تلك التي كان يطبقها البائعون عادة" زيادة على "القيام بصفة فردية أو جماعية أو بناء على اتفاقيات عملية في السوق بغرض الحصول على ربح غير ناتج عن عملية العرض والطلب" و"استعمال المناورات التي تهدف إلى رفع أو خفض قيمة الأوراق المالية". وعرف مشروع القانون الندرة، بعدم وجود ما يكفي من السلع والبضائع لتلبية احتياجات السكان بسبب زيادة الطلب على العرض".

استراتيجية وطنية تضعها الدولة لمحاربة المضاربة

ونصّت المادة 3 من مشروع القانون على أن الدولة تضع استراتيجية وطنية لمكافحة المضاربة، وضمان التوازن على مستوى السوق، حفاظا على استقرار الأسعار والحد من المضاربة غير المشروعة، وحماية للقدرة الشرائية للمواطنين ومنع استغلال الظروف بغرض الرفع غير المبرر للأسعار ولاسيما المواد الضرورية والمواد ذات الاستهلاك الواسع.

ونصّت المادة 7 على جملة الآليات التي تسخرها الدولة قصد توفير السلع والبضائع في الأسواق من خلال وضع جهاز يقظة وعقلنة الاستهلاك، بالإضافة إلى منع تخزين السلع أو سحبها من السوق من دون مبرر من أجل افتعال الندرة ورفع الأسعار، بالإضافة إلى اتخاذ كل الوسائل لدحض الإشاعات المغرضة بهدف رفع الأسعار.

الجماعات المحلية والمجتمع المدني والإعلام معنيون بالتصدي للمضاربة

ونصّ المشروع على إشراك الجماعات المحلية، في مكافحة المضاربة عبر توفير نقاط بيع للمواد الاستهلاكية الضرورية لذوي الدخل الضعيف خاصة خلال الأعياد والمواسم والظروف الاستثنائية. كما تقوم الجماعات المحلية أيضا بالرصد المبكر لكل أشكال الندرة على المستوى المحلي للمواد الضرورية ذات الاستهلاك الواسع، لدراسة وتحليل وضعية السوق المحلية. ونصّت المادة 6 على المساهمة التي يقوم بها المجتمع المدني وسائل الإعلام في ترقية الثقافة الاستهلاكية وتوعية المواطنين وعقلنة الاستهلاك لعدم الإخلال بقاعدة العرض والطلب. كما يقوم بمراقبة جريمة المضاربة غير الشرعية، ضباط وأعوان الشرطة القضائية والأعوان التابعين للأسلاك الخاصة المكلفة بالمراقبة التابعين لوزارة التجارة والأعوان المؤهلين في إطار المصالح الجبائية.

تحريك الدعوى العمومية من قبل النيابة العامة وشكوى من قبل جمعيات حماية المستهلك

وتحرك الدعوى العمومية تلقائيا من قبل النيابة العامة، حسب المادة 8، كما يمكن لجمعيات حماية المستهلك أن ترفع شكوى لدى الجهات القضائية وتتأسس كطرف مدني. وتخوّل المادة 10 حق تفتيش المحلات السكنية بناء على أذن مسبق من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق المختص خلال كل ساعات اليوم للتأكد من الجرائم الخاصة بالمضاربة.

وفيما يخص العقوبات المقترحة ضد المضاربين، فهي متدرجة حسب درجة الضرر وحساسية المواد التي تمسها الجريمة. ونصت المادة 12 على طبيعة ومدة العقوبات ضد المضاربين والتي تتراوح ما بين 3 و10سنوات وغرامات مالية تتراوح من 100 مليون سنتيم إلى 200 مليون سنتيم ورفعها من 10 إلى 20 سنة وغرامات مالية ما بين 200 مليون سنتيم إلى مليار سنتيم عندما يتعلق الأمر بالمضاربة بالحبوب ومشتقاتها والبقول الجافة والحليب والزيت والسكر والخضر والفواكه والبن والوقود والمواد الصيدلانية، وفق ما نصّت عليه المادة 13. وشدد المشرع من العقوبات في حالة ارتكاب جريمة المضاربة في المواد الواردة في المادة 13، خلال الظروف الاستثنائية والكوارث والأزمات الصحية وخلال تفشي الأوبئة، حيث تصل مدة السجن ما بين 20 سنة إلى 30 سنة وترفع الغرامات المالية من مليار وملياري سنتيم. وتصل العقوبة في حال ارتكاب المضاربة في المواد المنصوص عليها في المادة 13 إلى السجن المؤبد في حال ارتكبت من طرف جماعة وفق منطوق المادة 15.

شطب المضاربين المحترفين من السجل التجاري

ونصّت المواد من 17 إلى المادة 22 على عقوبات متنوعة تنجم عن المضاربة واردة في قانون العقوبات، حيث تصل إلى الشطب النهائي من السجل التجاري. ونصت المادة 17 أنه "يجوز للجهة القضائية في حالة الحكم بالإدانة بإحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، أن تحكم بشطب السجل التجاري للفاعل ومنع ممارسة النشاطات التجارية وفقا للأحكام المنصوص عليها في قانون العقوبات. كما يجوز لها أن تأمر بغلق المحل المستعمل لارتكاب الجريمة ومنع استغلاله لمدة أقصاها سنة واحدة، دون الإخلال بحقوق الغير حسن النية". وتصادر السلطات المعنية في حالة الإدانة، محل الجريمة والوسائل المستعملة في ارتكابها والأموال المتحصلة منها وفق المادة 18.

كما تطال العقوبات المحرضين على جريمة المضاربة بأي وسيلة والشريك حسب المادة 21. ويهدف هذا النص الردعي إلى وضع حد لجريمة المضاربة التي تسببت في إحداث اضطراب اجتماعي والمساس بثقة المواطن، ومن شأنه أيضا ردع الممارسات غير الأخلاقية التي تسببت في موت مواطنين بسبب المضاربة خلال أزمة كورونا، وهزت قدرتهم الشرائية جراء عمليات افتعال الندرة للنهب غير المشروع وغير القانوني.