الخبير الاقتصادي عبد الرحمان عية يحذر من استمرار "العبء الإداري":
عودة الأنشطة التجارية تواجه سلوكيات استهلاكية جديدة

- 887

أكد الخبير وأستاذ الاقتصاد، عبد الرحمان عية، أن الوضع الاقتصادي الراهن يثبت أننا مازلنا مرتبطين بأسعار البترول، في غياب تغيير حقيقي في الممارسات وأهمها "العبء الإداري". وأشار إلى ضرورة إعادة فتح كل الأنشطة التجارية والاقتصادية، معتبرا أن هناك تأخرا في اتخاذ هذا الإجراء، مما أضر بالتجار في غياب آليات تعويض.
وقال الأستاذ عية في تصريحات خص بها "المساء"، إن الاقتصاد الجزائري مازال معتمدا على عائداته من النفط، وبالتالي سيتم انتظار ارتفاعها "ليس بسبب قرارات أوبك، لكن بسبب صناعة الصخري الأمريكية التي ستدفع إلى ارتفاع الأسعار إلى 60 دولارا وأكثر للبرميل من أجل تعويض خسائرها...
ونحن في هذه الحالة، أي ارتفاع الأسعار، يمكننا أن نعود إلى تمويل بعض المشاريع". وأشار إلى أن الممارسات في المجال الاقتصادي مازالت "هي هي" ولم تتغير، معتبرا أن الإشكال الأكبر الذي يبقى مطروحا هو "العبء الإداري" واصفا إياه بـ"أكبر مشكلة في الجزائر".
وبخصوص الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة للعودة التدريجية للنشاطات التجارية، اعتبر محدثنا أن ذلك لابد منه، بل وعبر عن اقتناعه بأن هناك "تأخرا" في اتخاذ القرار، مشددا على ضرورة تحمل الحكومة مسؤولية تعويض التجار الذين توقفوا عن العمل، لكنها - كما قال – "لا تملك آليات لتحديد خسائر لتعوضهم، وهو ما أخر العودة للنشاط". وأضاف معلقا على الإجراءات التي اتخذت مؤخرا، "أن هناك أشياء بقيت مبهمة في تحديد من يفتح ومن لا يفتح محله، لم تكن هناك مبررات حقيقية لعدم الفتح"، حيث أكد أن تحميل المسؤولية للتجار فقط في عدم التزام الزبائن بالقواعد الصحية أمر غير مقبول، باعتبار أن "المسؤولية مشتركة لا يتحملها صاحب المحل فقط".
وعن بدايات عودة الأنشطة التجارية، لاحظ الأستاذ عية أن هناك نوعا من الأنشطة التجارية يتخوف الناس من استئناف التعامل معها، "على غرار المطاعم ومحلات الأكل السريع". وأوضح في هذا الصدد "تحدثت مع عدة أشخاص وقالوا لي إنه من الصعب العودة إلى اقتناء الأكل من الخارج"، على سبيل المثال.
ووفقا لمحدثنا فإن هناك تحليلا اقتصاديا لهذه الظاهرة، يقول أن المدة الزمنية لأي سلوك تلعب دورا في ترسيخه. فمن بين الآثار السلبية لغلق المحلات، خلق سلوكيات جديدة في الاستهلاك. ويشرح ذلك بالقول "الناس مثلا تعودت على عدم الأكل في الخارج خلال فترة الحجر الصحي، واستبدلته بوجبات منزلية. والأكيد أن البعض استحسن الأمر من حيث نوعية الأكل والنظافة".
هو مثال من بين أمثلة متعددة، لخلق سلوكيات استهلاك جديدة في الفترة الماضية، مقابلها لم يقم التجار بأي مجهود للتعاطي بطريق جديدة مع هذا الوضع، مثلما أوضح محدثنا، متأسفا لكون أغلب التجار عندنا "ليس لديهم تكوين في التسويق وجلب الزبائن، لأنه في علم التسويق من العادي أن يغير الإنسان سلوكه، لكن مسير المؤسسة لابد أن تكون لديه آليات للتعاطي، من حيث الجلب التسويقي والبحث عن طرق جديدة، لأن هناك أساليب كثيرة لإعادة جلب الزبائن واستقطابهم، بينما لا يحسن تجارنا سوى البيع والشراء".
وعن سؤالنا حول مدى استفادة البيع عبر الانترنت والتوصيل إلى المنازل، من الأزمة التي مرت بها بلادنا، عبر الأستاذ عية عن اقتناعه بأنه "كانت هناك فرصة لكننا ضيعناها". وأوضح قائلا "حسبما لاحظت كان من المفروض أن تكون التجارة الالكترونية قوية جدا في هذه الفترة، لان كل شيء أصبح يباع عبر الانترنت في العالم.لكن نحن بدأ الأمر جيدا ثم لا أعرف ماذا حدث لتتراجع الظاهرة. ربما ذلك راجع لنقص الثقة في المواقع التي تعرض سلعا للبيع، والتي أرى أنه من المفروض ألا تكون تابعة لأفراد وإنما تكون مؤسسات قائمة بذاتها تضمن نوعية المنتوج والتعويض...إلخ".
وهو ما يعني - كما أضاف – أن هناك عملا كبيرا يجب أن يتم في هذا الاتجاه مستقبلا، لأن تطور هذا النشاط يحتاج لوجود "منصات" لمؤسسات وليس لأفراد، فالتجارة الالكترونية محتاجة لتأطير يضمن للبائع والمشتري حقوقهما.