لا تراجع عن مراجعة سياسة الدعم الشامل.. الوزير الأول:

لا دعم للوسطاء والأثرياء بعد اليوم

لا دعم للوسطاء والأثرياء بعد اليوم
الوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان
  • القراءات: 595
شريفة عابد شريفة عابد

توجيه الدعم لمستحقيه بصفة تدريجية وعبر آلية شفافة

على كل الأطياف السياسية الالتفاف حول برنامج الرئيس

دعا الوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، أمس، جميع الأطياف السياسية للالتفاف حول البرنامج النهضوي للسيد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، "كونه يضمن للجزائر الاستقلال الاقتصادي"، مشددا من جانب آخر، على أنه لا تراجع عن مراجعة سياسة الدعم الشامل وتوجيهه لمستحقيه بشكل تدريجي، عبر آلية وطنية تراعي الأسر المؤهلة. وفي حين أعرب عن رفضه ضم الأشخاص فوق 40 سنة لفئة المستفيدين من منحة البطالة، أبرز بن عبد الرحمان المساعي التي تقوم بها الحكومة لتقليص فاتورة الاستيراد، ووضع حد للحركات المشبوهة لرؤوس الأموال، بهدف تحقيق توازن في الميزان التجاري الذي تراجع عجزه لأول مرة من 10 ملايير دولار إلى 140 مليون دولار، ما بين الفاتح أكتوبر 2020 والفاتح أكتوبر 2021. شدّد الوزير الأول وهو يرد على الأسئلة التي طرحها نواب المجلس الشعبي الوطني خلال 3 أيام من نقاشهم لمشروع قانون المالية 2022، على ضرورة الالتفاف حول البرنامج النهضوي لرئيس الجمهورية من أجل الخروج بالجزائر إلى بر الأمان.

انتهى عهد تضخيم الفواتير والحركات المشبوهة لرؤوس الأموال

واعتبر الوزير الأول أن الوقت حان للجزائر أن تركب موجة التحضر والعصرنة وتنتقل إلى الاستقلال الاقتصادي الحقيقي، بعيدا عن كل أشكال الشعبوية، من خلال دعم البرنامج الذي يراعي المصلحة العليا للوطن، مؤكدا عزم السلطات العمومية، على محاربة كل أشكال التبذير والفساد ومحاربة ظاهرة تضخيم الفواتير والحركات المشبوهة لرؤوس الأموال من الجزائر نحو وجهات أجنبية. وفي حين أبرز السياق الصعب الذي تعيشه البلاد، في ظل تراجع المداخيل والتعقيدات الخاصة التي فرضها وباء كورونا، حيث ارتفعت ميزانية التكاليف المشتركة بنسبة 80%، دعا بن عبد الرحمان إلى تضافر جهود الجميع، من خلال دفع المساهمات الضريبية من قبل جميع المتعاملين، سواء كانوا أفرادا أو متعاملين اقتصاديين، معتبرا دفع الضرائب "سلوك مواطنة بامتياز يدعم الجهد التنموي الوطني".

كما دافع الوزير الأول، عن اعتماد سعر مرجعي لبرميل النفط بـ45 دولارا، مشيرا إلى أن ذلك مرهون بعدة عوامل، حيث تحتسب عادة التقديرات بمتوسط معدل 10 سنوات الأخيرة ومعدل تساقط الأمطار واحتياجات الزراعة العالمية، "غير أن جائحة كورونا وتحكمها في التجارة الدولية، مع عدم التأكد من تطوّر الوباء جعل الحكومة، حسب ذات المسؤول، تلجأ إلى اعتماد هذا السعر كإجراء احترازي".

الدولة متمسكة بطابعها الاجتماعي

وأكد بن عبد الرحمان، أن الدولة الجزائرية تتمسك بطابعها الاجتماعي، حيث لن تتخلى عن مرافقة  الفئات الهشة "ولكن بالاعتماد على آلية جديدة ترمي إلى توجيه الدعم العمومي إلى مستحقيه نقدا"، مشيرا إلى أن الغرض من الانتقال من الطابع الشامل إلى الموجه هو تخصيص الاعتمادات المرصودة في مشروع قانون المالية 2022 والمقدرة بـ1942 مليار دج، (ما يقارب 17 مليار دولار) للفئات والمجالات التي تستحقها. ولفت الوزير الأول في هذا الإطار، إلى أن هناك سوء فهم لنقطة التحويلات الاجتماعية، موضحا أن "الحكومة ترفض قطعيا أن يذهب الدعم إلى الوسطاء الذين نخروا الاقتصاد الوطني.. وهناك حرص على أن توجه التحويلات الاجتماعية للقطاعات الأساسية وفي مقدمتها الأجور، الصحة، التعليم العالي والتربية الوطنية.

البرلمان طاهر.. وسيسهم في استراتيجية توجيه الدعم

وتعهد الوزير الأول باشراك النواب في وضع الآلية الخاصة بالدعم الموجه، واصفا البرلمان بـ"الطاهر والخالي من المال الفاسد"، قبل أن يشير إلى أن النواب سيكونون شركاء في كل عمليات بناء الجزائر الجديدة التي ترتكز على تطبيق برنامج السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. وفي سياق شرحه للمسارات الحالية التي يأخذها الدعم الشامل، قال بن عبد الرحمان إن 62% من التحويلات الاجتماعية تستفيد منها الأسر الميسورة والمعوزة معا، "ففي مجال دعم المواد الاستهلاكية والطاقوية والمياه مثلا،  تستفيد الأسر الميسورة من نحو 100 مليار دج، كما يستفيد الوسطاء من 152 مليار دج"، مضيفا بأن اللجنة التي تعنى بدراسة الدعم ستضم بالإضافة إلى ممثلي غرفتي البرلمان، ممثلين عن وزارات الداخلية والمالية  والتضامن الوطني. كما أكد الوزير الأول أن الدعم الموجه سيساهم في تقليص مظاهر التبذير وتهريب المواد الطاقوية إلى الدول المجاورة، "خاصة وأن الأسعار المعتمدة تقل بـ4 و6 مرات عن تلك المعتمدة في هذه الدول".

خفض رخص البرامج بـ12,23% ومنحها على أساس الاحتياجات

وأبرز رئيس الجهاز التنفيذي، السلبيات التي سجلت في عمليات تسجيل  رخص البرامج، في قطاعات تعرف تشبعا، حيث خص بالذكر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، التي قال إنه سجل أسرة غير مشغولة في الإقامات الجامعية، وهو ما يضيع الفرصة، حسبه، على قطاعات بحاجة لبرامج. كما سجل نفس الملاحظة بوزارة التربية الوطنية، تم، حسبه، إنجاز مؤسسات جديدة في مناطق لا تعاني من أي عجز. كما وجه بن عبد الرحمان انتقادات للجامعة الجزائرية، التي قال إنها تشتغل بعقلية الإدارة وليس بمنظور البحث والعلم الحقيقي، قياسا بما يقع في دول أجنبية.

وانتقد طريقة تسيير الأموال المرصودة لوزارة الصحة، لتسيير المستشفيات، حيث تخصص لها ميزانيات ضخمة، مقابل خدمات وصفها من دون المستوى المطلوب، ليؤكد عزم الدولة على ترشيد النفقات العمومية، وهو ما جعل الحكومة تلجأ، حسبه، إلى خفض رخص البرامج بـ12,23% أي 354 مليار دج. على العكس من ذلك، يدعم مشروع القانون، حسب الوزير الأول، رخص برامج الاستثمار بـ11,9%، أي 218,2 مليار دج، من أجل السماح بتسجيل برامج جديدة، بالإضافة إلى تخصيص 963 مليار دج للولايات العشر المستحدثة بالجنوب. وبرر الوزير الأول ارتفاع ميزانية التسيير بـ56% بالأعباء الناتجة عن الدين العمومي وأجور المستخدمين، بالإضافة إلى التكفل بمنحة البطالة وبالولايات الجنوبية الجديدة، زيادة عن التكفل بمستخدمي قطاعات التربية والصحة والتعليم ومساهمات الدولة في كل من ديوان الحبوب والحليب.

جهاز للإحصاء الاقتصادي بداية من جانفي القادم

في إطار النظرة الاستشرافية للحكومة لتحقيق إقلاع اقتصادي وتنموي، كشف الوزير الأول عن وضع جهاز وطني للإحصاء يرصد الاحتياجات والمتطلبات ويساهم في سدها وفق النقص الموجود، حيث سينطلق الإحصاء الوطني العام للسكان بداية من جانفي القادم، مشيرا أنه منذ 15 سنة لم تعرف الجزائر إحصاء حقيقيا، وغاب التخطيط الاستشرافي في وضع البرامج، قبل أن يرجع السبب إلى "البحبوبة" المالية التي عرفتها الجزائر  نتيجة ارتفاع سعر برميل النفط وهو ما لن تعرفه البلاد مستقبلا، على حد قوله. وستشمل الدراسة الاستشرافية التي ستقوم على إحصاء شفاف، وضع المشاريع الكبرى المهيكلة الخلاقة للثروة، وكذا المشاريع الاجتماعية والاقتصادية.

تمويل العجز الميزانياتي داخليا واللجوء لصندوق ضبط الإيرادات في وقت الحاجة

وحول تمويل العجز الميزانياتي الذي بلغ 4924 مليار دج، قال بن عبد الرحمان إنه سيتم تغطيته عبر آليات التعبئة الداخلية للمدخرات عبر الآليات المصرفية ومنها الصيرفة الإسلامية، من أجل استقطاب أموال السوق الموازية، مستبعدا اللجوء إلى الاستدانة الخارجية. كما أشار إلى أن الحكومة بإمكانها اللجوء إلى احتياطي صندوق ضبط الإيرادات في وقت الحاجة، موضحا بأن هذا الأمر هو الأن مستبعد، لاسيما وأن التوقعات الخاصة بسوق النفط، تشير إلى وصول برميل النفط إلى ما بين 65 و70 دولارا في 2022. وأكد أن برنامج الحكومة، الذي يمتد لثلاث سنوات، يسعى إلى تحقيق التوازنات المالية للميزانية عبر  التعبئة الجديدة للجباية العادية من خلال تفعيل التحصيل وتوجيه الدعم وترشيد النفقات والتقليل من فاتورة الاستيراد مع ترقية الانتاج الوطني وتحقيق الأمن الغذائ.

التغطية بالجباية العادية 65% والبيروقراطية وراء تهرب البعض

وبعد أن أشار أن التغطية بالجباية العادية بلغت مستوى 65%، مشيرا إلى أن هذا المستوى لم يسجل سابقا، قدر بن عبد الرحمان بأن العراقيل البيروقراطية والإدارية التي كانت سائدة سابقا، "هي التي دفعت البعض إلى التهرب الضريبي.. بل أن الكثير منهم غيروا الوجهة تماما بالذهاب إلى دول أجنبية". وأوضح أن المخطط حقق عدالة جبائية من خلال إعادة التوزيع الضريبي واعتماد رسوم جديدة ناجعة، منتقدا المساهمة الهزيلة لبعض أصحاب المهن الحرة والتجا، ما كرس، حسبه، اللاعدل الجبائي، زيادة عن نشطاء السوق الموازية في مختلف الفروع والمجالات. ووعد الوزير الأول في هذا الصدد، بتبسيط الإجراءات وإزاحة كل العقبات البيروقراطية ومكافحة الفساد الذي كان  متفشيا.

توفير الشغل ودعم الفلاحة

وبشأن الانشغالات التي تمحورت حول إمكانية تمديد قائمة سن المستفيدين من منحة البطالة للبالغين أكثر من 40 سنة وضم العمال المفصولين عن العمل إلى القائمة، وترقية منح الإدماج الاجتماعي، رفض الوزير الأول أن يتم ذلك حاليا، تقدير منه أن آليات عديدة تتكفل بهذه الفئات. وبالنسبة لقطاع الفلاحة والضرائب التي أدرجت على الدخل الإجمالي للفلاحين، ذكر الوزير الأول، بالامتيازات التي رصدتها الحكومة لدعم القطاع  من أجل الوصول إلى الأمن الغذائي، من خلال دعم الاستثمار الفلاحي والصحة الحيوانية والنباتية  والتكوين، حيث تم رصد 25 مليار دج للصندوق الوطني للتنمية الفلاحية. كما تم دعم أسعار الحبوب ووضع آليات لشراء المنتوج الفلاحي الوطني وكذا دعم منتجي الحليب غير المحوّل.

دراسة اقتناء الحبوب المنتجة محليا بسعر الأسواق الدولية

وأشار الوزير الأول إلى أن الأسعار التي تسوق بها الحبوب المنتجة محليا، لاسيما القمح والشعير، هي أسعار زهيدة، كاشفا عن دراسة جار إعدادها من أجل شراء الحبوب المنتجة محليا، بالأسعار التي يتم تداولها في السوق الدولية، واعترف بأن سياسة استيراد الحبوب لم تكن منصفة، بدليل أن أموالا كبيرة  كانت تذهب لفائدة الأجانب دون دفعها للمنتج المحلي. وأبرز نفس المسؤول الإمكانيات الوطنية لسد الاحتياجات المحلية من مادة الحبوب، لاسيما في الصحراء والهضاب العليا. واعتبر الأمن الغذائي قضية أساسية في استراتيجية الحكومة، وعليه قرّرت الحكومة، حسبه، منح الأرض لمن يخدمها، مع إنهاء كل أشكال "البزنسة" بالعقار الفلاحي وتغييره عن وجهته، مشيرا إلى أن 2022 ستكون سنة فاصلة ومحورية تقلب فيها المعادلة.

استحداث بنك للجينات

وضمن الهدف الاستراتيجي الخاص بالأمن الغذائي والصحة الوطنية، سيتم حسب الوزير الأول استحداث بنك للجينات الحيوانية والنباتية والحبوب، وهو المشروع الذي  وضع سنة 1985 لكنه طاله الإهمال.

الإبقاء على الرسم على السكر حماية للصحة العمومية

كما رفض الوزير الأول، إلغاء الرسم على السكر المستورد بالنظر للأضرار التي يسببه للصحة العمومية، "بدليل وجود 5 ملايين مصاب بالسكري"، مشيرا إلى أن إلغاءه يؤدي إلى ارتفاع فاتورة الاستيراد وتآكل احتياطي الصرف، علما أن الكميات المستورة تفوق الاحتياجات الوطنية. مقابل هذا تبنت الحكومة المقترح الخاص بإلغاء الضريبة على استيراد مادة الصوجا.

تخفيف الجباية على الأسر وتسهيلات للشركات الخلاقة لمناصب الشغل

كما جدّد الوزير الأول تمسّك الحكومة بحماية القدرة الشرائية للمواطن، من خلال إلغاء الرسم على الدخل الإجمالي وحماية المنتجات الأساسية. كما اعتمدت الحكومة، تسهيلات لصالح الشركات الخلاقة لمناصب الشغل تشمل تخفيضات ضريبية على أرباحها، حيث تعفى لمدة 3 سنوات عندما توفر 100 منصب شغل  ولمدة 5 سنوات عندما يفوق عدد المناصب المستحدثة 100 منصب. وأشار بن عبد رحمان، إلى أن المشروع جاء برسوم لصالح الجماعات المحلية، منها الرسوم على جمع النفايات والعقارات.

عصرنة الإدارة الجبائية

وتطرّق الوزير الأول إلى الجهود التي تقوم بها مصلحة الضرائب ووزارة المالية لعصرنة الادارة الجبائية،  حيث يجري وضع الهياكل ومديريات كبرى المؤسسات والملحقات الجبائية  لهذا الغرض، إذ تم إنجاز 40 مركزا للضرائب من ضمن 65 مركزا مبرمجا ووضع 132 مركز جواري للضرائب في انتظار استكمال العدد المتبقي. وفي إطار تسهيل دفع الضرائب عن بعد، ذكر، المتدخل  بإطلاق برامج "جبايتك" و"مساهمتك"، فيما سيتم إنشاء موقع للتصاريح الجبائية. وتعهد الوزير الأول وزير المالية، بإتمام برنامج العصرنة الجبائية بمجرد الانتهاء من إنشاء الهياكل الخاصة به في أقرب الآجال، حتى تكون المعاملات بشكل عصري وشفاف وسريع، معترفا بأن قطاعي الجمارك والضرائب كانا قد شهدا إهمالا واستخفافا بهما، على الرغم من أهميتهما وحساسيتهم.