أستاذ الاقتصاد بجامعة ورقلة الدكتور سليمان ناصر لـ"المساء":

لهفة المستهلك ترفع الطلب وتلهب الأسعار

لهفة المستهلك ترفع الطلب وتلهب الأسعار
  • 292

* عقلنة الاستهلاك تقي من التبذير ومن الندرة الناجمة عن التخزين

أكد الدكتور سليمان ناصر، أستاذ الاقتصاد بجامعة ورقلة، في تصريح لـ"المساء" أن اللهفة والتخزين غير المبررين للسلع بما فيها المتوفرة من قبل المواطنين خلال الشهر الفضيل، يؤديان لا محالة إلى ارتفاع الأسعار بسبب زيادة كفة الطلب على العرض، وانعكاساتها السلبية على القدرة الشرائية للمواطن. وسجل محدثنا في سياق متصل بروز مظاهر التبذير والجشع وسط التجار، داعيا الجميع إلى العودة إلى السلوكات الحضارية عبر ترشيد الاستهلاك وعقلنته، للإسهام في ضبط السوق وتنظيمها بما يكفل حقوق المستهلك والتاجر معا. واعتبر الدكتور ناصر، أن مظاهر اللهفة والازدحام التي تشهدها مختلف الأسواق والمساحات المغطاة عبر الوطن، مع بداية الشهر الفضيل، لها انعكاسات سلبية يتحمل نتائجها المستهلك بالدرجة الأولى.

وبعد أن أرجع سبب التهافت غير المبرر على السلع بمظاهره السلبية المتمثلة في الطوابير الطويلة المشكلة أمام الكثير من المحلات، إلى انعدام السلوك الحضاري لدى الكثير من المستهلكين، أكد الأستاذ ناصر، أن الاستهلاك غير المدروس والتخزين العشوائي للسلع دون أي مبرر كحدوث حالة الطوارئ مثلا يتسبب في حدوث اضطرابات في السوق، تبدأ بخلق لا توازن بين كفتي العرض والطلب، إذ يقفز هذا الأخير إلى مستويات مضاعفة ما ينتج عنه زيادة في الأسعار مباشرة، عملا بالقاعدة الاقتصادية التي تربط زيادة السعر بارتفاع الطلب على سلعة ما، وهو ما يضر ـ حسب محدثنا ـ بالقدرة الشرائية للمستهلك خاصة إذا كانت هذه السلوكات موزعة على عدة سلع.

وأكد المتحدث، أنه يمكن للتجار أن يضطلعوا بدورهم لكسر مظاهر اللهفة وكل ما من شأنه خلق الندرة، من خلال الاعتماد على نظام البيع بالوحدات المتساوية بين الزبائن، كإجراء لحسن تموين الطلب والقضاء على مظاهر الازدحام وعلى الطوابير، خاصة عندما يتعلق الأمر ببعض المواد الاستراتيجية و الضرورية كالزيت، الحليب، السميد، وباقي المنتجات التي يكثر عليها الطلب بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة. أما الأثر الثاني، للهفة والتخزين غير المدروس للسلع، فهو إمكانية خلق ندرة مفتعلة ببعض المواد والتسبب في نفاذها في فترة وجيزة، بما يحدث ضغط كبير على الموردين ومموني السوق، عندما يفوق الطلب التوقعات الموجودة ـ حسب محدثنا ـ الذي ذكر كمثال تخزين المواطنين لصفائح الزيت تكفى لمدة استهلاك تصل إلى سنة كاملة، ونفس الممارسات تتكرر مع سلع أخرى رغم وفرتها. كما يتحمّل التجار ـ حسب الدكتور سليمان ناصر ـ جزء من المسؤولية في انتشار المظاهر السلبية التي باتت لصيقة بالسوق، ومنها تسويق المنتجات بهوامش ربح غير قانونية، كبيع بعض السلع من المخزون الذي تم اقتناءه قبل زيادة الأسعار في السوق الوطنية أو الدولية لسلعة ما. في سياق متصل استبعد المتحدث، أن يكون للاتحادات المهنية للتجار، السلطة الأدبية على التجار في ضبط السوق من خلال فرض البيع بنظام الوحدات في بعض السلع، حيث يبقى ذلك خيارا خاصا مرتبطا بالضمير المهني لكل تاجر.

وخلص أستاذ الاقتصاد، إلى أن ضبط السوق في مثل هذه الحالات لا يتم بتطبيق قوانين محددة ومنها التشريع الخاص بالمضاربة وما يحمله من إجراءات عقابية مشددة، مقدرا بأن "الحلول الفعلية تبقى أولا في يد المواطن المطالب بترشيد إستهلاكه وعقلنته من خلال اقتناء ما يحتاجه فقط، واتباع نمط عاد في الاستهلاك خارج كل ما من شأنه التسبب في انتشار الظواهر السلبية كالتبذير وخلق الندرة في السوق عبر التخزين غير المبرر للسلع والتهافت عليها، وفي الدرجة الثانية التاجر المطالب بتموين السوق بالسلع واكتفاء بهوامش ربح قانونية بعيدا عن كل أشكال الجشع والربح غير المشروع على حساب المستهلك، لا سيما خلال الشهل الفضيل الذي هو شهر رحمة وتضامن بين مختلف مكونات المجتمع".