الهيئة الأممية تتبنّى مبادرة الجزائر لتحقيق مبدأ المساواة
محاربة "أبارتايد الوثائق".. معركة الجزائر بمجلس الأمن
- 98
❊ مبادرة جزائرية لتقنين التعامل والاطلاع على وثائق عمل مجلس الأمن
❊ نجاح خطة الجزائر المحكمة لتسليط الضوء على الفراغ القانوني
❊ بعض الأعضاء الدائمين كانوا يعتبرون الملفات محمية خاصة بهم
❊ مكسب جديد في سلسلة النجاحات الدبلوماسية للجزائر بمجلس الأمن
أقر مجلس الأمن الدولي، بمبادرة من الجزائر وبعد مشاورات دامت أكثر من 6 أشهر، بمبدأ المساواة في الاطلاع على وثائق المجلس الداخلية وغير المتاحة للنشر لكل أعضائه دون تمييز، بعدما كان يقتصر على الأعضاء الدائمين دون سواهم.
بعد وقت قصير من بداية ولايتها بمجلس الأمن منذ جانفي 2024، اكتشفت الجزائر واقعا غير منطقي مفاده أن الأعضاء المنتخبين لمجلس الأمن، لم يكن بإمكانهم الاطلاع على كل الوثائق والأرشيف المرتبط بعمل المجلس، حيث كان يقتصر ذلك على الأعضاء الدائمين دون سواهم.
ولم يكن للجزائر مجالا سوى رفض هذا الوضع، متسائلة عن سبب هذا التمييز بين الأعضاء الدائمين والمنتخبين لتصطدم بواقع أمر وهو أن بعض الأعضاء الدائمين يعتبرون هذه الوثائق "حصرية"، ليتعزّز هذا النهج التمييزي الذي لم يكن يستند لأي قاعدة قانونية أو تنظيمية طيلة عقود من الزمن، حيث تحول إلى "ممارسة راسخة" لم يول أحد أهمية للاستفسار عنها.
وعليه، وضعت الجزائر خطة محكمة لتسليط الضوء على هذا الفراغ القانوني، ورفع هذا التمييز بين الأعضاء الدائمين والمنتخبين للمجلس، حيث باشرت بعثتها الدائمة بنيويورك، مشاورات حثيثة بدأتها مع أعضاء مجموعة (A3+) الذين عبّروا عن مساندتهم لمسعى الجزائر، لتتوسع بعدها المشاورات إلى كافة الأعضاء المنتخبين للمجلس.
ولم يكن مسعى الجزائر ليستمر دون أن يصطدم بعراقيل وضعها بعض الأعضاء الدائمين الذين كانوا يعتبرون هذه الملفات بمثابة "محمية خاصة بهم" لا يسمح للأعضاء المنتخبين الولوج إليها إلا بموافقتهم المسبقة.
وتحولت الجدلية من تسليط الضوء على هذا الوضع غير المنطقي إلى الصراع القانوني والإجرائي لرفع هذا التمييز ووضع جميع أعضاء المجلس على قدم المساواة، حيث بادرت الجزائر مدعومة لاحقا بعدد من الأعضاء المنتخبين، بالعديد من المناورات القانونية والإجرائية لتشكيل ملف من شأنها استعماله خلال المفاوضات.
كما سجلت هذه النقطة في العديد من الاجتماعات المغلقة واللقاءات غير الرسمية للممثلين الدائمين لأعضاء مجلس الأمن، بالإضافة إلى إدراج المسألة في أشغال الفريق العامل غير الرسمي لمجلس الأمن المعني بالوثائق والمسائل الإجرائية الأخرى والذي يترأسه اليابان.
وبكل عزيمة وإصرار على اتباع نهج محكم التخطيط، ميّزه الهدوء والقدرة الهائلة على الإقناع بالحجة القانونية. وبعد مفاوضات دامت أكثر من 6 أشهر كللت جهود الجزائر بالنجاح، إذ أضحى هذا الإنجاز يدعى "المبادرة الجزائرية لتقنين التعامل والاطلاع على وثائق عمل مجلس الأمن".
فقد اعتمد المجلس مذكّرة الرئيس تعدل المذكرة رقم 507 الشهيرة لسنة 2017، التي تنظم أشغاله تضمنت في القسمين السادس (التعاون والتشاور داخل المجلس) والثالث عشر (الأعضاء المنتخبون الجدد)، إقرارا صريحا من طرف أعضاء المجلس بحق جميع أعضاء مجلس الأمن دون تمييز في الاطلاع الكامل على وثائق المجلس ذات الصلة بالمسائل محل الدراسة، مع تحديد دقيق للإجراءات المتعلقة بطلبات الاطلاع على بعض الوثائق، ويتجلى ذلك من خلال إدراج الفقرات الجديدة من مذكرة الرئيس رقم S/2024/507 بالإضافة إلى تعديلات جوهرية تخص أساليب عمل المجلس خصوصا ما يتعلق بالأعضاء المنتخبين.
ويندرج هذا الإنجاز الذي قضى على "أبارتايد الوثائق" ضمن سلسلة النجاحات التي حققتها الدبلوماسية الجزائرية خلال العام الأول من ولايتها بمجلس الأمن، حيث تعود شهرة مذكّرة الرئيس 507 إلى كونها الوثيقة الرسمية الوحيدة لمجلس الأمن التي تتضمن كافة المسائل الإجرائية التي اعتمدت منذ إنشائه والتي تشرح وتكمل القواعد الإجرائية المؤقتة التي وضعها أعضاؤه منذ 1946 وتقنن منهجية العمل بين أعضاء المجلس.