أستاذ القانون الدستوري بجامعة سطيف عبد السلام بوجملين لـ "المساء”:
مسودة الدستور تكفل المساواة بين الأحزاب السياسية

- 1526

أكد أستاذ القانون الدستوري بجامعة سطيف، عبد السلام بوجملين، أن مسودة الدستور تتجه نحو إضفاء دمقرطة أكبر على ممارسة نشاط الأحزاب السياسية، وذلك من خلال التجسيد التام لمبدأ المساواة بين جميع التشكيلات، وإدراج أحكام ترفع من عراقيل الإدارة التي ظلت تقبض على أنفاس السياسيين، حيث تم في هذا الإطار التنصيص على أنه لا يمكن للقانون أن يتضمن أحكاما تعيق بطبيعتها حرية إنشاء الأحزاب السياسية، فضلا عن إدراج أحكام تمنع الإدارة من أن تحول دون ممارسة هذا الحق، ”مثلما تضمنته الفقرتين 8 و9 من المادة 57 من مشروع التعديل الدستوري، وكذا الفقرة 5 منها التي تنص على مبدأ الإنصاف التام بين جميع الأحزاب”.
وذكر الأستاذ بوجملين في تصريح لـ"المساء” بأن المسودة جاءت لمعالجة جملة من الاختلالات والممارسات ”الملتوية” التي طبعت النشاط الحزبي طيلة عقود، مشيرا إلى أن هذه المسودة دشنت الحق السياسي، بالتركيز بالدرجة الأولى على مبدأ المساواة بين الأحزاب وحرية نشاطها في إطار القانون، بعيدا عن العراقيل الإدارية.
كما راعت مسودة الدستور، يضيف محدثنا، الممارسة العملية للأحزاب ومعاناتها مع الإدارة، حيث أثبتت التجربة، حسبه، أن ”الإدارة سلكت سلوكا معرقلا لاعتماد الأحزاب السياسية من خلال عدم تقديم وصل إيداع الملف أو السكوت وعدم الرد، وهذا ربما ما دفع المشرع إلى التنصيص على أحكام من شأنها معالجة هذا الخلل في مسودة التعديل الدستوري”.
"على هذا الأساس، نصت المسودة، حسب الأستاذ بوجملين، على أنه لا يمكن للقانون أن يتضمن أحكاما تعيق بطبيعتها حرية إنشاء الأحزاب السياسية، كما نصت على أحكام من شانها منع الإدارة عن كل ممارسة تحول دون ممارسة هذا الحق.. وهذا ما ورد في الفقرتين 8 و9 من المادة 57 من مشروع التعديل”.
وتضاف التعديلات الخاصة بالأحزاب، حسب أستاذ القانون الدستوري، إلى سلسلة التعديلات التي تلقفها المشرع من الانشغالات التي طرحتها الطبقة السياسية وتلك التي تستوجب الكيف مع التحولات العامة للبلاد وتوجهها نحو انفتاح أكبر في المجال السياسي، حتى يكون الدستور الجديد لبنة حقيقية تحكم مختلف مراحل القادمة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن الدساتير السابقة لم تكن ضامنا لممارسة النشاط السياسي من قبل الأحزاب، حيث ذكر في هذا الخصوص بمرحلة الحزب الواحد، ثم بعدها في نظام اعتماد الأحزاب السياسية في ظل التعددية، والذي تم في إطاره وضع شروط وضوابط في مجال اعتماد الأحزاب.
ومن جملة الاقتراحات التي يرى الأستاذ بوجملين أنه من المناسب إدراجها في المسودة في باب الأحزاب، تلك المتعلقة بـ"الانتقال إلى نظام اعتماد الأحزاب من خلال آلية الإخطار أو التصريح فقط، على غرار ما تم اقتراحه بالنسبة لتأسيس الجمعيات”. كما اقترح إسناد مهمة منح اعتماد الأحزاب السياسية في الجزائر لهيئة مشكلة من قضاة يتم الطعن في قراراتها على درجتين، ”وذلك لكون اعتماد الأحزاب السياسية ومطابقة ملفات تأسيسها واعتمادها لما هو منصوص عليه في القانون المنظم للنشاط الحزبي في الجزائر، يعتبر عملا قانونيا ينبغي أن يتولاها من هو على دراية قانونية كافية”.
ويعتبر محدثنا، الطعن في رفض منح الاعتماد للأحزاب السياسية على درجتين يتماشى ومبدأ التقاضي على درجتين المحمي دستوريا والمضمون بموجب مواد قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الجديد الذي جاءت له المسودة أيضا، حسب بوجملين، هو الفقرة 5 من المادة 57 والتي تنص على أن الدولة تضمن معاملة منصفة تجاه كل الأحزاب السياسية، ”وهو أمر جيد بالنظر للواقع الراهن الذي يستأثر فيه حزبي السلطة بالكثير من الامتيازات والمعاملات الخاصة على غرار استغلال إمكانات الدولة في الدعاية الانتخابية والتمويل والتغطية الإعلامية من طرف وسائل الإعلام العمومية وتحيز الإدارة في مختلف الاستحقاقات الانتخابية وغيرها من المظاهر التي من شأنها المساس بمبدأ المساواة بين المواطنين المنخرطين في الأحزاب السياسية والتي من شأنها غلق اللعبة الانتخابية وإفساد الحياة السياسية”.
وأعرب أستاذ القانون الدستوري عن أمله فى أن يجسد هذا الحكم الدستوري من خلال النص على آليات تفعيله ضمن التعديل القادم للقانون العضوي المتعلق بالانتخابات، بعد إقرار التعديلات الدستورية، ”كون العمل الحزبي يمثل معيارا أساسيا من معايير الممارسة الديمقراطية. وهو ما من شأنه وضع حد لظاهرة العزوف الانتخابي الذي أصبح لصيقا بالناخب”.
وأوضح في هذا الخصوص أن الكثير من المواطنين طلقوا فكرة الانتماء إلى الأحزاب، لأنها لم تعد تقدم الجديد، مرجعا سبب فشل الأحزاب السياسية إلى عدة عوامل، ”بعضها له علاقة بالمنظومة الدستورية والقانونية وبعضها يتعلق بطبيعة الأحزاب ذاتها وما ينتج عن ممارساتها الداخلية”.
واكد محدثنا في الأخير، على أهمية إعادة ثقة المواطن في الأحزاب السياسية، كأدوات لممارسة العمل السياسي وتجسيد الديمقراطية عبر التداول على الحكم، مشيرا إلى أن تكريس هذه الغاية يستدعي وضع ضمانات يكفلها الدستور وينظمها القانون.