سوق المفرقعات تزدهر عشية المولود النّبوي الشريف

ملايير تحرق ومخاطر بالأفراد تحدق

ملايير تحرق ومخاطر بالأفراد تحدق
ت: ياسين.أ
  • القراءات: 364
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

عائلات تحرق أموالها لشراء "الشيطانة" و"البركان"

 عادات انحرفت عن رمزية المناسبة الدينية

 بيع المفرقعات يبقى جريمة بلا عقاب

تعود المفرقعات والألعاب النارية بكل أنواعها وقوتها وأسعارها الملتهبة، لتغزو الأرصفة والأسواق الرسمية والفوضوية في مختلف المدن الجزائرية ضمن ديكور اعتاد عليه الجزائريون عشية كل مولد نبوي شريف، وتمهيدا لمشاهد تفريغ شحناتها المتفجرة ظاهرها الابتهاج بمولد سيد الخلق وحقيقتها إهدار غير مبرر لأموال طائلة. فمن "الشيطانة" و"المرقازة" و"الثومة" و"الزندة" و"الزربوط" والبركان" تنوعت تسميات المفرقعات حسب قوة دويها التي بمجرد إشعال فتيلها يكون صاحبها قد اهدر 200 دينار و500 دينار وألف دينار وحتى 3 آلاف دينار، ضمن تصرفات يطرح الكثير من الجزائريين أسئلة ملحة عمن استوردها ووزعها وجعلها تتحول إلى ديكور مألوف رغم القوانين الردعية وخرجات فرق الرقابة الجمركية والأمنية.

ووقفت "المساء" في جولة  قادتها إلى شارعي علي عمار "علي لابوانت" وأحمد بوزرينة في أسفل حي القصبة العتيق على أطنان المفرقعات بكل أنواعها، معروضة على طاولات استحدثت للمناسبة بعد اقتنائها من تجار جملة يتحكمون في سوق تدر عليهم فوائد بملايين الدينارات والمستنزفة لجيوب الغلابى الذين يشدهم الحنين إلى تلك المظاهر الاحتفالية أو تحت ضغط أبنائهم. ولأن السلع المعروضة تلقى رواجا كبيرا فإن السير في شارع "جامع ليهود" أصبح متعبا إن لم نقل مستحيلا منذ أكثر من شهر، بعد أن تحول إلى سوق لمن ليس لهم أية حرفة، وقبلة لزبائن يقصدونها  بجيوب مملؤة ويعودون بـ«محاريق" يهدرونها متى عادوا إلى منازلهم عشاء.

ولأن السوق كانت مزدهرة ولا كساد فيها، فقد وقفت "المساء" على صفقات بيع وشراء تمت في الشارع بين تجار تجزئة وتجار جملة ممن حولوا محلاتهم لبيع الألبسة إلى متاجر لبيع المفرقعات، وهم يسابقون الزمن من اجل استغلال توافد قوافل المتسوقين المتدفقة تباعا على شارع  "جامع ليهود"، قاصدة إياه من كل أحياء العاصمة وحتى من ولايات مجاورة. وأكد بائع ألبسة لم يشأ تغيير نشاطه، أن مصالح التجارة والأمن على علم بما يجري في هذه السوق ولكنها لم تفعل شيئا، "رغم أن تجار المفرقعات أفسدوا علينا تجارتنا"، مؤكدا أن بارونات المفرقعات سيطروا على الشارع منذ سنوات وجعلوا منه نقطة بيع علنية في غياب تام لأجهزة الرقابة الرسمية.

أسماء مفرقعات مبتكرة بأسعار خيالية

وتبدأ أسعار هذه المنتجات القادمة في غالبيتها العظمى من جمهورية الصين الشعبية، من 200 دينار لعلبة "المرقازة" الى "الزندة" بـ300 دينار  ومعها "الثومة مرورا بـ«الشيطانة" بـ 100 للوحدة الواحدة، أما الفوانيس فيتراوح سعرها بين 1200 دج و2000 دج للحجم الكبيرة، وتتخللها الشموع بـ20 دج للشمعة الصغيرة ويصل إلى 200 دج للكبيرة، فيما يتراوح سعر العنبر بين 100دج  و200 دج للعلبة، والمشعل بـ1200 دج. أما الألعاب النارية ومنها " البوق" فقد قارب سعر 4 وحدات منها 3 آلاف دينار ورغم ذلك فقد وجدت من يقتنيها وبالعشرات.

عائلات تشكو القدرة الشرائية وتتزاحم على اقتناء الممنوعات

وهو مشهد يبعث على الحيرة والاستغراب وخاصة وأننا وقفنا خلال زيارتنا "لبؤرة القصبة" أن المكان الذي كان يعج بالمتسوقين المتوافدين من عدة ولايات، بينهم  عائلات بسيطة "قدها قد روحها" تشكو غلاء المعيشة ولكنها لا تتوانى في دخول زحمة شارع "جامع ليهود" لاقتناء هذه المواد الحارقة.

وقال أحد الأولياء كان رفقة ولديه لـ"المساء" بعد انتهائه من التفاوض مع أحد الباعة لمساعدته لشراء بعض السلع، أنه لا يهدأ له بال حتى يلبي حاجيات أولاده، مؤكدا أن عائلته تعودت على إحياء مناسبة المولد النبوي بإشعال الشموع والفوانيس وترك رائحة العنبر تعبق زوايا المنزل، وأنه لا يمانع في اقتناء بعض المفرقعات لأولاده مع تحذيرهم من سوء استعمالها.

مفرقعات معروضة على مواقع التواصل الاجتماعي

وبالنظر إلى عدم تطبيق القوانين بصرامتها فإن تجارا صاروا يجاهرون ببيع مفرقعاتهم ويعرضونها على مواقع التواصل الاجتماعي، وكأنها مواد مرخص بها كباقي السلع الأخرى، مستغلين في ذلك تكنولوجيات التواصل الحديثة في تقريب الباعة من الزبائن، خاصة بواسطة خدمات التوصيل، التي اختصرت الجهد والمتاعب على الجميع.

القانون موجود والردع مفقود! ! 

ويعاقب القانون الجزائري تجارة المفرقعات وعرضها في الشارع واستعمالها لترويع الناس وتخويفهم ، حيث ينص المرسوم رقم 63-291 المؤرخ في 2 أوت 1963 القاضي بحظر صناعة وبيع المفرقعات والألعاب النارية على أن صناعة واستيراد وبيع المفرقعات وجميع الألعاب النارية محظور داخل التراب الوطني. ورغم  تشديد العقوبات ضد تجار المفرقعات الذين تتراوح عقوباتهم بين 05 و10 سنوات سجنا وغرامات بالملايير، إلا أن الترويج بقى "جريمة بلا عقاب"، مما شجع تجارها على مواصلتها دون اكتراث. يذكر أن مصالح الحماية المدنية والصحة لا تتأخر مع مقدم، المولد النّبوي الشريف في إصدار بيانات تحذيرية من استعمال هذه المواد التفجيرية، التي تخلف كل سنة خسائر مادية وتهدر أمولا طائلة دون جدوى وتتسبب في حوادث وعاهات لمستعمليها وخاصة الأطفال منهم وتنشر الأحزان وسط العائلات بسبب لحظة طيش ختامها الندم.