استضاف منتدى "المجاهد"، أمس، المنتج والمخرج السعيد عولمي لتقديم مقاطع من فيلمه الوثائقي "النفي إلى كايان وكاليدونيا الجديدة"، حيث عرض تفاصيل رحلة بحثه في الأرشيف مع تنقله لتلك المناطق للوقوف على ما جرى من أحداث مروعة. ودعا بالمناسبة إلى ضرورة النبش في الذاكرة الوطنية لتوثيق جرائم المستعمر الفرنسي، معلنا عن إنجازه "من النسيان إلى الذاكرة".

تناول عولمي مراحل إنجاز الفيلم الوثائقي، ابتداء من مرحلة البحث وجمع الوثائق والأرشيف ثم التصوير وجمع الشهادات، وغيرها من المراحل، وصولا إلى البث، مذكرا بما حققه شريطه الوثائقي الذي أنجزه عام 2005 عن المنفيين، حيث ساهم في إحياء وترميم الذاكرة عند أحفاد المنفيين وإعادة الاعتبار لهم.

وفتح صفحة لم تكن معروفة عند الجزائريين. وهنا فصل المخرج في بعض الصور الشنيعة التي عاشها المنفيون، مثلما حصل مع بوتريش عمار في الزنزانة 14، وكيف شرب المساجين الماء الملوث وكيف كان يرمى بجثثهم في المحيط الهادي. 

وأوضح عولمي أن سلسلة "المنفيون في كالودينيا" تطلبت منه 4 سنوات من البحث في 18 كتابا أجنيا وكتاب جزائري وفحص 42 وثيقة أرشيف، وتنقله لهذه المنطقة التي تبعد بـ22 ألف كلم، منوها بدور السيدة سي يوسف التي أقنعت أحفاد المنفيين بالظهور وبالشهادات المسجلة في الفيلم، "ولم يكن ذلك سهلا، حسبه، نتيجة تلك الذاكرة المؤلمة والمتوارثة جيلا بعد جيل". وأثمر تعاون هؤلاء الكثير من الصور الأرشيفية المهمة ومراسلات بلغت 3 آلاف رسالة.

كما شكر المتحدث وزارة المجاهدين على تعاونها معه، ومن ذلك استضافة بعض أحفاد المنفيين في 2005 ثم في 2013، ليطالبوا بإنجاز معلم تذكاري لأجدادهم وهو ما حققه لهم رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في 5 جويلية 2022 بميناء الجزائر.

وكانت آخر زيارة لأحفاد المنفيين في ماي الفارط، حيث قام السعيد عولمي بالمناسبة بإطلاق فيلمه الوثائقي الجديد "من النسيان إلى الاعتزاز" يجمع شهادات هؤلاء ويثمن جهود الجزائر اتجاه ذاكرتهم المنسية، علما أن العمل الوثائقي المزمع إنجازه لا يوثق فقط لمسار العودة الرمزي لأحفاد الجزائريين المنفيين إلى كاليدونيا الجديدة، بل يطرح تساؤلات أعمق حول العلاقة بين الذاكرة الجماعية والسيادة الوطنية، وحول مسؤولية الدولة في إعادة الاعتبار لتاريخ ظل مخفيا.

وعرض خلال اللقاء مقطعا مصورا من 14 دقيقة، خاص بزيارة هؤلاء المنفيين للجزائر ومدى امتنانهم لها، مع إشادتهم بـالدعم الذي لمسوه والتسهيلات التي حظوا بها عبر الولايات التي زاروها خلال فترة إقامتهم بأرض الوطن وتأثرهم حين الدخول لميناء الجزائر. للإشارة فقد تم خلال فعاليات المنتدى تكريم المخرج السعيد عولمي من طرف الوزير ورئيس المجلس الشعبي الوطني الأسبق  كريم يونس.