الأمين العام لوزارة الفلاحة لـ«المساء»:

منع استيراد كل منتوج فلاحي يغطي السوق

منع استيراد كل منتوج فلاحي يغطي السوق
  • 1103

كشف الأمين العام لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري كمال شادي، أن قائمة المواد الفلاحية والغذائية الممنوعة من الاستيراد والتي تخص المنتجات التي حققت فيها  الجزائر فائضا في الإنتاج سيتواصل توسيعها بالتنسيق مع وزارة التجارة، من خلال تحديد المنتجات الفلاحية التي تغطى طلبات السوق لمنعها من دخول التراب الوطني، مبرزا تطابق هذا الإجراء مع مطالب المنتجين الذين ينادون في كل مرة بحماية منتوجهم الفلاحي  من المنافسة غير الشريفة.

وأكد السيد شادي، في تصريح لـ«المساء» أن الوزارة حددت أولويات خارطة طريق عملها بالنسبة لسنة 2018، حيث سيتم التركيز على الدعم والمرافقة المخصصة لمنتجي المواد الأساسية مع تطوير الهياكل القاعدية، على غرار مخازن التبريد والسقي التكميلي وتطوير إنتاج الأعلاف، فضلا عن تشجيع الفلاحين على ولوج نشاط الصناعات التحويلية والنقل واللوجستيك، من منطلق أن نقاط ضعف القطاع الفلاحي بالنسبة لسنة 2017 مست هذا المجال، ما دفع بالفلاحين ـ حسبه ـ إلى التخلص من منتجاتهم الفلاحية بأسعار جد منخفضة، فيما لم يستفد المستهلك في المقابل من هذا الفائض ومن تخفيض الأسعار بسبب غياب قنوات ضبط السوق.

كما أكد شادي، أن الوزارة عازمة هذه السنة على مرافقة وتثمين كل النشاطات الفلاحية للرفع من نسبة تلبية طلبات السوق المحلية، مع العلم أن هذه النسبة تقارب حاليا 70 بالمائة من الطلبات، موضحا بأن هذه الجهود ستشمل تقوية عمل المرشدين الفلاحيين في الميدان لعقلنة الدعم المالي المقترح للفلاحين عبر قروض مدعمة ترافقهم خلال كل مراحل الإنتاج، لا سيما في ظل الدعم الهام الذي تخصصه الدولة لهذا القطاع ولعدد من المنتجات الفلاحية الإستراتيجية، على غرار القمح والحليب والبطاطا.

المطاحن والملابن مطالبة بالاستثمار الزراعي وتربية الأبقار

وردا على قرار وزارة التجارة المتعلق بتخصيص نوع جديد من القمح اللين «الفرينة» لحماية هامش ربح الخبازين وحماية القدرة الشرائية للمواطن الذي يتشكل من مزيج بين القمح الصلب والقمح اللين، أكد الأمين العام، أن الوزارة تسهر على تقليص فاتورة الاستيراد وذلك من خلال التقرب من أصحاب المطاحن لدعوتهم للتحول من التصنيع فقط إلى الإنتاج، ومشاركتهم في زراعة القمح الموجه للطحن، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه ضمانا لنجاح الفكرة تم خلال السنة المنقضية، تخصيص عقارات فلاحية للمطاحن الكبرى شرع أصحابها  بشكل فعلي في زراعة القمح وجني المحاصيل الأولى، وهي الطريقة الوحيدة التي تضمن حسبه للجزائر تقليص فاتورة استيراد القمح وتنويع الإنتاج ما بين القمح الصلب واللين، مع العلم أن أصحاب المطاحن يستفيدون كذلك من نفس الامتيازات المخصصة للفلاحين على غرار القروض المدعمة والمرافقة التقنية.

وإذ دعا هؤلاء إلى استعمال تقنيات الزراعة الحديثة واللجوء إلى السقي التكميلي للرفع من المساحات المزروعة بالقمح  بـ600 ألف هكتار إضافية قبل نهاية 2019، ما يسمح بمضاعفة الإنتاج الحالي للقمح المقدر بـ35 مليون قنطار، اعترف السيد شادي، بوجود تشبّع في مجال عدد المطاحن والملابن بالسوق الوطنية، حيث لن تكون الوزارة قادرة ـ حسبه ـ على مرافقة  مشاريع فتح ملابن ومطاحن جديدة بالنسبة خلال هذه السنة.

وأشار في هذا السياق إلى أنه أمام هذا الوضع تقرر تحويل طلبات فتح المطاحن والملاين إلى الاستثمار في الزراعة وتربية الأبقار الحلوب «حيث سيطلب من كل من يريد فتح مطحنة أو ملبنة جلب المادة الأولية من الخارج بأسعار البورصات العالمية ولن يستفيد من مرافقة الدولة».

كما أعرب شادي، عن ارتياحه لبروز فئة جديدة من الفلاحين الذين يعتمدون على قدراتهم الخاصة لتطوير استثماراتهم الفلاحية عوض الاتكال على قروض الدولة فقط، مشيرا إلى  تسجيل ارتفاع في عدد طلبات الامتياز الفلاحي في ولايات الجنوب مع تحول الاهتمام إلى تنويع المنتجات الفلاحية تماشيا و طلبات السوق.

520 ألف هكتار للاستثمارات الفلاحية المندمجة

على صعيد آخر تطرق الأمين العام، إلى استراتيجية الوزارة في مجال استقطاب رجال المال والأعمال الجزائريين والأجانب، للاستثمار في مجال المشاريع الفلاحية المندمجة التي تجمع ما بين الإنتاج والتخزين والتحويل والتسويق وفق المعايير العالمية، مشيرا إلى تخصيص الوزارة لما يقارب 520 ألف هكتار، منها 100 ألف هكتار انطلقت بها أشغال الاستصلاح والتجهيز للشروع في استغلال أقطاب فلاحية متكاملة.

وستبقى عملية استقطاب المتعاملين الاقتصاديين متواصلة هذه السنة ـ حسب محدثنا ـ بهدف توزيع الأراضي الصالحة للزراعة على المتعاملين الراغبين في تطوير نشاطاتهم، وهم في الغالب رجال أعمال كانوا ينشطون في مجال التصنيع والاستيراد وقرروا التحول إلى الاستثمار الفلاحي بالنظر إلى التحفيزات المقترحة من طرف الحكومة للنهوض بهذا القطاع الحساس.

ومن بين المتعاملين الأجانب الذين ابدوا اهتمامهم بالاستثمار بالجزائر تطرق شادي، إلى  المتعاملين الأمريكيين الذين دخلوا في شراكة وفق قاعدة 51/ 49  مع متعاملين صناعيين جزائريين لإنشاء أقطاب فلاحية بامتياز تسير وفق الخبرات الأجنبية، خاصة في مجال زراعة البطاطا والقمح بنوعيه وتربية الأبقار لبلوغ رهان تصنيع مسحوق الحليب استجابة لطلبات السوق المحلية وتوقيف الاستيراد.   

كما أكد المتحدث أن التنازل عن الأوعية العقارية لصالح المتعاملين الخواص سيتواصل خلال هذه السنة، بشرط الالتزام بدفاتر الشروط المعدة من طرف الديوان الوطني للأراضي الفلاحية، واقتراح مشاريع عصرية تتماشي والطبيعة الجغرافية للجزائر وطلبات السوق، وهو ما يضمن مستقبلا ـ حسبه ـ تحول الجزائر من بلد مستهلك إلى مصدر خاصة بعد بلوغ مستوى الفائض في إنتاج عدد من المزروعات. 

تنفيذ قانون الفوترة يتطلب الكثير من الوقت

أما بخصوص قرار تنفيذ قانون استعمال الوصل لكل المبادلات التجارية التي يقوم بها الفلاحون أو الصيادون أشار شادي، إلى وجود تنسيق تام مع وزارة التجارة في هذا المجال لضمان تكامل ما بين القطاعين شرط أن يتم الأخذ بعين الاعتبار خصوصية النشاط الفلاحي، لافتا في سياق متصل إلى أن عملية تنفيذ القرار تتطلب وقتا إضافيا للتحسيس والتوجيه، خاصة وأن ثقافة الفلاح تتغير من منطقة إلى الأخرى.

وأكد محدثنا في هذا الإطار بأن إدخال نظام الفوترة في القطاع الفلاحي من شأنه تنظيم السوق وضمان تتبع أسعار المنتجات من سعر البيع المعتمد لدى الفلاح إلى غاية السعر الذي يدفعه المستهلك.

للإشارة فمن عادات الفلاحين بيع المنتوج في الحقول قبل موسم الجني بهدف تخفيض تكاليف الإنتاج، فيما يقوم الطرف الثاني في المعاملة وهو تاجر ببيع المنتوج عند نضجه لتاجر آخر يتكفل بمهمة نقل المنتوج إلى غاية أسواق الجملة ليباع للمرة الثالثة لتاجر الجملة الذي يسوقه من جهته لتاجر التجزئة، وعليه فإن المعاملات التجارية في مجال المنتجات الزراعية تتم عبر أربع أو خمس مراحل قبل وصولها للمستهلك بأسعار مرتفعة، وهو المسار الذي تطمح وزارة التجارة لتنظيمه من خلال فرض التعامل بالفواتير لوضع حد للمضاربة وضمان تتبع مسار الإنتاج.

نوال/ح