الصيادلة يؤكدون والوزارة تنفي
ندرة الدواء.. أزمة أم مناورة؟!
- 2381
ما زال الصيادلة الخواص يشتكون من ندرة أدوية في الجزائر، بعد أن اختفى عدد كبير منها من رفوف صيدلياتهم، منذ أكثر من 6 أشهر، محذرين من تفاقم الأزمة لتشمل أدوية أخرى، في وقت تصر فيه وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، من جهتها، على أنه لا وجود لأية ندرة في الأدوية، مؤكدة بأن كل الأدوية المستوردة من الخارج تم تسريح برامج استيرادها في الآجال القانونية، وأن الكمية الضرورية منها متوفرة بشكل عادي، معتبرة الحديث عن ندرة الأدوية في الوقت الحالي «لا أساس له من الصحة».
وتطالب النقابة الوطنية للصيادلة الخواص «سنابو» وزير الصحة وإصلاح المستشفيات بالتدخل العاجل قصد إيجاد حل لما تصر على اعتباره ندرة حادة في الأدوية والتي لم تكن تمس، حسبها، قبل أشهر سوى فئات قليلة من الأدوية لا تتعدى الـ80 علامة دواء، قبل أن تتجاوز قائمة الأدوية غير المتوفرة الـ150 دواء، الأمر الذي أثر على المرضى، لا سيما المصابون منهم بالأمراض المزمنة، فضلا عن أزيد من 5 آلاف صيدلي «سيضطرون لغلق صيدلياتهم بسبب نفاد مخزونهم من الأدوية».
وتعتبر النقابة أن الوضع في السوق الوطنية للدواء لم يعد مطمئنا وأن كل المؤشرات تؤكد وجود أزمة، سواء بالنسبة للأدوية المنتجة محليا أو المستوردة.
ومن بين الأدوية التي تعرف نقصا كبيرا في الوقت الحالي، حسب نقابة الصيادلة الخواص، دواء «الفانتولين» الموجه لمرضى الربو والأمراض التنفسية، حيث أكدت النقابة صعوبة اقتنائه بسبب ما اعتبرته «احتكار المخبر المستورد لهذا الدواء، الذي يفرض على الموزعين اقتناء أدوية إضافية للحصول على كمية من الفانتولين»، متأسفة في سياق متصل لكون نفس الممارسة يلجأ إليها الموزعون مع الصيادلة.
وأشارت النقابة إلى أن هذه الممارسة غير القانونية «تذكرنا بممارسة بعض التجار في مرحلة ماضية، حيث كانوا يجبرون الزبون على شراء بعض المواد الإضافية للحصول على ما يرغب في اقتنائه».
وحذرت نقابة الصيادلة الخواص، على لسان ممثلها، شفيق راحم، من توسع قائمة الأدوية المفقودة، حيث أشار إلى أن هذه الندرة طالت مدتها هذه السنة، عكس السنوات الماضية، حيث كانت أزمة الندرة تحل في ظرف قصير، فضلا عن أن عدد الأدوية المفقودة ارتفع من 80 دواء إلى 150 هذه المرة، مؤكدا جهله الأسباب التي أدت إلى بلوغ هذه الوضعية «غير المقبولة».
وحسب محدثنا، فإن قائمة الأدوية المفقودة لا تقتصر على أدوية الأمراض المزمنة فقط، وإنما تشمل أيضا الأدوية المستعملة لمعالجة أمراض العيون، «المفقودة بشكل شبه كلي»، في الوقت الذي يكثر فيه الطلب عليها في فترة الصيف، التي تشهد تنامي أمراض الحساسية.
وبعد أن أثار حالة دواء «الفانتولين» الذي عاد ليختفي مجددا رغم استيراد وزارة الصحة 4 ملايين وحدة مؤخرا، تم توزيع مليونين وحدة منها فقط، تساءل المتحدث عن حال سوق الدواء، حيث يتمت حسبه، استيراد الأدوية بالكمية اللازمة، «إلا أننا نسجل عدم الوفرة في السوق»، ما يؤكد برأيه، فرضية «الندرة المفتعلة» داعيا وزير الصحة وإصلاح المستشفيات إلى الكشف عن نتائج عمل اللجنة التي نصبها للتحقيق والمراقبة على مستوى شبكة التوزيع.
واعترف ممثل الصيادلة الخواص، من جهة أخرى، بأن الإنتاج الوطني من الأدوية أصبح مشرفا، إذ تعمل المصانع الـ80 المنجزة، بإنتاج عدد كبير من العلامات والأدوية، حيث بلغت نسبة التغطية إلى ما بين 55 و60 في المائة للاحتياجات الوطنية من الأدوية، علما أن الأهداف المسطرة من قبل الحكومة هو بلوغ 70 بالمائة من مستوى التغطية الوطنية في 2019.
ملف الدواء محور اجتماع يوم 20 أوت
بطلب من نقابة الصيادلة الخواص «سنابو»، سيتم في 20 أوت الجاري عقد اجتماع بمقر وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات مع الصيادلة الخواص، ضمن خلايا اليقظة المنصبة من قبل نقابة الصيادلة والمشكلة من الصيادلة ومنتجي الدواء والموزعين.
وسيتم خلال هذا اللقاء تقديم قوائم الأدوية الخاصة بكل ولاية للوزارة ومناقشة الوضع وطنيا لمعرفة واقع القطاع في الميدان وتشخيص أسباب الندرة المسجلة في الدواء من حين لآخر ومعالجة النقائص.
وحسب ممثل «سنابو» سيتم خلال الاجتماع أيضا، تقديم طلب منح رخصة استيراد استثنائية والمصادقة عليها، مع ضبط الأدوية الهامة التي سيشملها هذا الإجراء على غرار أدوية أمراض القلب والروماتيزم وغيرها. وينتظر أن يسمح الإجراء بتوفير الدواء بشكل فوري بمجرد تسجيل نقص أو فقدانه لدى الصيدليات، حفاظا على حق المريض في العلاج والحصول على الدواء.
الوزارة تدعو للتبليغ عن الموزعين المتحايلين
في المقابل، اعتبر مصدر من خلية الاتصال بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات في تصريح لـ»المساء» الحديث عن عدم وفرة الأدوية، راجع لظاهرتين تشهدهما سوق الأدوية بالجزائر حاليا، مشيرا إلى أن الظاهرة الأولى ترتبط بكون البعض يتحدث عن علامات لم تعد مسوقة في الجزائر، بعد ضمان توفير بدائل لها بتسميات تجارية أخرى. وتتمثل الظاهرة الثانية، يضيف المصدر، في ممارسة بعض الموزعين نوعا من المساومة على الصيادلة، من خلال اشتراط اقتناء علامات لأدوية إضافية لتوسيع الطلبية، ليتسنى لهم بيع الكميات غير المسوقة بشكل واسع.
ومن بين الأدوية التي يشترط الموزعون على الصيادلة اقتناءها مع مواد صيدلانية إضافية كشرط للحصول عليها حسب محدثنا، دواء «الفونتولين» الموجه لمرضى الربو والأمراض التنفسية الذي يكثر الطلب عليها في موسم الصيف.
كل العلامات المفقودة لها بدائل
ودعا ممثل وزارة الصحة الصيادلة الذين يتعرضون لمثل هذه الممارسات غير القانونية، إلى تبليغ مصالحها، من أجل اتخاذ الإجراءات الضرورية في حق الموزعين المعنيين، لافتا في سياق متصل إلى أن هناك علامات من الأدوية يتحدث البعض عن كونها مفقودة في السوق، «غير أن الحقيقة أنها أدوية غير مرخص تسويقها في الجزائر»، كونها تملك بديلا لها في السوق.
أما بالنسبة لـ»الفونتولين»، فهو حسب محدثنا، دواء موجود بالكمية اللازمة، مشيرا إلى أن عمل فرق التفتيش المشتركة بين وزارة الصحة ووزارة التجارة متواصل على مستوى الموزعين، وسيتم اتخاذ الإجراءات الصارمة ضد المتحايلين في توزيع هذا الدواء، قد تصل، إلى حد سحب الاعتماد منهم.
شرائط قياس نسبة السكر في الدم ... بلوغ نسبة تغطية 100 بالمائة نهاية سبتمبر
أكدت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، أن الإنتاج الوطني لشرائط قياس نسبة السكر في الدم سيصل إلى تغطية الاحتياجات الوطنية بشكل كلي مع نهاية شهر سبتمبر المقبل، وذلك تزامنا مع دخول 3 وحدات إنتاج جديدة حيز الخدمة والإنتاج. وحسب مصادر من الوزارة فإن مستوى الإنتاج الوطني لهذه الشرائط سيرتفع مع دخول الوحدات الجديدة مرحلة الإنتاج والتسويق أكثر من 12 مليون علبة سنويا مقابل 10 ملايين علبة حاليا، ما سيدفع بشكل آلي ـ حسبها ـ إلى توقيف استيراد هذه الشرائط التي تكلف ميزانية الدولة أموالا ضخمة بشكل نهائي. وطمأنت وزارة الصحة في سياق متصل مرضى السكري المستعملين لهذا المنتوج بأن الشرائط المصنوعة محليا ذات نوعية جيدة ومطابقة للمعايير المعمول بها دوليا.
للإشارة فإن أزيد من 4 ملايين مصاب بداء السكري في حاجة ماسة إلى استعمال هذه الشرائط مرتين في اليوم وأكثر من مرتين في بعض الأحيان.
الأخصائيون وجمعيات التبرع بالدم يدقون ناقوس الخطر ... تراجع مخزون الدم بالمستشفيات يهدد حياة مئات المرضى
تعيش العديد من المستشفيات عبر الوطن أزمة حادة بسبب تراجع مخزون الدم والصفائح الموجهة لمرضى السرطان والمصابين بفقر الدم، ما أدى بالممارسين الاستشفائيين والمختصين ومعهم الفيدرالية الوطنية لجمعيات التبرع بالدم إلى إطلاق صافرة الإنذار، داعين إلى ضرورة العمل من أجل تجديد المخزون الذي تراجع بشكل استثنائي الأمر الذي أصبح ـ حسبهم ـ يهدد حياة عدد كبير من المرضى.
وجاء العجز المسجل في مخزون مادة الدم في مستشفياتنا بعد التراجع الرهيب في عملية التبرع وعزوف المواطنين، لا سيما خلال شهر رمضان وانطلاق موسم الإصطياف الذي يشهد انشغال المواطنين بمن فيهم المتبرعون المنتظمون بعطلتهم.
وحسب رئيس الفيدرالية الوطنية للمتبرعين بالدم غربي قدور، فإن التراجع في مخزون الدم خلال الفترة الصيفية وبالتحديد خلال شهر أوت يرجع لعدة عوامل، مضيفا بقوله "بالإضافة إلى العطل وميزات شهر رمضان الكريم، هناك ارتفاع الطلب على هذه المادة الحيوية في هذه الفترة بسبب تزايد عدد العمليات الجراحية وارتفاع عدد الولادات، فضلا عن ارتفاع عدد حوادث المرور خلال هذه الفترة من السنة بالذات".
وضم رئيس الفيدرالية صوته لصوت الأخصائيين الاستشفائين الذين دعوا المواطنين إلى التوجه إلى إقرب مراكز حقن الدم بالمؤسسات الإستشفائية من أجل التبرع بقليل من هذه المادة، لإنقاذ أرواح أشخاص يوجدون في حاجة ماسة إليها لا سيما مرضى السرطان، مشيرا إلى أن التبرع بالدم "لا بد أن يكون بشكل منتظم وطيلة أشهر السنة كون مدة صلاحية كيس الدم لا تتجاوز الـ42 يوما".
وطلب السيد غربي، من كل المواطنين المتراوحة أعمارهم ما بين 18 و65 سنة والذين يتمتعون بصحة جيدة إلى المساهمة في الحملة التحسيسية التي أطلقتها الفيدرالية مؤخرا، من أجل التحفيز على التبرع بالدم، مشيرا في سياق متصل إلى الحاجة الماسة لتوفير الدم بالعاصمة التي تعرف ضغطا كبيرا كونها تتوفر على 6 مستشفيات جامعية وفي كل مستشفى هناك ما بين 6 و7 غرف للعمليات الجراحية، فضلا عن عدد آخر من المؤسسات الاستشفائية والعيادات العمومية والخاصة ما يفسر ـ حسبه ـ حدة أزمة الدم التي تعيشها الولاية حاليا.
بدورهم دق ممارسو الصحة العمومية ممن التقتهم "المساء" ناقوس الخطر إثر تفاقم حدة ندرة الدم، والتي أصبحت تهدد حياة العديد من المرضى وتسببت في وفاة عدد منهم.
ويشدد هؤلاء على ضرورة الإسراع في وضع إستراتيجية فعّالة تسمح بضمان توفير مخزون كاف من هذه المادة الحيوية، مسجلين بأسف كبير تراجع عمليات التبرع بالدم لدى المواطنين رغم حملات التحسيس والتوعية التي قامت وتقوم بها مختلف الجمعيات والهيئات وعلى رأسها الفيدرالية الوطنية للدم والجمعية الوطنية للمتبرعين بالدم.
الاستراتيجية المطالب بوضعها ـ حسب الأخصائيين ـ لا بد أن تكون فعّالة بهدف تشجيع الأشخاص على التبرع، إضافة إلى تزويد المستشفيات بأحدث العتاد والأجهزة الطبية المتعلقة بعملية التبرع من أجل ضمان تكفل صحي في المستوى المطلوب بالمتبرعين.
وتجعل ندرة التبرع بالدم مهمة المستشفيات صعبة في الحصول على ما تحتاجه من كميات الدم خلال العمليات الجراحية، حيث يلجأ الأطباء الجراحون في أغلب الأوقات لدعوة أصدقاء وأفراد عائلات المرضى ليتسنى لهم إجراء العمليات الجراحية.
وسطرت الوكالة الوطنية للتبرع بالدم برنامجا وطنيا للتحسيس بالتبرع أثناء فترة الصيف، داعية بدورها مديريات الصحة عبر ولايات الوطن إلى إعداد برنامج وطني لجمع الدم، على مستوى هياكل حقن الدم و خارج المؤسسات الصحية وذلك بالتنسيق مع اللجان المحلية للاتحادية الجزائرية للمتبرعين بالدم ومديريات الشؤون الدينية والأوقاف، وذلك في محاولة منها لغرس ثقافة التبرع بالدم في سلوك الأفراد وجعله تصرفا تلقائيا يمارس على مدار السنة.