علي هارون يروي عمليات فدائية ضربت العدو في عقر داره:
نقل الثورة إلى فرنسا أربك الاستعمار الغربي
- 2273
يُعد 25 أوت 1958 محطة تاريخية هامة في تاريخ الجزائر، أعطت للثورة التحريرية دفعا قويا ونفسا جديدا في مرحلة كانت تعيش أصعب أيامها بعد الضربات الموجعة التي تلقتها بإلقاء القبض على بعض قادتها ومفجريها؛ فقد كان يوم 25 أوت 1958 الضربة القاضية، التي لم يكن العدو يتخيلها يوما، حيث تمكنت فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا بفضل حنكة مجاهديها ومناضليها، من نقل الثورة إلى فرنسا وضربها في عقر دارها بتنظيم عدة عمليات ثورية، كبّدت العدو خسائر كبيرة، وحققت انتصارا دوليا للثورة، وخففت عنها الضغط في الداخل.
وأكد المجاهد علي هارون الذي كان من القادة الذين أوكلت لهم مهمة تحضير هذه العمليات، أن قادة الثورة عقدوا اجتماعا في 15 جويلية 1958 للتحضير لنقل الثورة إلى فرنسا، حيث ساهمت كل ولاية آنذاك في العمل والتشاور الذي استغرق مدة 10 أيام، ليتم الاتفاق يوم 25 جويلية، على تحديد تاريخ 25 أوت لتنفيذ ما تم التشاور حوله والاتفاق عليه بعد تحضير عسكري جيد وتربص تكويني لفائدة المناضلين، الذين تم تدريبهم في معسكرات ”لراش” و«خميسات” بالمغرب. وأضاف المجاهد في ندوة تاريخية نظمتها جمعية ”مشعل الشهيد” أمس بالمركز الثقافي لبلدية الجزائر الوسطى بحضور بعض أعضاء فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، أن العمليات الفدائية انطلقت ليلة 25 أوت 1958 بتوجيهات من القيادة السياسية للجنة التنسيق والتنفيذ في عدة مدن فرنسية وخاصة في باريس، ألاس، ليون، نربون، تولوز، مورييال، كاب بيناد، أوقالاد، مارسيليا، فروتيني قرب مونبولي، هارفان وفي مصنع الخراطيش في فانسان.
وقد كانت كل العمليات، حسبه، ناجحة وأربكت القوات الفرنسية، ”خاصة تلك التي استهدفت مخازن البنزين بمنطقة موريبان بمرسيليا، والتي أدت إلى اندلاع حرائق لم تتمكن الحماية المدنية من إخمادها إلا بعد مرور أربعة أيام”.
واستهدفت هذه العمليات مراكز الشرطة ومصانع مهمة وكذا بواخر نقل العتاد الحربي بمنطقة تولون جنوب شرق فرنسا.
وذكر المجاهد علي هارون بأن هذه العمليات التي تمثلت في 56 عملية تخريب و242 هجوما، أدت إلى سقوط 82 قتيلا و188 جريحا، حيث كان الهدف منها، حسبه، عسكريا واقتصاديا، وتم إعطاء تعليمات لمنفّذيها بتجنب أرواح المدنيين.
وكان الهدف من نقل هذه العمليات إلى فرنسا هو تخفيف الضغط عن الثورة بالجزائر، التي كانت تعيش مرحلة صعبة بعد 4 سنوات من اندلاعها باستشهاد أبرز مفجريها واعتقال بعضهم، وإعطاء درس للقادة الفرنسيين، وعلى رأسهم الرئيس ديغول، ”الذي قام بزيارة إلى الجزائر في جوان 1958 بالزي العسكري؛ في رسالة منه إلى انتصار فرنسا عسكريا في قمع المنطقة ”الحرة” للثورة، المتمثلة في الجزائر العاصمة، كما كانت تسمى آنذاك”.
وبعد الضربة القوية التي قادها رجال ونساء فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا والتي كانت بمثابة الرد القوي على ديغول، اضطرت فرنسا لتجنيد الآلاف من عناصر الجيش لحماية منشأتها الاستراتيجية في أراضيها، وأجلت عملية انتقال الحشود الكبيرة من الجنود التي كانت مبرمجة لتدعيم قواتها بالجزائر، وفضلت تركها لحماية النقاط الاستراتيجية، حسب السيد علي هارون، الذي أشار إلى تراجع فرنسا عن فكرة الإدماج، ”وراحت تواجه حربا داخل أراضيها لم تكن مبرمجة”.
وأضاف المتحدث يقول: ”أعطت هذه العمليات دعما معنويا للشعب الجزائري وجيش التحرير الوطني في معركته ضد المستعمر، وجعلت العالم يدرك أن هناك حربا فريدة من نوعها لم يسبق أن عرفها التاريخ؛ ضرب المستعمر في عقر داره، وبإمكانها أن تنقل العدوى إلى دول الغرب التي لها مستعمرات بإفريقيا وآسيا”.
ودعا المجاهدون الذين حضروا اللقاء إلى تسليط الضوء على تاريخ 25 أوت 1958، الذي لايزال غير معروف لدى العديد من الجزائريين وغيره من التواريخ والبطولات التي صنعت الثورة
ولازالت مجهولة، مؤكدين ضرورة تلقينها الأجيال الصاعدة لإزالة الغبار عن العديد من الحقائق التاريخية ووضع حد لمحاولات إخفائها عمدا أو تزييفها.
في هذا الإطار اعتبر الرائد لخضر بورقعة الذي عبّر عن أسفه لتشويه بعض هذه الحقائق من طرف بعض الحاقدين على الجزائر أو بعض الجهات التي لها خلفيات سياسية وأسماهم أصحاب ”الثورة المضادة”، اعتبر أن ”تاريخ الجزائر في خطر، ويجب التجند لحمايته”.
زولا سومر