"المساء" تنشر مضمون مشروع قانون الحق النقابي

نهاية عهد تسييس النقابات

نهاية عهد تسييس النقابات
  • 699
شريفة عابد شريفة عابد

❊ إجبارية حياد القيادات النقابية عن الولاءات الحزبية والشخصيات السياسية

❊ غرامة بـ20 مليون ضد مسيّسي النقابات و5 ملايين لانخراطات أجنبية غير مرخصة

❊ دعم الدولة مرتبط بالمساهمة في ترقية الحوار وتسوية النزاعات

❊ تمكين الأجانب من العضوية في الهيئات القيادية النقابية

تتجه الجزائر إلى الفصل التام بين النشاط النقابي وممارسة السياسة، وإلزامية الحياد عن كل ولاءات لشخصيات أو أحزاب سياسية، من خلال تجريم الجمع بين النشاطين وحل المنظمات النقابية التي لا تحترم الخطوط الحمراء لممارسة العمل النقابي. وعلل المشرع هذا الفصل، بالحرص على استقلالية النقابات والنأي بها عن كل تجاذبات سياسية، حتى لا تكون أذرعا لأحزاب سياسية قصد استعمالها للضغط والمناورة السياسية. كما ربط مشروع القانون الخاص بممارسة العمل النقابي، الدعم الذي تستفيد منه النقابات بمدى مساهمتها في ترقية الحوار وتسوية النزاعات العمالية.

بناء على التعديلات التي تضمنها مشروع قانون الحق النقابي، الذي تحوز "المساء"، على نسخة منه، فإن ممارسة النشاط النقابي، سيتعارض مستقبلا وممارسة أي نشاط سياسي وسيكون منحصرا في المطالب الاجتماعية والمهنية وسيكون النقابيون مجبرين على الاختيار بين السياسة والنشاط النقابي. كما منع مشروع القانون، الجمع بين وظيفة إدارية والممارسة النقابية، تطبيقا لتوجيهات، رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بضرورة، وضع مفهوم جديد للعمل النقابي وضبطه وفق أطر جديدة تتماشى ومستجدات الساحة الاجتماعية والمهنية.

ولأجل ذلك فقد خصّص مشروع القانون فصلا كاملا لاستقلالية النشاط النقابي حيث نصت المادة 12 أن "المنظمات النقابية مستقلة في سيرها ومتميزة في هدفها وتسميتها عن أي حزب سياسي" وأنه "يمنع على المنظمات النقابية الارتباط هيكليا ووظيفيا بأحزاب سياسية ولا يمكنها الحصول على دعم بوسائل مالية أو امتيازات من هذه الأحزاب". وذكرت بالعقوبات التي تطال النقابات التي لا تحترم هذا الشرط، بتطبيق أحكام المادتين 62 و65 من هذا القانون، التي أقرت عقوبات بتعليق وحل المنظمة النقابية. كما يمنع المشروع الجديد "الجمع بين عهدة في هيئة قيادية وإدارة لمنظمة نقابية وممارسة مسؤولية قانونية، أساسية أو عهدة في هيئات قيادية لحزب سياسي".

ويتعين على الأعضاء المؤسسين للمنظمات النقابية التزام الحياد والامتناع عن التصريح بمساندتهم لأحزاب سياسية أو أي شخصية سياسية. وتطبيقا لذلك، يتعين على المنظمات النقابية وفق المادة 15 من نصّ المشروع، وضع ميثاق أخلاقيات يخص النشاط الممارس من طرف منخرطيها الذين لا يمكنهم مخالفته، "كما يجب أن تتضمن القوانين الأساسية والأنظمة الداخلية للمنظمات النقابية أحكاما تنص على الفصل بين النشاط النقابي والنشاط السياسي والابتعاد عن أي حزب سياسي أو جمعية أو أي مجموعة ضغط".

النقابات للدفاع وحماية مصالح العمال الاقتصادية والاجتماعية

وحدّد الفصل الثالث من المشروع وفق المادة 16، الهدف من تأسيس منظمة النقابية، في حماية المصالح الاقتصادية والاجتماعية والمادية والمعنوية والفردية والجماعية للأعضاء الذين تغطهم قوانينها الأساسية والدفاع عنها. وشدّد المشرع على إعطاء الأولوية للحوار وتغليب الوسائل السلمية لتسوية النزاعات، حفاظا على المصالح المادية والمعنوية للعمال الأجراء ومصالح المستخدمين. ووضع أطر تعاون نقابي دولي، شريطة أن لا يتعارض ذلك والثوابت الوطنية وفق ما نصت عليه المادة 58 .

لا تمويل أجنبي أو وطني إلا برخصة تجنبا لشبهة غسيل الأموال

كما تضمن مشروع القانون ضوابط أخرى لمنع تلقي الهبات والوصايا من جهة أجنبية أو وطنية إلا برخصة، حدّدتها المادة 49 على أنه "يمنع على المنظمة النقابية استلام الهبات والوصايا المثقلة بأعباء وشروط إلا إذا كانت متطابقة مع الأهداف المحددة في قانونها الأساسي وأحكامه، كما لا يمكن استلام الهبات والوصايا من منظمات نقابية وهيئات أجنبية أو وطنية إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة للسلطات الإدارية المختصة، التي تتأكد من المصدر والمبلغ ومطابقة الأهداف المحددة في القانون الأساسي للمنظمة النقابية والتزاماتها". ويندرج ضبط طرق التمويل في سياق تكييف النقابات والقانون الجديد الخاص بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما. ويخضع تأسيس المنظمات النقابية إلى نظام التصريح فقط دون الحاجة إلى الحصول على الاعتماد، تطبيقا لمضمون الدستور وفق ما ترجمته المادة 34.

30 ولاية للحصول على صفة نقابة وطنية

راعى مشروع القانون للحصول على صفة نقابة وطنية وجود 30 عضوا مؤسسا على الأقل موزعين على 30 ولاية بصفة متوازنة على كامل التراب الوطني، يثبت انخراطهم في صندوق التضامن الاجتماعي للغير المتقاعدين. أما النقابات ذات الطابع الإقليمي فيحدد العدد الأدنى بعشرة أعضاء مؤسسين، بالنسبة للمنظمات ذات الطابع المشترك بين الولايات، موزعين على ثلاثة 3 ولايات على الأقل، وثمانية 8 أعضاء مؤسسين بالنسبة للمنظمات ذات الطابع الولائي، موزعين على ثلاثة 3 بلديات على الأقل وخمسة 5 أعضاء مؤسسين بالنسبة للمنظمات ذات الطابع البلدي أو المشترك بين البلديات، موزعين على بلديتين اثنتين على الأقل. يسلم وصل تسجيل التصريح في آجل 30 يوما على أقصى تقدير، حسب المادة 34، من أجل تسهيل عملية تأسيس نقابات بعيدا عن العراقيل البيروقراطية والإدارية. كما يتعين على النقابات إرسال مؤشرات إحصائية لتحديد تعداد المنخرطين، مقارنة مع العدد الإجمالي للعمال في كل مكان عمل إلى السلطة الإدارية المختصة المسجلة لديها كل ثلاث 3سنوات.

للأجانب الحق في قيادة النقابات شريطة الإقامة 3 سنوات

وفي إطار تكييف الجزائر قوانينها مع توصيات منظمة العمل الدولية، فقد تم منح حق العضوية للعمال الأجانب والتواجد في الهيئات القيادية بنسبة 30 بالمائة دون رئاستها، علما أن هذا التعديل أدرج في المشروع السابق الذي نزل منذ أكثر من سنة واحتفظت به وزارة العمل، وضبطت المادة 55، شروطه للعمال الأجانب حيث "شريطة أن يكونوا مقيمين في الجزائر بصفة قانونية، منذ ثلاث سنوات على الأقل، حائزين على سندات عمل صالحة، بالنسبة للعمال الأجراء أو مستندات تبرر نشاطهم الصناعي أو التجاري أو الحرفي أو الحر بالنسبة للمستخدمين، مسلمة من المصالح العمومية المختصة".

الدعم مرهون بالمساهمة في ترقية الحوار الاجتماعي

حدد المشروع شروط استفادة النقابات من دعم الدولة، بمدى مساهمتها في ترقية الحوار والتفاوض الجماعي من أجل إبرام الاتفاقات الجماعية للعمل والوقاية من النزاعات، حسب المادة 57 من المشروع. كما يمكن للمنظمات النقابية التمثيلية للعمال الأجراء الاستفادة من الإعانات المالية للدولة والجماعات المحلية، على أساس، التمثيلية النقابية، بالاستناد إلى برامج الدراسات والنشر والتكوين التي تبادر بها المنظمات النقابية، ذات الصلة بمهامها والأهداف المحددة في قوانينها الأساسية. وفي مجال التعاون الدولي يلزم المشرع النقابات بإعلام السلطة الإدارية المختصة، بانخراطها في منظمات نقابية دولية وقارية وجهوية، لها نفس الأهداف أو أهداف متشابهة في أجل ثمانية 8 أيام عمل التي تلي الانخراط. تعين المنظمات النقابية ممثليها بكل حرية في جميع الأشغال المدعوة إليها بما فيها أشغال الهيئات الدولية للعمل، "المادة 58".

تعليق وحلّ نشاط المنظمة النقابية

تعلق أنشطة المنظمات النقابية التي لا تقدم بشكل مسبق طلب الترخيص من السلطات الإدارية المختصة وتلك التي لا تقوم بالإخطار بالتعديلات في قانونها الأساسي ونظامها الداخلي، أو من يستمر نزاعها الداخلي لدرجة يخل بسير المنظمة النقابية. وتصل أقصى مدة للتعليق، سنتين أمام الجهة القضائية والإدارية وتحل أيضا النقابات التي تقوم بارتكاب مخالفة من شأنها الإخلال بالنظام العام، بعد رفع دعوى أمام الجهة القضائية المختصة للمطالبة بتعليق كل نشاط لهذه المنظمة.

ويتم حل المنظمات النقابية بأحكام قضائية بطلب من السلطة الإدارية المختصة في حال خرقت أحكام هذا القانون المتعلقة بهدفها والقواعد والإجراءات المرتبطة بسيرها المنصوص عليها في قانونها الأساسي وكذا خرق أحكام القانون الخاصة بعلاقتها مع أحزاب سياسية وعدم ممارسة نشاط فعلي مرتبط بهدفها لمدة ثلاث 3 سنوات، أو التعرض لمشاكل خطيرة ومستمرة تعرقل سيرها وأيضا في حالة ارتكاب مخالفات مالية خطيرة والمساس بأملاكها أو التحريض على العنف أو التهديد أو أي تصرف غير شرعي مع خرق أو محاولة خرق حقوق العمال ورفض الامتثال وتنفيذ قرارات العدالة. وعدد المشرع حالات أخرى تؤدي إلى حل النقابات منها، الإصرار على اللجوء إلى إضرابات غير قانونية تؤثر على المرفق العمومي أو سيره، وارتكاب مخالفات متكررة، سبق وأن كانت موضوع تعليق قضائي، قبول هبات ووصايا، مخالفة لأحكام هذا الـقـانـون.

20 مليون سنتيم غرامات ضد من يسيّس النقابات

ويقع المخالفون لمضمون القانون تحت طائلة إجراءات جزائية، بناء على تقارير يعدها مفتشو العمل. ويعاقب بغرامة من 10 ملايين إلى 20 مليون سنتيم في حق من يتدخل في تسيير المنظمة النقابية بواسطة أي فعل يكون الغرض منه المساس باستقلالية المنظمة النقابية، ويقصد بها عمليات تسييس النقابات واستغلالها لأغراض سياسية بالإضافة إلى الجمع بين ممارسة عهدة نقابية في هيئة قيادة وإدارة لمنظمة نقابية وعهدة في الهيئات القيادية لحزب سياسي، وكذا الإضرار بالعامل الأجير بسبب الانتماء أو ممارسة النشاط النقابي، فيما يتعلق بالتوظيف والترقية والتحويل والتكوين المهني، ومنح المزايا الاجتماعية والإجراءات التأديبية. في حالة العودة، تضاعف الغرامة وفق المادة 149 .

وتتراوح الغرامات من 2 مليون سنتيم إلى 5 مليون سنتيم، في حالة الانخراط في منظمات نقابية دولية أو قارية أو جهوية دون إعلام السلطة الإدارية المختصة في الآجال المحددة. هذا ويمكن أن تصل العقوبات الحبس من ثلاثة 3 أشهر إلى ستة 6 أشهر، وبغرامة من 5 مليون سنتيم إلى 10 ملايين سنتيم أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حالة استعمل المداخيل المرتبطة بنشاطات المنظمة النقابية لتحقيق أغراض غير مطابقة لأهداف المنظمة النقابية كما هو محدد في هذا القانون.

20 مليون غرامة والحبس في حال قبول تمويل أجنبي غير مرخص

وشدّد المشرع بخصوص الإجراءات الجزائية في حال قبول النقابات لتمويل أجنبي غير مرخص، حيث يعاقب بالحبس من ستة 6 أشهر إلى سنة، وبغرامة من 10 ملايين إلى 20 مليون سنتيم، في حالة قبول هبات أو وصايا واردة من منظمات نقابية وهيئات أجنبية دون موافقة مسبقة للسلطة الإدارية المختصة، حسب المادة 152 مع تشديد العقوبة في حال تكرّرت هذه المخالفات.