ترقية السلم في الساحل وشمال إفريقيا

واشنطن تقدّر جهود الجزائر

واشنطن تقدّر جهود الجزائر
  • 1195
مليكة. خ مليكة. خ
أكدت الولايات المتحدة الأمريكية، تقديرها للجهود التي تبذلها الجزائر من أجل ترقية السلم والاستقرار بشمال إفريقيا ومنطقة الساحل، كما أعربت عن ارتياحها لآفاق مواصلة التعاون المشترك من أجل تحقيق مستقبل يطبعه الرقي والأمن بالنسبة للبلدين، في انتظار انطلاق مخطط العمل الشامل المشترك.
جاء ذلك في رسالة وجهها كاتب الدولة الأمريكي جون كيري، لوزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة، وذلك في رده على رسالة التهنئة التي وجهها له رئيس الدبلوماسية الجزائرية، إثر التوقيع على الاتفاق النووي بين إيران والدول العظمى.
ووجه السيد كيري، شكره للسيد لعمامرة، على رسالته بشأن التوصل لاتفاق شامل حول الملف النووي مع إيران.  قائلا في هذا الصدد" وكما كتبتم في الرسالة فإن هذا الاتفاق التاريخي سيسمح بعد تنفيذه بمنع إيران وبطريقة سلمية وفعلية من امتلاك السلاح النووي، وسيساهم في ضمان المزيد من السلام في العالم".
وخلص كاتب الدولة الأمريكي في رسالته "أنتم تعلمون مدى صعوبة المفاوضات وهذا ما برهنت عليه قيادتكم  الشخصية لمسار السلم في مالي. وإذ سنباشر المرحلة المقبلة من التنفيذ نعرب عن امتناننا الكبير لدعم الجزائر لمخطط العمل الشامل المشترك".
وتأتي رسالة كاتب الدولة الأمريكي، لتعزز تطابق وجهات النظر بين البلدين بخصوص التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، لا سيما وأن واشنطن تعتبر الجزائر حليفا استراتيجيا في منطقة شمال إفريقيا في مجابهة هذه الظاهرة العابرة للحدود.
وكان تقرير سنوي صادر عن كتابة الدولة الأمريكية حول مكافحة الإرهاب خاص بسنة 2014، قد أشاد بجهود الجزائر في مجال مكافحة الإرهاب، معتبرا بلادنا شريكا أساسيا في مسار الجهود العالمية للتصدي للظاهرة.
ونوه التقرير الأمريكي بدور الجزائر "الريادي" في مكافحة دفع الفدية لمختطفي الرهائن، مذكّرة بأن بلادنا عضو مؤسس لمنتدى مكافحة الإرهاب العالمي، فضلا عن أنها لا تزال تلعب دورا هاما في جهود هذه الهيئة لتحسيس الحكومات بضرورة منع دفع الفديات. في حين أشارت واشنطن إلى أنه من أجل تعزيز مكافحة الإيديولوجيات المتطرفة قامت السلطات الجزائرية، بوضع سياسات "وجيهة" للقضاء على التطرف.
وكانت زيارة كاتب الدولة الأمريكي إلى الجزائر في أفريل 2014، للإشراف على دورة الحوار الاستراتيجي بين البلدين فرصة للبلدين لتعميق التشاور حول الشق الأمني لا سيما فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، وتبنّي الحوار السياسي لحل الأزمات الإقليمية التي أفرزتها ما يسمى بثورات الربيع العربي، على غرار الأزمة الليبية التي كان لها تأثير مباشر على الوضع الأمني في منطقة الساحل، بالإضافة إلى مجالات التعاون المتعددة في المجالين الاقتصادي والتجاري.
وكثيرا ما تركز دورات الحوار الاستراتيجي التي تعقد دوريا بين البلدين على تنسيق البرامج الموجهة لتعزيز قدرات الشركاء الإقليميين، حيث أعربت الولايات المتحدة بهذا الخصوص عن عرفانها للجزائر من أجل الدور الذي تضطلع به في ترقية الحلول السلمية للنزاعات الإقليمية، بما في ذلك وساطتها التي أفضت إلى اتفاق بين الحكومة المالية والجماعات المسلحة في شمال هذا البلد، وكذلك من أجل الدعم الذي تقدمه للجهود التي يبذلها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة من أجل ليبيا برنادينو ليون.
كما ظهر التوافق بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية في مجابهة الظاهرة بالالتزام بمواصلة العمل سويا، لاسيما ضمن المنتدى الشامل لمحاربة الإرهاب من أجل تنفيذ برنامج العمل المتفق عليه خلال اللقاءات الوزارية التي نظمت على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحضيرا لقمّة قادة الدول حول التطرّف العنيف التي ستحتضنها نيويورك شهر سبتمبر المقبل.
وقد نجحت الدبلوماسية الجزائرية في إقناع الدول الكبرى وعلى رأسها واشنطن، بسداد رؤيتها فيما يتعلق بمعالجة الأزمات الدولية سياسيا، بل إنها لقيت الدعم الكامل بهذا الخصوص، حيث اعترفت واشنطن في هذا الصدد بالجهود المبذولة مثلما تجلى ذلك في تصريحات كاتب الدولة الأمريكي جون كيري، الذي أكد أن "الجزائر أدت دورا حيويا في دعم جهود الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي في ليبيا".
وإن ما زاد من قناعة الولايات المتحدة الأمريكية بذلك هو أن استعمال القوة العسكرية لم ينجح في حل العديد من المعضلات، كما كان الحال مع مالي التي دخلت في دوامة من العنف إلى غاية إبرام اتفاق للسلم والمصالحة بين الحكومة المالية والجماعات المسلحة في شمال هذا البلد، في حين تظل الأوضاع في سوريا واليمن على حالها.
ويستمد التوجه العام للعقيدة الجزائرية من المبادئ العامة المرتكزة على مبادئ عدم التدخل في شؤون الآخرين، فبحكم موقعها الاستراتيجي ترى الجزائر أنها أصبحت اليوم مطالبة بإيلاء أهمية أكبر لتعزيز علاقاتها مع دول الجوار وفق قناعاتها بضرورة حل الأزمات سياسيا بالدرجة الأولى، فإذا كانت التهديدات الأمنية في منطقة الساحل تتطلب أحيانا العمل العسكري، إلا أن الرهان على هذا العمل لوحده قد لا يكون مفيدا وصالحا في كل الأحوال، فلا يمكن القضاء على الفقر والسيدا والفيروسات الأخرى مثلا بالدبابة العسكرية.