تقدم بارز في الجولة الثالثة من الحوار الليبي بالجزائر

”نداء ليبيا” خطوة نحو الحل السياسي

”نداء ليبيا” خطوة نحو الحل السياسي
  • القراءات: 603 مرات
جميلة. أ جميلة. أ

أطلق قادة ورؤساء الأحزاب والنشطاء الليبيون في ختام اجتماعهم الثالث بالجزائر، ”نداء ليبيا” الداعي إلى العودة إلى السلم والمصالحة في ليبيا، وضرورة الإسراع في التوصل إلى حل سياسي للأزمة في ظل تزايد التهديد الإرهابي، من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية، وقد توجت أشغال الأطراف الليبية المجتمعة في إطار مسار الحوار الذي أطلقته بعثة الأمم المتحدة بالجزائر، منذ شهر مارس الماضي، ببيان تضمن ”إجماعا”على ضرورة تقديم تنازلات من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة متعددة الأبعاد في ليبيا، وإنقاذها من خطر الانهيار الذي يترصدها.
وأكد المشاركون في الاجتماع الثالث لقادة ورؤساء الأحزاب والنشطاء الليبيين الذي اختتم أول أمس، بالجزائر، بعد يومين من التباحث والتشاور حول عدد من المسائل الجوهرية، وجوب التوصل في أقرب الآجال إلى اتفاق نهائي من شأنه تشكيل حكومة وحدة وطنية وإيجاد حل للأزمة، وعبّر المشاركون عن إرادتهم القوية في إخراج هذا البلد من أزمته، مرحبين بالتقدم المحرز في عملية الحوار السياسي الليبي، مؤكدين على قناعتهم الراسخة بأنه لا وجود لحل للنزاع في ليبيا خارج إطار الحوار.
وحيا وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، السيد عبد القادر مساهل، الإرادة القوية لقادة ورؤساء الأحزاب والنشطاء الليبيين الذين شاركوا في هذا الاجتماع الذي من شأنه التوصل إلى تسوية سريعة للنزاع في هذا البلد المغاربي وقال أن هذا الاجتماع سيدخل في تاريخ ليبيا الجديدة وتاريخ كل المنطقة، مشيدا بوعي المشاركين الذين يضعون مصلحة بلدهم فوق كل الاعتبارات الأخرى بما يعكس استعدادهم للقيام بتنازلات من أجل العودة السريعة إلى السلم والاستقرار في ليبيا.
وقال السيد مساهل، إن النقاشات كانت ديمقراطية وتميّزت بالتبادل الجاد للأفكار بين المشاركين الذين اغتنموا الفرصة لدعوة جميع القوى والطاقات الليبية إلى البحث عن حل سياسي بعيدا عن أي تدخل خارجي في الأزمة التي تعيشها البلاد، محذّرين من الجماعات الإرهابية التي حققت توسعات مقلقة في الأقاليم الليبية، وكذلك من تفشي ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي تفاقمت بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
من جهته حيا المبعوث الخاص للأمم المتحدة في ليبيا، السيد بيرنادينو ليون، الدور ”البنّاء والمحايد” للجزائر من أجل إعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، مؤكدا أن البيان الختامي لهذا الاجتماع الثالث لقادة ورؤساء الأحزاب والنشطاء الليبيين كان ”نداء عظيما” من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي، وهو - كما قال- ”نداء إلى المسؤولية وإلى التوصل إلى اتفاق من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية”، مشيرا إلى أن المشاركين من القادة ورؤساء الأحزاب والنشطاء الليبيين يمثلون 95 بالمائة من المجتمع الليبي، بحيث أن كل المشاركين في الاجتماع ينتمون إلى الأحزاب التي طبعت الساحة السياسة في ليبيا طيلة الثلاث سنوات الماضية. وقال السيد ليون، أن ”هدف الوساطة الدولية هو التوصل إلى كتابة مشروع مسودة جديد يتميز بالوضوح عكس ما كانت عليه المسودة الثالثة التي رفضها المؤتمر الوطني العام الليبي بطرابلس، بسبب الغموض الذي كان يكتنفها خاصة فيما يتعلق بصلاحيات وتشكيل مختلف مؤسسات الدولة”، مضيفا أن الهندسة المؤسسة التي توصل إليها الفرقاء الليبيون خلال الحوارات السابقة كانت مقبولة في شكلها العام، لكن تبقى بعض النقاط التي يجب التوصل إلى حلّها في أقرب الآجال لأن الوضع في ليبيا في تأزم مستمر.  وفي هذا السياق، قال المسؤول الأممي، إن الأوضاع الاقتصادية في ليبيا عرفت تدهورا كبيرا في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى تزايد التهديد الإرهابي الذي أضحى من الأولويات بعد أن ازداد توسع تنظيم (داعش) في مناطق كبيرة خاصة في وسط البلاد. وتضمن البيان الختامي الذي قرأه السيد مهدي وردامي لمين، أحد المشاركين في هذا الاجتماع، قناعة راسخة لدى الأطراف المتحاورة، بأنه لن يكون هناك حل للنزاع الدائر في ليبيا خارج إطار الحوار السياسي الذي تسيّره الأمم المتحدة، كآلية وحيدة للاستجابة لتطلعات جميع الليبيين، وضمان احترام المسار الديمقراطي واستئناف الانتقال السلمي للسلطة في ليبيا بالاستناد إلى مبادئ الديمقراطية، والفصل بين السلطات واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون. وحث المشاركون ”الأطراف المعنية الرئيسية في الحوار السياسي الليبي على تحقيق تطلعات الشعب الليبي بوضع حد فوري للنزاع في ليبيا، من خلال شراكة سياسية حقيقية وحكم شفاف والتزام بمحاربة الفساد”، داعين جميع الأطراف لإبداء المرونة وتقديم التنازلات لتحقيق ”اتفاق سياسي يكون شاملا ومتوازنا وتوافقيا”، و«الإسراع في تشكيل حكومة وفاق وطني”.  
كما ناشد المشاركون ”جميع الأطراف الممثلة في الحوار السياسي الليبي، بالانخراط في مناقشات مباشرة وجها لوجه”، داعين إلى ”مساءلة الذين يعرقلون العملية السياسية من أفراد وجماعات تماشيا مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”، واستشعر المشاركون في هذا الاجتماع الجوهري ”المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقهم في هذه اللحظات المفصلية والحاسمة لعملية بناء السلام في ليبيا”، مبدين تصميمهم على ”تحمّل هذه المسؤولية”، كما استشعروا كذلك ”الوضع الإنساني الصعب الذي يعانيه أبناء شعبهم في الداخل والخارج من جراء استمرار النزاع”، مطالبين ”جميع الجهات بالسماح بفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية خاصة مع اقتراب حلول شهر رمضان”.
وأعرب المجتمعون عن إدراكهم التام ”لخطورة الأوضاع والتحديات التي تواجهها ليبيا، وأدانوا بقوة الهجمات الإرهابية التي وقعت مؤخرا، معربين عن ”قلقهم إزاء زيادة وتيرة الأعمال الإرهابية وسيطرة تنظيم ”الدولة الاسلامية” على بعض المناطق الليبية وخطرها المحدق على استقرار وأمن البلاد، وعلى ضرورة الوقوف صفا واحدا في مجابهة هذا الخطر”، رافضين استخدام القوة بغية تحقيق أهداف سياسية، كما أقروا بالحاجة الملحة لجعل استخدام القوة حكرا على الدولة لإحلال الاستقرار والأمن (...)”. كما أكدوا كذلك على ”الملكية الليبية للعملية السياسية، وعلى ضرورة التوصل إلى حل ليبي مبني على حوار الليبيين فيما بينهم دون أي تدخل خارجي”.
وفيما يتعلق بتفشي ظاهرة الهجرة غير الشرعية في الآونة الأخيرة، أعرب المشاركون ”عن قلقهم البالغ بشأن التحدي الذي تشكله هذه الظاهرة لليبيا ولمحيطها وعن تضافر الجهود بين ليبيا وجيرانها للتصدي لهذه الظاهرة، معربين عن قناعتهم بأن أفضل السبل للتصدي لهذه الظاهرة هو في الاتفاق سريعا على تشكيل حكومة التوافق الوطني التي يجب أن تقود هذه الجهود بالتعاون مع المجتمع الدولي، مع الاحترام الصارم لسيادة ليبيا ووحدتها ولمبادئ القانون الدولي ذات الصلة”. وفي الأخير، عبّر المجتمعون عن ”امتنانهم للجزائر لاحتضانها مسار حوار الأحزاب السياسية والنشطاء السياسيين وجهودها المخلصة لمساعدة الليبيين للتوصل إلى حل سياسي توافقي تحت رعاية الأمم المتحدة.


المشاركون يثمّنون مضمون ”بيان الجزائر”:
 تفاؤل، عزم وإجماع على إنقاذ ليبيا

أجمع المشاركون في الاجتماع الثالث لقادة ورؤساء الأحزاب والنشطاء الليبيين، على ضرورة الإسراع في التوصل إلى حل سياسي للأزمة في ليبيا، التي تعرف في الآونة الأخيرة تزايدا مخيفا للتهديدات الأمنية والإرهابية. وإذ عبّر المجتمعون عن تفاؤلهم بحل سريع للأزمة، فإنهم ثمّنوا ما تضمّنه بيان الجزائر، الذي عبّر و”بوضوح تام”، عن ضرورة التعجيل في إنقاذ ليبيا من خطر الانهيار الكلي الذي يتهددها من جميع النواحي، وإعادة الأمل لملايين الليبيين الذين ينشدون حلا شرعيا وعاجلا للأزمة.
وفي هذا السياق، قال السيد عيسى التواجر وزير التخطيط السابق في الحكومة الانتقالية وممثل عن القطاع الخاص في ليبيا، إن فقرات الحوار الذي احتضنته الجزائر هي ”في الأساس تأكيد على الإرادة في الحوار، والجديد هو حث المتحاورين الليبيين على الالتقاء مباشرة وجها لوجه”. واعتبر أن ”مخرجات هذا الاجتماع إضافة ودعم قوي للحوار من أجل إيجاد حل سريع للوضع الأمني المتأزم. وتم الاتفاق على معظم الفقرات، خاصة موضوع محاربة الإرهاب”.. مشيرا إلى ”سيطرة بعض القوى المتطرفة على جزء من وسط ليبيا، كان في الحقيقة عامل توحيد على ضرورة الوقوف صفا واحدا ضد الإرهاب”.
أما السيد عبد الله عثامنة، المستشار السياسي لرئيس البرلمان بطبرق، فقد أظهر نوعا من الخوف، وقال إن ”الأطراف الليبية ليست كلها على درجة عالية من الوعي بخطر الإرهاب في ليبيا”، مشيرا: ”أصبح الأمر أكثر من ضروري لإيجاد حل؛ بالنظر إلى تزايد التهديد الأمني في ليبيا، والذي ينعكس على دول الجوار”، مضيفا أن ”الاجتماع أكد على وجوب تحديد معايير ومواصفات الحكومة”. وقال السيد عثامنة إن ”التفاؤل موجود، لكن مستوى تنازلات الأطراف الليبية ليس بحجم مستوى التهديد الإرهابي الذي تواجهه اليوم ليبيا”.
 من جانبها، أكدت تركية عبد الحفيظ الوائر، وهي ناشطة سياسية ليبية، أن الاجتماع الثالث للحوار الليبي الشامل، سجل ”إجماعا” حول ضرورة القيام بـ”تنازلات” من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة متعددة الأبعاد في ليبيا، داعية كافة الأطراف الليبية في النزاع، إلى التحلي بـ ”الحكمة” مع اقتراب شهر رمضان المعظم، والمساهمة في عودة السلم والأمن في البلاد، موضحة أيضا أنه تم تقديم توصيات وأفكار قصد التوصل إلى اتفاق نهائي يستجيب لتطلعات كل الأطراف.
وأعربت هذه المناضلة عن ارتياحها للمشاركة الليبية ”القوية” في اجتماع الجزائر، الذي جمع مختلف قادة الأحزاب السياسية ونشطاء وممثلين عن المجتمع المدني الليبي، منوّهة بدور ودعم الجزائر والأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة في بلدها. كما عبّرت السيدة الوائر عن ”تخوفاتها” بشأن تنظيم الجهاز الأمني الضروري لوقف إطلاق النار واستتباب النظام في ليبيا، مؤكدة أنه ينبغي على الجيش الليبي المقبل وحده أن يتكفل بهذه المهمة بعيدا عن كل تدخّل أجنبي.
ومن جهته، قال سيف النصر أبو عجيلة ممثل عن حزب الجبهة الوطنية، إنه قد تم تجاوز جزء أساس فيما يتعلق بالخلاف الموجود بين الأطراف الليبية حول المسودة الثالثة، مضيفا أن المسودة السابقة كانت خيبة أمل، ومخرجاتها لم تعكس مجرى الحوار الذي انطلق منذ ديسمبر الماضي، وقال: ”نعتقد أننا تجاوزنا هذا الأمر، وهدفنا اليوم هو الاتفاق حول مسودة رابعة قابلة لأن تجمع كل الأطراف السياسية حولها”، مشيرا إلى أن الحل السياسي ليس هو الحل في حد ذاته وإنما هو بداية الحل.
ويرى السيد أبو عجيلة أن المسودة الرابعة يجب أن تكون آخر المسودات، وأن تكون هذه الجولة من الحوار هي كذلك الأخيرة. وأكد المتحدث أن التوصل إلى هذا الاتفاق ”أمر أساس لكي نمهّد الطريق لحكومة وحدة وطنية لمواجهة التحديات التي تواجه اليوم ليبيا أكثر من أي وقت مضى، خاصة مع تزايد التهديد الإرهابي الذي سيطر على بعض المناطق، وهو الموضوع الذي حظي بمناقشة واسعة من قبل المشاركين، الذين اعتبروا أن تحدي الإرهاب هو واقع مرير يواجه الليبيين والمنطقة بصفة عامة”.