بعد مسيرة رياضية حافلة

الجيدو الجزائري يفقد الأسطورة الحاج عدة مسكين

الجيدو الجزائري يفقد الأسطورة الحاج عدة مسكين
  • القراءات: 297
سعيد. م سعيد. م

لم يمر وقت طويل على توديع المربي كيسي قدور إلى مثواه الأخير، حتى فجعت أسرة الجيدو بوهران مؤخرا، برحيل الأستاذ والمربي الحاج عدة مسكين (83 سنة) أحد أساطير رياضة الجيدو في الجزائر، والمساهمين الفاعلين إلى جانب الشخصية الفذة سيد أحمد حيفري،  في الإنجازات التي حققها الجيدو الجزائري وطنيا ودوليا.
تلقت عائلة الجيدو بوهران مؤخرا، بألم كبير، فقدان الحاج عدة مسكين، أحد أعمدة الجيدو الجزائري، الذي يعود له الفضل الكبير في نهضة رياضة الجيدو بعاصمة غرب البلاد، بدليل أنه بادر إلى فتح قاعة متخصصة في اللعبة، شيدها بمقاييس عالمية، مساهمة منه، بمناسبة احتضان مدينة وهران للنسخة 19 من ألعاب البحر الأبيض المتوسط في صائفة 2022، لتكون مقصدا للوفود المشاركة في الموعد المتوسطي، للتدرب فيها، بعد أن اجتهد، إلى جانب تلاميذه من مدربين ورياضيين، بتزويدها بأحدث المعدات الخاصة باللعبة، إلى جانب تكوينه مئات من المصارعين الأكفاء، الذين كانوا متأثرين كثيرا بفقدان مربيهم، وآثروا المجيء من مختلف ربوع الوطني إلى البيت العائلي الحاج مسكين، لتقديم واجب العزاء والمواساة في فقيدهم الغالي، وفي من كان له الفضل في وضعهم على سكة النجاح والتألق .
بداية الحاج عدة مسكين مع رياضة الجيدو، كانت خلال فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، حيث كان له الحظ في ممارسة هذه اللعبة، التي كانت محرمة على أبناء الشعب الجزائري، بقرار مجحف من السلطات الفرنسية المحتلة، مع العلم أن الحاج مسكين داعب كرة القدم، ومارس التجديف والملاكمة وألعاب القوى، قبل الالتصاق برياضة الجيدو، إلى غاية رحيله عن هذه الدنيا، ومن الأفضليات التي استفاد منها الحاج مسكين، وهو طالب، تتلمذه على يد الأستاذ فيسيدو. لم يتخلف الحاج عدة مسكين عن تسجيل اسمه، متقدما عددا كبيرا من الرياضيين الشباب، لكسب المزيد من معارف رياضة الجيدو، مباشرة بعد فتح أول قاعة للجيدو بمسقط رأسه في مدينة معسكر، وتلك كانت البداية المضيئة للمشوار الكبير، والمتميز للبطل الراحل، خاصة لما احتك بأساتذة كبار آخرين كمارونو  ودالوين.
وبعد نيل الجزائر الاستقلال، وتحديدا في سنة 1964، تحصل الحاج عدة مسكين على الحزام الأسود ( 1دان)، بعد تربص خاص باجتياز الرتب من بين ما لا يقل عن 33 مصارعا، كانوا حاضرين لذات القصد، وتحت مجهر العين الخبيرة للأستاذ الياباتي ميشيقامي (7 دان)، وهذا اللقب فتح الباب على مصراعيه أمام الحاج مسكين، ليلتحق بالمنتخب الوطني سنة 1965، وتمثلت جهود الحاج عدة مسكين في تطوير الجيدو الجزائري، خاصة الوهراني في مساهماته في تأسيس عدة فروع للعبة بوهران، أديرت ولازالت كذلك من قبل من تتلمذوا على يده، ليختار بعدها عضوا في لجنة تنظيم ألعاب البحر الأبيض المتوسط 1975 بالجزائر العاصمة، كما ساهم في ترقية رياضات أخرى، كاللعبة التقليدية العصا أو "المطرق".
وخارج البساط، كان للحاج عدة مسكين حضور إداري واضح في تأسيس أول رابطة جهوية للجيدو، برئاسة الدكتور منصوري، وكان وقتها أمينا للمال، ليتداول بعدها على عدد من مناصب المسؤولية ، تقديرا لجهوده في رفع شأن الجيدو الجزائري عامة والوهراني خاصة .
كما تقلد الحاج عدة مسكين منصب رئيس المجلس البلدي للرياضات بوهران سنة 1980، ونائب رئيس المجلس البلدي لمدينة وهران، وكان له دور فعال في تأسيس نادي الاتحاد الرياضي لبلدية وهران.
رحل عنا الحاج عدة مسكين، تاركا وراءه إرثا رياضيا كبيرا، قل نظيره في رياضة الجيدو، لكن للأسف، لم يتم الاستفادة كما يجب، وبشكل كبير من التجارب والمعارف، والحضور القوي والدائم، وطنيا ودوليا، لهذا الوجه الرياضي المضيئ، كحال العديد من الأساطير الجزائرية في مختلف الاختصاصات الرياضية.