نادي حيدرة للتنس
قصة نجاح عنوانها التفاني والإخلاص
- 722
رغم مرور السنوات وتعاقب الأجيال، لم يحد نادي التنس لحيدرة، الواقع بأعالي الجزائر العاصمة، منذ نشأته، عن تميزه وخصوصيته بأنه عنوان للفريق المكون الذي يعد بحق، خزانا سخيا لا يتوانى في تزويد الساحة الوطنية برياضيين متميزين حقّقوا نتائج جيدة، بالإضافة إلى دعم مختلف المنتخبات الوطنية في رياضة أنيقة اسمها كرة المضرب.
منذ تاريخ تأسيسه الذي يعود إلى سنة 1936، ورث نادي حيدرة تقاليد تضعه دون منازع في خانة الفريق "المكون للأبطال"، وهي المهمة التي لم يحد عنها رغم توالي الأجيال، بدليل أنه كان النادي الذي أثرى الساحة الرياضية الجزائرية بلاعبين، حققوا ألقابا ثمينة وتتويجات متعددة على المستويين الفردي وحسب الفرق.
ولأنه كان دوما بمثابة مدرسة حقيقية في التكوين، يحق لنادي حيدرة الافتخار بحيازته منشآت رياضة التنس، التي تعتبر من الأهم على مستوى الجزائر العاصمة، تشمل على سبعة ميادين، واحد منها مركزي، بالإضافة إلى قاعة إطعام وقاعة استقبال كبيرة.
علاوة على النتائج المتميزة للاعبي ولاعبات الفريق في مختلف المستويات، يشرف نادي التنس لحيدرة، باحتضان عدة منافسات وطنية وأخرى دولية هامة، أبرزها الدورة الدولية للمحترفين (أكابر) سنة 1975، وكأس ديفيس لسنة 1977، في أول مناسبة تحظى الجزائر باحتضان المنافسة ضد منتخب إيران، والتي كانت متبوعة بعد عدة سنوات بلقاء ثان ضد مصر سنة 1990.
رغم غياب مثل هذه المنافسات عن الميادين الجزائرية في السنوات الأخيرة، إلا أن نادي حيدرة حرص دوما على البقاء قريبا من المنافسة، من خلال احتضانه عدة دورات تابعة للاتحادية الدولية للتنس، موجهة لفئة الأواسط.
تتعاقب الأجيال ويتوالى الأبطال
على مدى الزمن وتوالي الفترات التي مر بها الفريق، عرف نادي حيدرة فترات تألّق بارزة في تاريخه، من خلال مجموعة من اللاعبين واللاعبات الذين أثروا سجل هذه المدرسة العريقة بالعديد من الألقاب.
من بين الأسماء التي تحتفظ بها ذاكرة الفريق، هناك عبد الحليم عزي وكمال بوجملين اللذان نقشا اسميهما بأحرف من ذهب في أرشيف الفريق ورياضة التنس ف يالجزائر، التي عرفت بعد الإصلاح الرياضي سنة 1977، وخلال فترة امتدت لقرابة عشريتين، حالة من الاستقرار انعكست إيجابا على مردود الرياضيين الذين أتيحت لهم فرصة التميّز والبروز على الساحة، من بينهم؛ الإخوة عمير، سمير وياسين وشقيقتهم عائشة، جمال بوجملين، رابح بوشابو وشقيقتيه وردة ونبيلة، محمد بايت، سدري قيش، عبد الحق حمر العين، شقيقته أمية، سيل حراد وجمال حراد، أمينة بناصر، حدني بن زازي وغيرها من الأسماء التي لا يتسع المجال لذكرها.
بفضل توالي قيادة الفريق من قبل مسؤولين حريصين على خدمة اللعبة وتطوير التشكيلة، عرف نادي التنس لحيدرة عبر مختلف فتراته، أحداثا سعيدة ومحطات مشرقة، تفنّن في صنعها كل من مولود بوتيش وحسيبة حاج حمو وأحمد عزي ومحمد عماري وغيرهم. هذا الأخير ـ عماري ـ الذي يشغل حاليا منصب أمين عام على مستوى الاتحادية الجزائرية للتنس، يعد بحق "موسوعة" التنس الجزائري والإفريقي وحتى العالمي.
في فترة عماري، زاد نادي حيدرة من وتيرة حصده للألقاب الوطنية والعربية والمغاربية والإفريقية، بفضل مواهب حملت المشعل وكانت غالبا متواجدة في نهائيات هذه المنافسات على اختلاف مواعيدها ومحطاتها.
عزي: النجاح لا يحتاج إلى وصفة سحرية
عن سر هذا النجاح والاستقرار، أوضح رئيس الجمعية الرياضية البلدية لحيدرة، طاهر عزي، لـ«واج" قائلا "النجاح لا يحتاج إلى وصفة سحرية، بل هو ثمرة أكيدة للعمل الجدي الذي تقوم به مجموعة منسجمة ومثابرة، تضع مصلحة النادي ورياضة التنس فوق كل الاعتبارات". وأضاف "الفضل الأول في هذا النجاح يعود إلى الأهمية الكبيرة التي يوليها النادي للتكوين (...)، فقناعتنا لا زالت راسخة بأن الإبقاء على المكانة المتميزة للتنس بحيدرة، يمرّ حتما عبر التركيز على التكوين الذي يبقى الاستثمار فيه مجد ومثمر على المديين المتوسط والبعيد".
بلهجة مفتخرة، أضاف عزي أن "نادي حيدرة محظوظ لأنه كان دوما محاطا بأناس نزهاء لا يتوانون في بذل كل الجهود دون أية حسابات شخصية، من أجل الرقي بهذا الفريق، ومن ثمة توجيه رسالة أمل للشباب الصاعد الطامح في تحقيق التألق والتميّز في هذه الرياضة الجميلة".
رغم أن نادي حيدرة كان متميزا دائما بإنجازاته وتاريخه على الساحة الوطنية، إلا أنه لا زال يعاني في المقابل، من نزيف ومغادرة أحسن لاعبيه ولاعباته نحو فرق أخرى، وبخصوص هذه النقطة، أكد عزي "أعترف بأن الفريق شهد في السنوات القليلة الماضية، مغادرة عدة لاعبين إلى أندية وجمعيات بسبب قلة الإمكانيات المتاحة"، موضحا أن "الفريق يعيش منذ إعادة فتح أبوابه سنة 2011، بفضل اشتراكات الأعضاء فقط، مما جعل أسماء بارزة، مثل الشاب الموهوب يوسف ريحان الذي ترعرع في أحضان الفريق، يقرر المغادرة، فالإمكانيات القليلة المتوفرة لم تعد تتناسب مع متطلباته وطموحاته ووتيرة تحضيره للمواعيد التنافسية".
خلص المتحدث إلى التأكيد على أنه بات من الضروري على السلطات القائمة على تسيير الرياضة الوطنية، السهر على "تقسيم الميزانية المتوفرة بطريقة عادلة على جميع الرياضات"، و«التخلص من عقدة تقديم كل الإمكانيات لكرة القدم على حساب اختصاصات، كثيرا ما شرفت الجزائر في المواعيد الدولية". مؤكدا بالمناسبة، أن نادي حيدرة "حريص -رغم تواضع الإمكانيات- على مواصلة العمل بثبات من أجل منح الفرصة للشباب الصاعد، لإثبات الذات وتفجير طاقاته في الرياضة التي اختارها القلب".