”سي.آ.سي شامبيوني” في سهرة رمضانية

ليلة بيضاء بلمسة تضامنية

ليلة بيضاء بلمسة تضامنية
  • 5392

ليلة بيضاء عاشتها مدينة قسنطينة، وفرحة عارمة عاشها أنصار فريق الشباب المتوّج بدرع البطولة، بعد لقاء الجولة الأخيرة من عمر المنافسة، عندما استضاف أصحاب الزي الأخضر والأسود. فريق نادي أتليتيك بارادو في مقابلة كانت شكلية بالنظر إلى أنّ أشبال المدرب عمراني، كانوا حسموا مصير اللقب في الجولة ما قبل الأخيرة، عندما عادوا بالفوز من مدينة الورود، حين تغلبوا على أصحاب الأرض فريق اتحاد البليدة. وقد استمرت الاحتفالات إلى أول خيوط الفجر، ولم ينقطع دوي المفرقعات والألعاب النارية الممزوج بأهازيج الأنصار إلا في حدود الساعة الرابعة صباحا مع أذان الفجر.

عرف اللقاء الذي انطلق في الساعة العاشرة والنصف من ليلة الجمعة، طريقة جديدة في الاحتفال بالجزائر، حيث دخل لاعبو الشباب المتوجون بالبطولة على الطريقة الأوروبية، عندما صنع لاعبو أتليتك بارادو ممرا على شكل رواق بشري، مر عبره زملاء المخضرم ياسين بزاز، وكانت التحية متبادَلة بين اللاعبين، في لفتة عبّر من خلالها الفريق الضيف عن مدى احترامه واعترافه بتتويج الفريق صاحب الأرض، وهي المبادرة التي لاقت استحسان أنصار الشباب الذين تفاعلوا معها بشكل كبير.

تأثير فرحة التتويج

انتهى اللقاء الذي جمع فريق شباب قسنطينة بضيفه أتليتك بارادو بنتيجة التعادل السلبي، حيث بدا أشبال المدرب عمراني أقل تركيزا، وكان الاحتفال بالتتويج مسيطرا عليهم. وحاول زملاء القائد بزاز مباغتة المنافس منذ الدقائق الأولى، لكن التسرع من جهة وقلة التركيز من جهة أخرى، جعلهم يضيّعون كل الفرص التي صنعوها قبل أن يستفيق الفريق الضيف ويخرج من منطقته، ويهدد هو الآخر شباك الحارس رحماني. ومع مرور الوقت لم يجد المدرب عمراني الحلول للوصول إلى شباك الضيوف في ظل محاولة بحث الهجوم القسنطيني على رأسية أو قدم المهاجم عبيد؛ من أجل تمكينه من رفع رصيد أهدافه والتتويج بلقب هداف البطولة، لكن الأمر لم ينجح، وضيّع بلعميري هدفا محققا في الشوط الأول، عندما انفرد بحارس بارادو موساوي، الذي تصدى للكرة بشكل رائع، ومنع الشباب من التسجيل في الدقيقة الأخيرة من اللقاء عقب قذفة قوية من اللاعب دهار. كما رفض الحكم في منتصف الشوط الثاني، هدفا لزعلاني بعدما لمست الكرة زميله بلخير الذي كان متسللا.

الألعاب النارية تضيء حملاوي

تحوّلت مدرجات ملعب الشهيد حملاوي مباشرة بعد إعلان الحكم عن نهاية اللقاء والتتويج الرسمي للشباب بلقبه الثاني في مشواره الرياضي، إلى أشبه بالحمم البركانية نتيجة إشعال عدد كبير من الألعاب النارية؛ مما أدى إلى صعود دخان كثيف مع احتجاب الرؤية، حيث صنع الأنصار أجواء خرافية.

وسلّم رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، درع البطولة للفريق المتوّج، حيث صعد اللاعبون والطاقم الفني المنصة الشرفية مباشرة بعد اللقاء، واستلم كل من بن شريفة والقائد ياسين بزاز الدرع الذي تم رفعه وإهداؤه إلى كل الجمهور القسنطيني قبل أن يقوم اللاعبون بجولة شرفية عبر الملعب وهم يحملون أغلى تتويج منذ 21 سنة.  

الهلال الأحمر وفّر ألفي وجبة إفطار

خصّص الهلال الأحمر الجزائري بولاية قسنطينة، حوالي 2000 وجبة إفطار، تم توزيعها قبل أذان المغرب، في محيط ملعب الشهيد حملاوي، خاصة أن عددا كبيرا من الأنصار قصدوا الملعب من ولايات مجاورة. وفتح المعهد العالي لتكوين إطارات الشباب والرياضة، أبوابه للأنصار قبل أذان المغرب، حيث استقبل حوالي 400 مناصر تناولوا وجبة الإفطار جماعيا. كما أفطر عدد كبير من الأنصار بمدرجات الملعب، الذي امتلأ في حدود الساعة السادسة مساء وقبل بداية المقابلة بحوالي أربع ساعات.

عمل تضامني تاريخي

أبى أنصار شباب قسنطينة إلا أن يكون تتويجهم تاريخيا، حيث اهتدوا إلى طريقة لمساعدة الفقراء والمعوزين بالولاية من خلال وضع سلات يتم فيها جمع مختلف المواد الغذائية أو ما يعرف بقفة رمضان في محيط الملعب. وساهمت العديد من الجمعيات على غرار مجلس سبل الخيرات والهلال الأحمر و«اليد المبسوطة، في هذه الخطوة التي استحسنها سكان قسنطينة، ورفعت شعار يا مناصر جيب حاجة في يدك.

كما قررت السلطات الولائية تخصيص مداخيل اللقاء الأخير بين شباب قسنطينة وضيفه نادي باردو، للأطفال المرضى، الذين يحتاجون إلى زراعة القوقعة السمعية، وذلك بالتنسيق مع مسؤولي شباب قسنطينة، الذي أثبت أنه يهتم بالجانب الإنساني أيضا. وأشار الوالي سعيدون إلى أن هذا الأمر ليس غريبا عن فريق منح 49 شهيدا من خيرة أبنائه ولاعبيه خلال الثورة التحريرية المجيدة.

بيع 32 ألف تذكرة

أكد مدير الشباب والرياضة ياسين سيافي أنّ مصالحه بالتنسيق مع إدارة شباب قسنطينة ومديرية ملعب الشهيد حملاوي، وضعت 32 ألف تذكرة. وتم تحديد سعر التذكرة الواحدة بـ 200 دج؛ سواء للمدرجات المغطاة أو المكشوفة، مضيفا أن جميع التذاكر بيعت عن آخرها. وقال إن 20 ألف تذكرة تم بيعها يوم الخميس، في حين تم بيع 12 ألف تذكرة صبيحة الجمعة، مع فتح أبواب الملعب على الساعة الثانية زوالا مباشرة بعد صلاة الجمعة.

وبالمقابل، عرف الملعب حضور أكثر من 50 ألف مناصر بعدما تم فتح أحد الأبواب بالقوة في حدود الساعة الرابعة عصرا، حيث تمكن عدد كبير من الأنصار من الدخول في مقابلة رفضوا تفويتها؛ كونها مقابلة التتويج باللقب.

«فلسطين الشهداء” تدوّي  في الأرجاء

كما جرت العادة في كل المقابلات الجزائرية، كانت القضية الفلسطينية حاضرة بملعب حملاوي، حيث هتف الأنصار بصوت واحد فلسطين... فلسطين الشهداء، التي عبّرت عن مدى ارتباط الجزائريين بالقضية الأم شعبا وحكومة، وهي رسالة حملها أنصار الشباب إلى كل شعوب العالم، مؤكدين مساندتهم للقضايا العادلة وتضامنهم مع الشعب الفلسطيني.

حافلة مكشوفة للاعبين

انطلق لاعبو شباب قسنطينة في جولة جابت أهم شوارع المدينة، مباشرة بعد اللقاء، حيث حملوا معهم درع البطولة واستقلوا حافلة مكشوفة أعدتها مؤسسة النقل الحضري، خصيصا لهذا الموعد. وكانت الحافلة تحمل شعار الشباب، ومزيَّنة على الجهتين بصورة جماعية كبيرة للاعبين ولمهندسي هذا التتويج، ويتعلق الأمر بكل من المدرب عمراني والمناجير العام طارق عرامة. كما ضمت الحافلة صورة كبيرة للرئيس بوتفليقة وهو يلوّح بيده في تحية للجماهير. وانطلقت الحافلة في حدود الساعة الثانية صباحا من الملعب. وعبَرت عدة أحياء. وعرف مرور الحافلة إطلاقا كثيفا للألعاب النارية وتفاعلا كبيرا من طرف الأنصار، الذين خصت بهم الساحة المحاذية لقصر الثقافة آل خليفة، قبل أن تستقر بالساحة المحاذية للمسرح، حيث صعد اللاعبون حاملين الدرع إلى السطح، وأطلّوا على الأنصار في صورة سترسخ في الأذهان.

تصريحات

ياسين بزاز، قائد الفريق:الاستقرار صنع الفارق

أرجع قائد الفريق ياسين بزاز هذا التتويج إلى العديد من الأمور التي تغيّرت خلال هذا الموسم. وقال إن الفضل يعود إلى الروح التضامنية الكبيرة بين اللاعبين وعقلية الواحد من أجل الجميع والجميع من أجل الواحد، مضيفا أن الفريق كان يملك مجموعة متكاملة آمنت بحظوظها إلى أخر لحظة، وكانت ترى لقاء بعد لقاء أن حلم اللقب بدأ يرتسم في الأذهان، مضيفا أن مرحلة العودة كانت صعبة بالنسبة للفريق الذي نجح، حسبه، في تسيير الأزمة.

وصرح بزاز عقب اللقاء بأنه يأمل في مواصلة المشوار مع الشباب، خاصة أن العقد الذي يربطه بالفريق مازال ساريا لمدة موسم آخر قبل أن يضيف أن التفكير مستقبلا ربما سيكون في مجال التدريب.

عبد القادر عمرانيكنا نهدف إلى وضع فريق متوازن

أكد المدرب عبد القادر عمراني أن الفريق لم يسطر التتويج باللقب في بداية الموسم، بل كان يسعى لوضع فريق متوازن وتفادي سيناريو الموسم الفارط، عندما جانب السقوط في الجولات الأخيرة، مضيفا أن هناك تغيرا في الذهنية عند اللاعبين خلال هذا الموسم على عكس المواسم الفارطة. وقال إن اللاعبين اقتنعوا بأن الانضباط في التدريبات هو سر النجاح والتألق، مضيفا أن التتويج كان بفضل عمل جماعي لكل الأطقم؛ سواء الفنية، الطبية أو الإدارية. وحسب عمراني، فإن الفريق في طريق الاحتراف بعد حصوله على مقر جديد يضم كل وسائل الراحة والاسترجاع، ملعب ملحق للتدريبات والعديد من الأمور التي تسهل العمل. وقال إنه يأمل في تدعيم الفريق بـ 5 إلى 6 لاعبين، قادرين على رفع التحدي خلال الموسم المقبل.

طارق عرامة:كانت لدينا روح أخوية كبيرة

أكد طارق عرامة المناجير العام، أن الهدف الذي سطره رفقة الطاقم الفني في بداية الموسم كان تشريف الفريق، خاصة أن النادي لم يكن له مشاكل مالية ما عدا بعض التأخر في صب الأموال في رصيد اللاعبين، التي كانت تسجَّل من وقت إلى آخر. وقال عرامة إن حلم لعب الأدوار الأولى بدأ يتجسد عندما فاز الفريق على شبيبة القبائل في تيزي وزو وفوزه على فرق كبيرة على غرار اتحاد العاصمة ووفاق سطيف في مقابلات وُصفت بالكبيرة، مضيفا أن هذا التتويج الذي جاء بفضل عمل جماعي وروح أخوية كبيرة داخل غرف تغيير الملابس وإضافة كبيرة للأنصار، سيجعل الإدارة تفكر في اللعب من أجل الألقاب والتألق في المنافسة الإفريقية.

 

الحارس رحماني:

عشنا أجواء خرافية

عبّر حارس شباب قسنطينة رحماني، عن فرحته العارمة بعد هذا التتويج، وأكد أنه عاش أجواء خرافية في سهرة أول أمس، صنعها أنصار الشباب، مضيفا أن هذا الأمر ليس بغريب عن هذا النادي وأنصاره المعروفين. وقال إنه يشعر بالفخر؛ لأنه وزملاءه لم يخيبوا الأنصار، معتبرا أن الفريق يجب أن يلعب من الآن فصاعدا على التتويجات والألقاب.

 

 

  تغطية : زبير.ز