بعد غياب استمر 12 عاما..الجزائر تتأهّل إلى المونديال

محاربو الصحراء يؤكدون علو كعبهم

محاربو الصحراء يؤكدون علو كعبهم
  • 137
 سعيد. م سعيد. م

نجح المنتخب الوطني في التأهّل إلى كأس العالم 2026 للمرة الخامسة في تاريخه والأولى منذ 2014؛ أي بعد 12 سنة كاملة من الغياب بفوزه على منتخب الصومال (3- 0)، في لقاء الجولة ما قبل الأخيرة من التصفيات المونديالية في الباهية وهران، ليمحو بذلك زملاء القائد رياض محرز، نكسة الكاميرون، وصدمة الغياب عن المونديال العربي 2022 بطريقة لم يهضمها الجزائريون رغم مرور عدّة سنوات؛ ما يعيد الأفراح إلى أنصار "الخضر" قبل العودة، مرة أخرى، للتألّق في كأس أمم إفريقيا بعد خيبة آخر نسختين.

أنجز المنتخب الوطني، أوّل أمس، المهمة، وظفر بالنقاط الثلاث التي كان بحاجة إليها، ليرسّم بها عبوره إلى نسخة سنة 2026 من منافسة كأس العالم المقرّرة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك من 11 جوان إلى غاية 19 جويلية. "الخضر" ورغم الجدية التي طبعت أداءهم، إلاّ أنّهم تعاملوا مع مباراة سهلة؛ لفارق المستوى بينهم والمنتخب الصومالي غير المتعوّد على خوض رهانات من هذا الصعيد؛ حيث لعب من أجل إكمال ما بقي له في رزنامة التصفيات دون طموح لا أكثر ولا أقل. وأكّدت أرقام المباراة أنّ الصوماليين كانوا أبعد من أن يشكّلوا مانعا أو قلقا للجزائريين على مصير النقاط الثلاث الغالية. فمنذ صافرة البداية أحكم "محاربو الصحراء" سيطرتهم على مجريات المباراة، ولم يتركوا لمضيفهم الصومالي على الورق أيّ فرصة لإقلاقهم. 

وكان أفضل سيناريو هزّ شباك المنافس باكرا. وجاء ذلك بواسطة النشيط محمد الأمين عمورة في الدقيقة السابعة، الذي استغل كما يجب تمريرة زميله القائد رياض محرز، ليودِع كرة على الطائر في  مرمى الحارس جاما عبد الرحمان، لتتوالى بعدها فرص التهديف، ويشتدّ الضغط على منطقة الصوماليين، الذين لم يمنعهم تكتّلهم الدفاعي من تلقي هدف ثان جميل بواسطة محرز نفسه، الذي سدّد كرة قوية، استقرت في الزاوية العليا اليمنى لمرماهم، وكان ذلك في الدقيقة 19.

وقبلها ضيّع "الخضر" فرصتين خطيرتين من بونجاح في الدقيقة التاسعة، وشايبي في الدقيقة 17.سيطرة المنتخب الوطني المطلقة أكّدتها الفرص المصنوعة، وكذلك عدد الركنيات التي استفاد منها في هذا الشوط الأوّل، الذي صنع فيه الصوماليون فرصة واحدة فقط، وكانت الوحيدة لهم في المباراة، وأهداهم إياها الوافد بلغالي، الذي لعب بالمناسبة أوّل لقاء له مع "الخضر" عندما أخطأ في تمرير الكرة في وسط الميدان، فتلقّفها الصومالي موسي علي وانطلق بها سريعا باتجاه مرمى الحارس الجزائري قندوز وسدّد بقوّة، لكن قدم المدافع المحنّك عيسى ماندي غيّرت مسارها، وحوّلتها إلى ركنية في الدقيقة 38.

واستمر العزف المنفرد للمنتخب الوطني في الشوط الثاني كحاله في الأوّل، وأكثر من الإغارة على منطقة منافسهم الصومالي، وأفرز ذلك هدفا ثالثا من رأسية الجناح الطائر عمورة، الذي رغم قصر قامته إلاّ أنّه ارتقى عاليا ليضع كرة رأسية من تمريرة حاسمة ثانية من زميله محرز. وبعد هذه الثلاثية كان المجال متاحا لإجراء بعض التغييرات، ومنح الفرصة لبعض اللاعبين الشباب، الذين لم يشاركوا من قبل أو استفادوا من دقائق قليلة للعب؛ كمازة الذي دخل بديلا عن الهداف عمورة في الدقيقة 59، وحاج موسى عوضا عن بونجاح في الدقيقة 68. كما استفاد الثنائي بلايلي وغويري من فرصة اللعب في هذا اللقاء الحاسم والتاريخي، خاصة بالنسبة لغويري؛ حتى يسترجع الثقة بنفسه بعد الظروف الصعبة التي مر بها في ناديه أولمبيك مارسيليا، ومحاولة رفع عداده من الأهداف مع المنتخب الوطني.

وسينهي "الخضر" مشوارهم في التصفيات بمواجهة منتخب أوغندا يوم الثلاثاء المقبل بملعب "حسين آيت أحمد" بمدينة تيزي وزو، بداية من الساعة الخامسة مساء. وسيكون لقاء شكليا لكنّه مهم للحفاظ على الدينامكية الإيجابية، والتحضير للاستحقاقات القادمة. 


في انسجام تام للأفئدة والعقول والحناجر

ليلة بيضاء بوهران 

عاشت مدينة وهران ليلة بيضاء احتفالا بتأهّل المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس العالم 2026 للمرة الخامسة في تاريخه؛ حيث عمّت مظاهر الفرح كلّ أحياء الباهية، التي غصّت بأنصار "الخضر"، الذين لم يحالفهم الحظ في تسجيل حضورهم التاريخي داخل ملعب "هدفي ميلود"، واكتفوا بمتابعة المسار السعيد لرفقاء المتألّق بوداوي، من وراء شاشات التلفاز بالبيوت، أو الشاشات العملاقة التي نُصبت في بعض المواقع بالمدينة، ومنها القرية المتوسطية، والحديقة المتوسطية، وساحة "الحرية" بحي الصديقية.

واندفعت جموع المواطنين، أوّل أمس، بكثرة للتعبير عن فرحتهم ببعض الأحياء الرئيسية؛ كساحة أوّل نوفمبر، وشارع واجهة البحر.

وانطلقت الاحتفالات بالتأهّل من ملعب المركّب الأولمبي "هدفي ميلود"، وتحديدا بعد توقيع المتألق عمورة الهدف الثالث في شباك المنافس الصومالي؛ حيث صنع الأنصار الذين قُدّر عددهم بأكثر من 40 ألف متفرج، أجواء حماسية. وتزيّنت المدرجات بالرايات الوطنية، وبعض أعلام عدد من الأندية الجزائرية دون نسيان العلم الفلسطيني الحاضر في وجدان الجزائريين وقلوبهم، وبمختلف الميادين الجزائرية خلال المباريات المحلية.

وتناغمت حناجر المشجّعين خلال أطوار المواجهة بحماسة مع أداء وتوالي الأهداف الجزائرية في مرمى الحارس الصومالي جاما عبد الرحمان. كما صدحت حناجر الجمهور الحاضر داخل الملعب، بالأهازيج الشهيرة "وان تو ثري فيفا لالجيري" ؛ لدفع زملاء القائد محرز لتحقيق الانتصار الضروري والمطلوب. وزاد إيقاع الأمسية الاحتفالية بعد إعلان الحكم المالاوي جودفري نيبنكاكنغا عن نهاية المباراة؛ حيث أُطلقت بالونات من أرضية الميدان تحمل الألوان الوطنية. وتفاعل اللاعبون مع جمهورهم الوفي، في صورة دلّت على انسجام تام للأفئدة والعقول والحناجر، رافعين قائدهم رياض محرز على الأكتاف، ومنهم من التصق بسياج الميدان لأخذ صور تذكارية مع الأنصار، وعائلاتهم كحال الوافد الجديد رفيق بلغالي، الذي احتفل مع أفراد عائلته التي جاءت من ولاية النعامة إلى الملعب.

وكانت مدينة وهران مركز الاحتفال بإنجاز المنتخب الوطني. وحالفها الحظّ لدخول التاريخ أوّل أمس، وهي التي استضافت مواجهات "محاربي الصحراء" في مختلف المواعيد والاستحقاقات، وعلى مرّ عقود؛ حيث باتت خامس مدينة تكون بوابة للعبور إلى نهائيات كأس العالم بعد مدينة قسنطينة سنة 1982، والجزائر العاصمة سنة 1986، والبليدة عام 2014. أما سنة 2010 فكان التأهّل فيها استثنائيا، واقتُطع من مدينة أم درمان السودانية في مواجهة فاصلة بين الجزائر ومصر، وكانت تلك وقائع لا تُنسى، جسدت فرحة غابت عن المونديال 24 سنة.


تصريحات المحاربين..

عيسى ماندي:

 "طبعا نحن سعداء جدا بهذا التأهّل بعد غيابنا عن المونديال في طبعتين، وخاصة الأخير (مونديال 2022) الذي كان مؤلما جدا لنا؛ لذا كانت الإرادة كبيرة، خاصة نحن اللاعبين القدامى في المنتخب الوطني، لتعويض تلك الخيبة بتأهّل مستحق. وفي نفس الوقت محو الانتقادات التي طالتنا بعد المقابلة الأخيرة ضدّ غينيا. ودائما نشعر بالدعم هنا في الجزائر، والشعب الجزائري دائما خلفنا، ويحفّزنا. وكان الالتحام كبيرا في التربّص الأخير".

آدم زرقان: 

«فرحتي لا توصف بتأهّل المنتخب الوطني للمونديال. وهذه المرة الأولى التي أعيش فيها تأهّلا تاريخيا لكأس العالم. يلزم علينا أن نكون جاهزين وتنافسيين طيلة الموسم؛ حتى نضمن تواجدنا في القائمة. والذي يقدّم الإضافة هو من يظفر بمكانة، ويشارك في كأس إفريقيا للأمم، وكأس العالم ".

فارس شايبي: 

«لقد حقّقنا إنجازا رائعا اليوم في مدينة وهران. ولقد احتفلنا به. ونستحق ذلك. وأنا فخور بكوني جزائريا ".