يرفضون النزوح في مواجهة مخططات التهجير القسري
1.2 مليون فلسطيني في غزة تحت القصف الصهيوني المكثف

- 78

أصدر جيش الاحتلال الصهيوني، أمس، أوامر جديدة بالإخلاء لكن هذه المرة لكل سكان مدينة غزة التي تتعرض لقصف مكثف أتى على كل منشآتها وأبراجها السكنية، في إطار تنفيذ مخططه للتهجير القسري الذي يستهدف الفلسطينيين في كل شبر من القطاع المنكوب.
ويتحجج هذا الاحتلال الجائر بذرائع واهية لتبرير تدميره لمدينة بأكملها وقتل سكانها واجبار من تبقى منهم على النزوح بالادعاء أن أبراجها السكنية ومنازلها في خدمة عناصر المقاومة التي تستخدمها لأغراض عسكرية.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة في بيان له أمس، بأن أكثر من 1.2 مليون إنسان ما زالوا في مدينة غزة وشمالها، ثابتين في أرضهم، يرفضون بشكل قاطع النزوح نحو الجنوب رغم شدة القصف والإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول تنفيذ جريمة "التهجير القسري" المخالفة لكل القوانين الدولية.
ويبلغ عدد سكان غزة وشمالها أكثر من 1.3 مليون نسمة، منهم نحو 398 ألف من سكان محافظة شمال غزة غالبيتهم نازحون حاليا إلى غرب غزة، وأكثر من 914 ألف من سكان محافظة غزة من بينهم 300 ألف نزحوا من الأحياء الشرقية للمدينة نحو وسطها وغربها.
خلال الأيام الماضية، رصدت الطواقم الحكومية ظاهرة "النزوح العكسي" من الجنوب نحو غزة وشمالها، حيث اضطر نحو 35 ألف مواطن للنزوح جنوبا تحت وطأة القصف، لكن أكثر من 12 ألف عادوا إلى مناطقهم الأصلية حتى مساء الأحد الماضي في ظل انعدام مقومات الحياة في الجنوب.
كما تعرضت منطقة المواصي في خانيونس ورفح، التي تضم حاليا نحو 800 ألف نسمة، وتسوقها سلطات الاحتلال زورا كمناطق "إنسانية وآمنة"، لـ 109 غارة وقصف متكرر خلفت أكثر من 2000 شهيد في مجازر متتالية يرتكبها جيش الاحتلال في المواصي.
وحسبما أكده نفس المصدر، فإن هذه المناطق تفتقر تماما إلى مقومات الحياة الحقيقية فلا وجود فعلي لمستشفيات ولا وجود لبنية تحتية ولا تتوافر فيها أي خدمات أساسية من ماء أو غذاء أو مأوى أو كهرباء أو تعليم، بما يجعل البقاء فيها شبه مستحيل.
أما المساحة التي حددها الاحتلال في خرائطه كمناطق "إيواء" فهي لا تتجاوز 12 من المئة من مساحة قطاع غزة. ويحاول حشر أكثر من 1.7 مليون إنسان فيها في سياسة "تهجير قسري" ممنهجة تهدف لإفراغ شمال غزة ومدينة غزة وهي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم مخالفة للقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني.
وأدان المكتب الإعلامي بأشد العبارات استمرار جرائم الإبادة الجماعية والتهجير القسري التي ينفذها الاحتلال الصهيوني بحق المدنيين الفلسطينيين، مستنكرا الصمت الدولي المعيب والتقاعس عن القيام بالواجبات القانونية والأخلاقية في مواجهتها. وحمل هذا الاحتلال الجائر وحليفه الاستراتيجي، الإدارة الأمريكية، والدول المنخرطة في الإبادة، المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم الممنهجة وما يترتب عليها من تبعات قانونية دولية.
كما طالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمحاكم والمؤسّسات القانونية الدولية بالتحرّك الفوري والفعّال لوقف هذه الانتهاكات وملاحقة قادة الاحتلال أمام المحاكم المختصة وضمان حماية المدنيين وحقهم في البقاء على أرضهم بأمان وكرامة.
تدمير أبراج غزة من أبشع صور السادية والإجرام
قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن تفاخر من يسمى بـ«رئيس وزراء" الكيان الصهيوني المدعو، بنيامين نتنياهو، بتدمير عشرات الأبراج السكنية في مدينة غزة، هو صورة من أبشع صور السادية والإجرام لمجرم حرب يواصل ارتكاب جرائمه الوحشية بحق المدنيين منذ قرابة العامين.
وجاء في بيان لها أن "تفاخر الإرهابي نتنياهو بتدمير عشرات الأبراج السكنية في مدينة غزة، وآخرها عمارة السلام، وتشريد سكانها الأبرياء، يشكل صورة من أبشع صور السادية والإجرام لمجرم حرب يواصل ارتكاب جرائمه الوحشية بحق المدنيين منذ قرابة العامين أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع".
وأضاف أن "مخاطبة الإرهابي نتنياهو لأهالي مدينة غزة بقوله "لقد حذرناكم.. فاخرجوا من هناك" هو ممارسة علنية لجريمة تهجير قسري مكتملة الأركان تجري تحت وطأة القصف والمجازر والتجويع والتهديد بالقتل، بما يمثل تحديا سافرا وغير مسبوق للقوانين والمواثيق الدولية".
وأشارت الحركة إلى أن "صمت وعجز مؤسسات الأمم المتحدة وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي أمام هذه الجرائم الوحشية يعبر بشكل صارخ عن ازدواجية المعايير التي أضحت تحكمها، بفعل الإدارة الأمريكية المتواطئة، بما ينذر بانهيار شامل لمنظومة القيم والمبادئ الدولية القائمة".
وبعد أن ثمّنت "حماس" الحراك الدولي الرافض لهذا الصمت وتصاعد الرفض العالمي لحرب الإبادة في قطاع غزة، دعت "كل دول وأحرار العالم إلى تصعيد الإجراءات ضد كيان الاحتلال الفاشي وإجباره على وقف جرائمه وانتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني".
خبراء الأمم المتحدة يتضامنون معه
"أسطول الصمود العالمي" عازم على مواصلة الإبحار نحو غزة
أصدرت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، بيانا، أمس، أكدت فيه تعرض إحدى سفن "أسطول الصمود العالمي" بعد منتصف ليلة الاثنين إلى الثلاثاء لاعتداء غامض أدى إلى اشتعال النيران فيها، بينما كان على متنها عدد من النشطاء لم يصابوا بأذى. وأوضح البيان أنّ "عددا من شهود عيان وصفوا الاعتداء بأنه تمّ بطائرة مسيرة يرجح أنها إسرائيلية"، مشيرا إلى أن "السلطات الرسمية التونسية نفت هذه الرواية، حيث قال ناطق باسم الحرس الوطني التونسي أن الحريق ناتج عن خلل داخلي".
ولكن اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة أكدت في بيانها بأنه "ودون الدخول في أي تفاصيل قد تحرف البوصلة إلى اتجاهات غير التي يستهدفها أسطول الصمود ومن عليه من النشطاء والشخصيات العالمية"، إلا أن "تجاربنا الطويلة مع دولة الاحتلال لا تستبعد أبدا سيناريو الاستهداف ولكننا نترك تفاصيل ما جرى الليلة الماضية لسفينة "فاميلي" بيد السلطات التونسية المعنية"، وأضاف البيان أن "ما يهم الآن هو التركيز على أسطول الصمود ومحاولتنا المتواصلة لكسر الحصار عن غزة وإدخال المساعدات والمساهمة في فتح ممر إنساني لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في غزة".
وشدّد في هذا السياق بأن هذه المحاولات الصهيونية المتكررة لتعطيل سفن كسر الحصار لن تثني الأسطول والنشطاء الدوليين عن هدفهم ولن تحرف بوصلتها المتجهة إلى غزة، مشيرة إلى أن كل تركيزها في الوقت الراهن على ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من تقتيل وإبادة ممنهجة وتجويع ومحاولات التهجير والطمس للقضية.
وأشار رئيس اللجنة، زاهر بيراوي، إلى أن خروج الأسطول في موعده المقرر اليوم، هو الرد على محاولات التعطيل سواء الصهيونية المباشرة أو غير المباشرة، وأضاف أن هناك سفنا ما زالت تبحر نحو تونس من إسبانيا وأن هناك سفينة تم تسميتها على اسم الصحفية الفلسطينية التي اغتالها الاحتلال الإسرائيلي "شيرين أبو عاقلة" والتي سترافق الأسطول من إيطاليا كسفينة مراقبة قانونية لتقديم الدعم القانوني للأسطول، مؤكدا أنها ساعات قليلة تفصل نشطاء العالم عن رفع الأشرعة، بإرادة قوية أكبر من كل التحديات.
وعلى إثر هذا الحادث الغامض، أعلن خبراء الأمم المتحدة، أمس، تضامنهم مع "أسطول الصمود العالمي" الذي تعرض لعدوان صهيوني، مطالبين بوقف جميع التهديدات بإلحاق الأذى بالأسطول العالمي وضمان استمراره في مهمته لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة دون عوائق. وقال الخبراء إنّ "أي محاولة لمنع الأسطول ستشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي والمبادئ الإنسانية"، مشدّدين على أن الأسطول هو نتيجة فشل المجتمع الدولي في إنهاء الحصار الصهيوني غير القانوني على غزة والأزمة الإنسانية الكارثية التي نجمت عنه.
وأضافوا "ما كان نشطاء المجتمع المدني ليجبروا على المخاطرة بحياتهم في البحر لو اتخذت الجمعية العامة أو مجلس الأمن إجراءات حاسمة لضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة بأمان ودون عوائق". وأعرب الخبراء الأمميون عن قلقهم البالغ على سلامة الناشطين وخطر تعرضهم لأعمال غير قانونية من الكيان الصهيوني واستذكروا الهجوم على سفينة "مادلين" شهر جوان الماضي.
وانطلق "أسطول صمود العالمي"، الذي يضم أكثر من 50 سفينة ويحمل ناشطين من 44 دولة، في الثالث سبتمبر الجاري من ميناء برشلونة الإسبانية محمّلا بإمدادات إنسانية أساسية، بما في ذلك الغذاء والدواء وحليب الأطفال. ومن المقرر أن تنطلق دفعة ثانية من السفن من تونس هذا الأسبوع، لتنضم إلى سفن من إيطاليا واليونان ودول أخرى في البحر الأبيض المتوسط.