شرع في مشاورات لتشكيل حكومة "حزب العدالة والتنمية"
أردوغان يحقق رهانه في حكم تركيا لسنوات إضافية
- 799
بحصوله على 316 مقعدا نيابيا ونسبة 49,4 بالمئة من أصوات 54 مليون ناخب تركي، يكون الرئيس رجب طيب اردوغان قد حقق رهانه بتحقيق الأغلبية المطلقة في برلمان سيفتح أمامه الطريق لتشكيل حكومة من الحزب الإسلامي تمكنه من إتمام مشروعه في تعديل دستور البلاد الذي يمنح له صلاحيات واسعة. ومباشرة بعد الإعلان عن النتائج النهائية، شرع الرئيس التركي في أولى المشاورات من أجل تشكيل حكومته التي ستوكل لها مهمة تنفيذ برنامجه الانتخابي الذي راهن على إعادة الاقتصاد التركي الى سكة النمو التي تعطلت وأثرت سلبا على قوة تركيا كقوة اقتصادية صاعدة.
وركب الرئيس التركي ووزيره الأول وكل حزب العدالة والتنمية مخاطر التحدي بالعودة بقوة في هذه الانتخابات بعد أن فشلت كل مساعيه من أجل تشكيل حكومة ائتلافية الصيف الماضي بعد أن فشل في تحقيق الأغلبية المطلقة في انتخابات السابع جوان الماضي. وهو الرهان الذي حققه الرئيس التركي في أقل من خمسة أشهر بعد انتكاسة الانتخابات العامة السابقة بعد أن دب الشك في أوساط الناخبين الأتراك في قدرة أحزاب المعارضة من خلط أوراق الحزب الحاكم وعدم تحقيقه الأغلبية المطلقة بل وحتى نتيجة 42 بالمئة التي حققها في انتخابات جوان الأخير.
ولكن هذه التكهنات كانت عكسية بعد أن انهارت شعبية أحزاب المعارضة بنسبة 50 بالمئة مقارنة مع الانتخابات الماضية بعد أن تراجعت شعبيتها وعدد مقاعدها المحققة بأكثر من أربعين مقعدا نيابيا في انتكاسة انتخابية لم يجد له المتتبعون تفسيرا مقنعا. والمؤكد أن اردوغان أدرك بفضل النتيجة المحققة أنه سيعود بقوة لإدارة الشأن العام التركي عندما صلى صلاة الشكر في مسجد أيوب الذي عادة ما كان السلاطين العثمانيون يؤدون صلواتهم فيه في إشارة قوية إلى رغبته في إحياء الإرث العثماني والإمبراطورية التي بنوها طيلة قرون في تركيا ووصولا الى البلقان والقوقاز وآسيا الوسطى ومشارف روسيا والنمسا ودول البلطيق. وقال الرئيس التركي مبتهجا بفوز حزبه إن إرادة الأمة التركية تحققت لأجل الاستقرار ورفعا لشعار "امة، راية، بلد ودولة".
وراهن الرئيس اردوغان ووزيره الأول احمد داوود اوغلو طيلة الحملة الانتخابية التي سبقت الانتخابات على المسالة الأمنية لكسب تعاطف الناخبين وخاصة بعد تجدد القتال في منطقة كردستان بين القوات النظامية ومقاتلي حزب العمال الكردستاني قبل أن يضاف إليها الخطر الذي أصبح يشكله تنظيم "الدولة الإسلامية" على استقرار تركيا بعد عمليتي سروج وأنقرة التي خلفت مقتل 102 شخص قبل ثلاثة أسابيع مما جعل الشك يدب في أوساط عامة الأتراك بانزلاق أمني وخاصة بعد تبني تنظيم "داعش" للعمليتين.
والمفارقة أن السلطات التركية التي ضمنت نتيجة الانتخابات استفادت أيضا من هذا النصر الانتخابي اقتصاديا عندما ابتهج المستثمرون بعودة حكومة من حزب واحد الذي يشكل بالنسبة لهم رمز الاستقرار وعادت ثقة الأجانب في الاقتصاد التركي بعد شكوك سادت على خلفية الانكماش الذي أصابه ومكنت الليرة التركية من استعادة 5 بالمئة من قيمتها التي فقدتها أمام عملتي الاورو والدولار. وشدد الوزير الأول التركي في مقابل ذلك على طمأنة كافة المواطنين الأتراك بأن فوز الحزب الإسلامي لا يعني أبدا تهميش الناخبين الذين صوتوا لأحزاب المعارضة الأخرى. وقال اوغلو مطمئنا 78 مليون تركي أن فوز حزب العدالة والتنمية هو انتصار لهم وأن تركيا جميعها فازت وأن حقوق كل المواطنين الأتراك مسؤوليتنا.
وجاءت توضيحات رئيس الحكومة التركية بعد الترويج لخطاب سياسي معارض أكد أصحابه أن نتيجة الانتخابات هي فوز للخوف من تسلط الرئيس اردوغان الذي ستمكنه هذه النتيجة الانتخابية من تمرير كل القوانين التي يريد وعلى رأسها توسيع صلاحياته كرئيس للبلاد نازعا بذلك آخر السلطات التي كانت بين أيدي البرلمان التركي والوزير الأول. وهي المخاوف التي زادت حدتها منذ إقدام قوات الشرطة على اقتحام مقري قناتين فضائيتين مقربتين من المعارضة التركية وسط انتقادات أوروبية واسعة والعديد من المنظمات الحقوقية والمختصة في مجال حرية التعبير التي اعتبرت القرار انتهاك لحرية الرأي.