أحداث القدس تنذر بانتفاضة كاسحة

... أو عندما تلعب اسرائيل بالنّار

... أو عندما تلعب اسرائيل بالنّار
  • 768
 م. م م. م

عندما يزداد الضغط على الشيء، فإن انفجاره سيكون حتميا، اذا سلّمنا بالقاعدة الفيزيائية المعروفة، ضمن وضع ينطبق على الاراضي الفلسطينية التي يعيش سكانها ضغطا أمنيا اسرائيليا رهيبا أصبح ينذر باندلاع انتفاضة أخرى، لا أحد بإمكانه التكهن بتبعاتها على وضع فلسطيني أشبه ببرميل بارود.

وما يعيشه سكان القدس المحتلة من ممارسات اسرائيلية في ظل عمليات التهجير القسري والتطهير العرقي الذي يواجهه سكان حي الشيخ جراح والسلوان، قد يكون سببا مباشرا لانفلات عام للأوضاع في الاراضي المحتلة. وعمد رئيس الحكومة اليميني المتطرف، بنيامين نتانياهو، ضمن حسابات سياسية ضيقة للبقاء على رأس حكومة الاحتلال الى تشجيع تلك الانتهاكات من خلال دعمه المتطرفين اليهود لشن حملة ممنهجة لطرد السكان الاصليين في الحيين العربيين، والاستيلاء على ممتلكاتهم المتوارثة أبا عن جد ومنذ قرون. وأدركت مختلف الدول الغربية خطورة  وخبث المخطط الاسرائيلي ساعد على إيجاد مؤشرات انفجار حتمي مما جعلها تسارع وبشكل متزامن الى التحذير من وصول الوضع الى نقطة اللارجوع، حاثة سلطات الاحتلال على التراجع عن مخططها العرقي الذي اصبح أشبه بفتيل برميل بارود الذي ينتظر من يشعله.

ولم يكن تحرك الولايات المتحدة ومختلف العواصم الغربية، ودول اعضاء مجلس الامن الدولي، وتحذيرها من عواقب الضغط الاسرائيلي حبا في الشعب الفلسطينيين ودفاعا عن حقوقه، ولكنها تحركت حرصا منها لتفادي انفراط العقد الذي يوشك خيطه على الانقطاع في أية لحظة مع كل تبعاته على الوضع العام في منطقة شرق ـ اوسطية  ومنه على مصالح قوى دولية تصر على المسك بخيوط اللعبة في منطقة تبقى مفتاح السيطرة على كل العالم الاخرى.

فخروج الشباب الفلسطيني في أول انتفاضة خلال الألفية الثالثة وكسره حاجز الخوف في وجه تعزيزات مختلف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، سيكون بمثابة بقعة زيت التي ستغطي كل الرقعة الجغرافية في المنطقة العربية، وتعيد حسابات القوى الدولية والاقليمية الى نقطة الصفر في منطقة تعيش على وقع فوضى مدمرة منذ عشر سنوات. وفي حال انفجر الوضع في الأراضي الفلسطينية على نطاق واسع فإن أحداثه ستغطي على كل الأحداث الأخرى في المنطقة، كونها ستأخذ طابعا شعبيا وقد تخلط حسابات حتى الدول العربية التي سايرت قطار التطبيع مع الكيان المحتل مما يجعلها أمام مأزق التعاطي مع تطورات تجعلها غير قادرة على مسك العصا من وسطها، إما الوقوف مع الشعب الفلسطيني المقهور، وإما الوقوف الى جانب محتل غاصب ضمن خيارين أحلاهم مر.

وهو ما يجعل دعوة الدول الكبرى باتجاه السلطة الفلسطينية لتفادي هذا الانفجار غير واقعية اذا سلمنا ان خروج الشباب الفلسطيني لم يكن بإيعاز من هذه الاخيرة ولكن مؤشراته فرضتها تصرفات اسرائيلية رعناء مما يجعل كل انتفاضة قادمة، تلقائية دافعها الحيف المسلط على سكان القدس وكل الاراضي الفلسطينية، تماما كما وقع شهر ديسمبر 1987  ضمن انتفاضة اطفال الحجارة التي أخلطت حسابات الكيان الاسرائيلي.