القمة الخليجية - الأمريكية
أوباما في الرياض لرأب صدع علاقات مضطربة
- 746
شكل حضور الرئيس الامريكي باراك أوباما قمة دول مجلس التعاون الخليجي بالرياض السعودية الحدث الأبرز في هذا اللقاء الذي سيخصص لبحث العلاقات بين أغنى تكتل إقليمي وبين أكبر قوة في العالم. وإذا كان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز عبر عن سعادته البالغة وهو يستقبل الرئيس الأمريكي في القصر الملكي بالعاصمة الرياض فإن ذلك لم يكن كافيا للتغطية على حجم الخلافات التي نشبت فجأة بين الرياض وواشنطن بسبب تباين مقاربتي العاصمتين بخصوص الكثير من قضايا الراهن العربي وكذا التوازنات الإقليمية التي نجمت عن رياح الربيع العربي وأيضا بسبب الاتفاق النووي بين إيران ومختلف القوى الغربية.
وتأكد حجم الخلاف السعودي ـ الأمريكي حول الكثير من المواقف الأمريكية منذ أن قاطع الملك سلمان بن عبد العزيز قمة مماثلة العام الماضي دعت إليها الإدارة الأمريكية بمدينة كامب ديفيد حاولت من خلالها واشنطن تبديد الضبابية التي أحاطت بالعلاقات الإستراتيجية بين الجانبين. وكانت مقاطعة العاهل السعودي بمثابة رسالة قوية من العربية السعودية باتجاه الولايات المتحدة بأنها ترفض أية ترتيبات في المنطقة دون استشارتها أو مراعاة مصالحها في منطقة تعرف تحولات جذرية في سياق نظرية "الفوضى الخلاقة" التي وضعت إدارة الرئيس أوباما أطر تمريرها ولكنها وجدت نفسها في حروب لا تنتهي وتجاذبات حملت صراعا دوليا حادا وخاصة منذ دخول روسيا كطرف محوري في الحرب السورية.
ولكن هل يغير حضور الرئيس الأمريكي إلى قمة الرياض شيئا في المعطى العام لعلاقات بلغت درجة برودتها حد الجمود وفي وقت بدأت فيه العواصم الخليجية تنظر إلى الرئيس الامريكي بنظرة الماضي وقد شارف على مغادرة البيت الأبيض شهر جانفي القادم. والقناعة لدى كل العرب أن ما لم يفعله الرئيس أوباما طيلة ثماني سنوات لا يمكن أن يفعله خلال ثمانية أشهر المتبقية من عهدته. فرغم التطمينات التي ما انفك المسؤولون الأمريكيون يؤكدون عليها في كل مرة بخصوص الاتفاق النووي مع إيران وأنه ليس موجها ضد أي بلد في المنطقة فإن ذلك لم يشفع للرئيس الامريكي كسب رضى الرياض ومختلف العواصم الخليجية الأخرى التي اعتبرت أن رفع العقوبات الاقتصادية على إيران سيضر بها قبل غيرها. بل أن الدول الخليجية أصبحت ترى في إيران ضرتهم التي تنازعهم ود واشنطن وبما يؤهلها لزعامة كل المنطقة تماما كما تطمح إلى ذلك تركيا التي فرضت نفسها عبر البوابة السورية كطرف لا يمكن القفز عليه.
ولكن الخيبة الخليجية كانت أكبر عندما غيرت الولايات المتحدة موقفها من النقيض إلى النقيض بخصوص مصير الرئيس السوري بشار الأسد الذي أصرت في بداية الحرب الأهلية في سوريا على ضرورة رحيله قبل أن تغير موقفها وأكدت أنه يمكن أن يكون طرفا في الحل في نفس الوقت الذي رفضت فيه كل مطالب المعارضة بتمكينها من أسلحة قادرة على التصدي لضربات الجيش النظامي السوري. وحتى يعطي صورة لحقيقة تباين الموقفين السعودي والأمريكي ذهب أحد المحللين الأمريكيين إلى القول أن المشكل الرئيسي بالنسبة لأوباما يبقى محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" بينما يبقى الشغل الشاغل للعربية السعودية كيفية تحجيم الدور الإيراني في المنطقة ومنع استغلاله للأقليات الشيعية في مختلف البلدان الخليجية. وهو ما يجعل زيارة الطمأنة التي قام بها الرئيس الأمريكي وكأنها جاءت في الوقت الضائع اللهم إذا تمكن الحزب الديمقراطي من مواصلة قيادة الولايات المتحدة بعد انتخابات نوفمبر القادم أما إذا حدث العكس وفاز مرشح الحزب الجمهوري فسيكون هناك حديث آخر.