في تحد صارخ لإرادة المجموعة الدولية

الاحتلال الصهيوني يخطّ الخطوط العريضة للاستيلاء على غزّة

الاحتلال الصهيوني يخطّ الخطوط العريضة للاستيلاء على غزّة
  • 141
ص. محمديوة ص. محمديوة

أقرّ جيش الاحتلال الصهيوني أمس، الخطوط العريضة لمخططه الرامي لاحتلال مدينة غزّة، ومن وراءه كل القطاع في تحد آخر صارخ لكل إرادة المجموعة الدولية المطالبة بضرورة إنهاء عدوانه الجائر المستمر منذ 22 شهرا، والذي خلّف حصيلة ضحايا تعد الأثقل والأدمى على مدار العقود الماضية، باستشهاد ما لا يقل عن 61 ألف فلسطيني غالبتهم أطفال ونساء.

وتعرضت مدينة غزّة أمس، لقصف صهيوني مكثّف، حيث انتشرت الدبابات بمحيطها وسط سماع دوي انفجارات عنيفة بأحياء تل الهوى والزيتون التي دمر جيش الاحتلال منازلها بدعوى تضييق الخناق على المقاومة الفلسطينية. وتستعد قوات الاحتلال لشن هذه المرحلة الجديدة مما تسميها بعملياتها العسكرية في مدينة غزّة، بهدف تحرير الأسرى الاسرائيليين الذين لا يزالون في قبضة المقاومة، وتحقيق غايتها في القضاء على حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

وهي نفس الأهداف التي لا تزال تروّج لها حكومة اليمني المتطرّف بنيامين نتنياهو، منذ اليوم الأول من بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزّة دون أن تتمكن حتى بعد تدمير القطاع وتحويله إلى أرض منكوبة غير صالحة للعيش وانتهاج سياسة التجويع والإبادة من الوصول إلى مبتغاها.

والمؤكد أنه ما لم يحققه جيش الاحتلال على مدار 22 شهرا من القصف والقتل والتجويع والحصار، كيف يمكن له تحقيقه في هذه العملية العسكرية الجديدة التي لن تزيد إلا في إطالة أمد الحرب بمزيد من الخسائر الفادحة التي ستلحقها المقاومة بقواته. وإذا كانت مثل هذه العمليات العسكرية العنيفة ذات جدوى فلماذا عجز جيش الاحتلال، بكل ما يملكه من تفوق عسكري وتكنولوجي ودعم أمريكي وغربي لا متناه حتى الآن، من تحرير ولو أسير واحد ويضطر في كل مرة إلى الإذعان لمطالب المقاومة، ولا يسترجع أسراه إلا بعد المفاوضات وفق شرط "‘القسام".

وهو ما يؤكد أن إصرار نتنياهو ومن معه من القادة الصهاينة الملطّخة أياديهم بدماء الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني، على المقاربة العسكرية باعتبارها السبيل الوحيد لاستعادة هؤلاء الأسرى مجرد ذريعة يروّج لها نتنياهو لإطالة أمد الحرب التي تخدم مصالحه السياسية، وتسمح له بالبقاء أطول فترة ممكنة في سدّة الحكم. والدليل على ذلك أنه لو كان نتنياهو يهتم لمصير أسراه وحياتهم لما عمل في كل مرة على إفشال كل عملية تفاوضية توشك أن تصل إلى محطتها الأخيرة، من خلال التلكؤ واختلاق الشروط التعجيزية ومحاولة الرمي باللوم دائما على "حماس" وكأنه هو فقط من يمده يده للسلام.

ويجد رئيس حكومة الاحتلال في الدعم اللا مشروط من الإدارة الأمريكية الضوء الأخضر لمواصلة تنفيذ مخططاته الرامية لتهجير سكان غزّة، وليس تحرير الأسرى الذين هم بالنسبة له مجرد ورقة يلعبها في كل مرة يشتد الخناق من حوله داخليا، في ظل ما يشهد الشارع الاسرائيلي من غليان ومطالب متصاعدة من أجل إبرام صفقة نهائية تنهي الحرب وتعيد باقي الأسرى سالمين إلى ذويهم.


في إطار تكريسه سياسة "هندسة التجويع والفوضى"

الاحتلال الصهيوني يواصل الحصار والإبادة في غزّة

يواصل الاحتلال الصهيوني حصاره المطبق على قطاع غزّة، في إطار تطبيق سياسة "هندسة التجويع والفوضى" الرامية لضرب صمود الشعب الفلسطيني الذي لا يزال يتعرض لعدوان جائر يخلّف يوميا المزيد من الضحايا الأبرياء أمام أنظار العالم أجمع.

وسجلت وزارة الصحة الفلسطينية، أمس، ثمانية وفيات من بينهم ثلاثة أطفال استشهدوا خلال الـ24 ساعة الأخيرة بسبب انعدام الطعام في مشهد مخز لعالم يراقب عن صمت مآسي أطفال غزّة وهم يموتون جوعا وعطشا وقصفا.

وتستمر سياسة التجويع مع استمرار قيود الاحتلال المجحفة على دخول الإغاثة إلى القطاع، حي سمح بدخول 201 شاحنة فقط ما بين يومي الإثنين والثلاثاء، من أصل 1200 شاحنة بما يشكل نقطة في بحر من الحاجة، وما يزيد الطين بلّة أن حتى هذا الكم الضئيل جدا من المساعدات التي سمح بعبورها تعرض معظمها للنّهب والسطو في ظل فوضى أمنية متعمّدة، يصنعها الاحتلال ضمن سياسة "هندسة التجويع والفوضى" الرامية لضرب صمود الشعب الفلسطيني.

وعلى مدار 17 يوما الأخيرة، بلغ إجمالي الشاحنات التي دخلت قطاع غزّة 1535 شاحنة مساعدات فقط من أصل الكمية المفترضة والبالغة 10 آلاف و200 شاحنة أي أن ما دخل يعادل حوالي 15 بالمئة من الاحتياجات الفعلية وتعرضت للنّهب والسرقة، حيث يمنع الاحتلال إدخال شاحنات المساعدات بكميات كافية ويواصل منع تأمين ما يدخل من شاحنات ويواصل إغلاق المعابر وتقويض عمل المؤسسات الإنسانية.

ويحتاج القطاع يوميا إلى أكثر من 600 شاحنة مساعدات مختلفة لتلبية الحد الأدنى من احتياجات 2.4 مليون إنسان وسط انهيار شبه كامل للبنية التحتية بفعل الحرب والإبادة المستمرة.

وعلى إثر ذلك حمّلت سلطات غزّة الاحتلال وحلفاءه كامل المسؤولية عن الكارثة الإنسانية، مطالبة الأمم المتحدة والدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي إلى تحرك جدّي لفتح المعابر وضمان تدفّق المساعدات، وخاصة الغذاء وحليب الأطفال والأدوية المنقذة للحياة ومحاسبة الاحتلال على جرائمه ضد المدنيين.

ومع استمرار الحصار الصهيوني حذّر ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، ريك بيبركورن، مجددا من أن الأوضاع الصحية في غزّة كارثية في وقت تعمل فيه المستشفيات بما يفوق طاقتها القصوى في ظل النفاد التام لبعض الأدوية المنقذة للحياة، وتزايد الوفيات النّاجمة عن سوء التغذية والأمراض.

وفي حديثه للصحفيين في مدينة جنيف السويسرية عبر تقنية الفيديو من القدس المحتلّة، أول أمس، أشار المسؤول الأممي إلى أن "أقل من نصف مستشفيات غزّة وأقل من 38 بالمئة من مراكز الرعاية الصحية الأولية تعمل جزئيا أو بمستويات دنيا".

وأوضح أن "النّقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية مستمر وقد تفاقم، حيث وصل مخزون 52 بالمئة من الأدوية و68 بالمئة من المستلزمات الطبية إلى الصفر"، لافتا الوقت إلى أن "المستشفيات تعاني من ضغط شديد بسبب الإصابات المسجلة في مناطق توزيع الغذاء مما يسبب أيضا نقصا مستمرا في الدم والبلازما".

وأكد أن الأزمة تفاقمت كذلك "بسبب أوامر الإجلاء في مدينة غزّة والتي وضعت الآن مستودع منظمة الصحة العالمية في منطقة إخلاء، كما تقع المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية ومرافق الإسعاف داخل هذه المناطق أو بالقرب منها مما يهدد بمزيد من التعطيل للخدمات".

وأشار إلى أن حالات التهاب السحايا المشتبه بها بلغت 452 حالة بين جويلية وأوائل أوت "وهو أعلى رقم منذ بدء التصعيد". كما ارتفعت الإصابات بمتلازمة غيلان باريه، وهي مرض عصبي ومناعي يصيب الجهاز العصبي ويسبب شللا عضليا تدريجيا، حيث سجلت 76 حالة مشتبه بها منذ شهر جوان، مؤكدا أن "علاج كلتا الحالتين صعب بسبب انعدام مخزون الأدوية الحيوية".

مسؤولة أممية تدعو إلى حماية عمال الإغاثة 

أفادت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية، حنان بلخي، بأنها استمعت إلى "شهادات مروّعة" عن إساءة معاملة موظفين بمنظمة الصحة العالمية في قطاع غزّة من قبل الاحتلال الصهيوني، داعية إلى ضرورة حماية عاملي الإغاثة والرعاية الطبية.

وفي منشور عبر حسابها الرسمي على منصات التواصل الاجتماعي، قالت بلخي، إنها استمعت إلى "شهادات مروّعة" عن إساءة معاملة موظفين بمنظمة الصحة العالمية وأسرهم أثناء هجوم الاحتلال الصهيوني الأخير على دار ضيافة المنظمة في دير البلح وسط قطاع غزّة الذي قصف ثلاث مرات وتم إخلاءه بالقوة.

وأوضحت المسؤولة الأممية، أن أحد الزملاء لا يزال محتجزا وطالبت بالإفراج الفوري عنه، مؤكدة أن "موظفي منظمة الصحة العالمية في غزّة ورغم الصدمات والعنف يواصلون خدمة المحتاجين".


فيما رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية بشأن استهداف الصحفيين بغزة

الاتحاد البرلماني العربي يعرب عن إدانته واستنكاره

أعرب الاتحاد البرلماني العربي، أمس، عن إدانته واستنكاره لاستهداف الاحتلال الصهيوني الممنهج للصحفيين الذين يقومون بتغطية العدوان على قطاع غزة، مشدّدا على أن هذه الجرائم تعد انتهاكا صارخا للقوانين الدولية التي تكفل حرية العمل الصحفي والإعلامي واتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب.واج

وأكد الاتحاد البرلماني العربي، في بيان وقّعه رئيسه ابراهيم بوغالي، رئيس المجلس الشعبي الوطني، على أن هذه الجريمة التي شهدت مقتل عدد من الصحفيين في قطاع غزة "تأتي في إطار سلسلة من الانتهاكات الممنهجة ضد ممثلي وسائل الإعلام في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي أسفرت عن استشهاد 238 صحفي منذ السابع من أكتوبر 2023 في محاولة لطمس الحقيقة وحجب جرائم الاحتلال عن الرأي العام العالمي".

وأعرب الاتحاد في هذا الصدد عن تضامنه الكامل مع كافة الصحفيين الذين تنتهك حقوقهم وتسلب حياتهم في غزة، مبرزا أنه "لا يتوقف عن تجديد دعوة المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته واتخاذ إجراءات فورية لوضع حدّ للاستهداف المتعمد للصحفيين والإعلاميين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتوفير الحماية لهم بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية ذات الصلة".

كما ذكر من خلال البيان، بأن استهتار هذا الكيان الغاصب بكل القوانين والمواثيق والأعراف وعدم التزامه بها هو "نسف صريح لكل المبادئ الإنسانية ناهيك عن الالتزام القانوني وإدخال العالم كله في عصر من الفوضى واحتقار إرادة الشعوب الرافضة له ككيان مارق، خارج عن دائرة الأخلاق والقيم الإنسانية".

وأعرب الاتحاد البرلماني العربي في هذا السياق عن استغرابه تجاه تعامل هيئات ومؤسّسات المجتمع الدولي "المكتفية بالصمت وبالتنديد المحتشم أحيانا وهو الموقف الذي لا يعكس إطلاقا انتفاضة الشعوب في كل أنحاء المعمورة، كما لا يعكس مواقف الكثير من الدول التي عزمت على الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم السيدة على أرضهم".

وحذّر في الختام من "قانون الغاب" الذي فرضه هذا الكيان على العالم والذي سيؤدي حتما إلى "المزيد من التفكك في كل المنظومات التي أسسها المجتمع الدولي والتي كانت نتيجة تضحيات طويلة وحروب دامية ومعاناة إنسانية".

وجاء في البيان أنه "مع الأسف ها هو الكيان المحتكم للقوة اليوم يعيدها إلى مربعها الأول وها هي غزة اليوم تدافع عن القيم الإنسانية وتقف في وجه هذا الدمار الهمجي أمام مرأى ومسمع وصمت مطبق من المجتمع الدولي الذي تستباح قوانينه ومواثيقه". 

وفي نفس السياق، رفعت منظمتان حقوقيتان، مساء أول أمس، دعوى قضائية مشتركة أمام المحكمة الجنائية الدولية بشأن الاستهداف الممنهج للصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة من قبل الكيان الصهيوني. وتأتي الدعوة بعد استشهاد ستة صحفيين إثر غارة لقوات الاحتلال الصهيوني استهدفت يوم الأحد خيمتهم بمدينة غزة.

ورفع "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" في غزة و"مؤسسة هند رجب" الحقوقية ومقرها بروكسل دعوى إلى المحكمة الجنائية الدولية جاء فيها أن الهجوم الصهيوني الأخير هو "أكثر بكثير من مجرد مأساة أخرى ضد الصحفيين". وأضافا أنه "لم تكن هذه مجرد مأساة أخرى في حرب طويلة على الصحافة، لقد كان عملا إجراميا واضحا جريمة حرب وجزءا من حملة إبادة جماعية أوسع نطاقا ويتطلب ردا قانونيا مباشرا ومحدد الأهداف". وطالبت المؤسستان في الدعوى القضائية بإصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين عسكريين صهاينة وتوسيع نطاق مذكرة المحكمة الجنائية الدولية الحالية ضد من يسمى رئيس وزراء الكيان المحتل، بنيامين نتنياهو، لتشمل الجرائم ضد الصحفيين.