في ظل التجاذبات حول شرعية تمديد ولايته

البرلمان الليبي يقرر تنظيم انتخابات مبكرة

البرلمان الليبي يقرر تنظيم انتخابات مبكرة
  • القراءات: 926 مرات
م. مرشدي م. مرشدي

عكس قرار نواب البرلمان الليبي بتنظيم انتخابات عامة مسبقة من أجل اختيار سلطة انتقالية جديدة، درجة الضغط التي مورست على الهيئة التشريعية الليبية منذ عدة أشهر والدفع بها إلى حلها بعد فشلها في إعداد وصياغة دستور جديد للبلاد. ولم يجد النواب الليبيون الذين انتهت عهدتهم في السابع من الشهر الجاري، من طريقة أخرى للإفلات من حملة الانتقادات ودرجة الضغط الممارسة ضدهم، سوى الدعوة إلى انتخابات مسبقة ضمن حل وسط، قد يلقى إجماع كل فعاليات المجتمع الليبي.

وجاءت الدعوة إلى تنظيم هذه الانتخابات بعد أن كان نفس النواب قد صادقوا أياما قبل ذلك، على قرار آخر تبنوا من خلاله فكرة تمديد عهدتهم، وكان ذلك بمثابة القطرة التي أفاضت غيض القوى السياسية، التي رأت في ذلك خطوة غير قانونية وتنصّلا من المسؤولية.

وذهبت الانتقادات إلى التساؤل ما إذا كان هؤلاء النواب قادرين فعلا على صياغة دستور جديد خلال أشهر، وهم الذين عجزوا عن تحقيق ذلك منذ أكثر من عامين.

يُذكر أن الليبيين الخارجين لتوهم من حرب مدمرة ضد النظام السابق، علّقوا آمالا كبيرة على نواب البرلمان، الذي تحوّل إلى أعلى هيئة سياسية متعددة الأقطاب والحساسيات في البلاد، وأوكلت لها كل الصلاحيات من أجل تسيير الشأن العام الليبي السياسي منه والأمني، ولكنهم فشلوا في تحقيق الطفرة التي كان يمكن أن تُخرج الليبيين من نظام أحادي شمولي إلى نظام ديمقراطي تعددي.

والمفارقة أن النواب الليبيين حتى بعد اتفاقهم وبالأغلبية على إجراء انتخابات مسبقة، فإنهم لم يتمكنوا من تحديد الصيغة الكفيلة بإخراج البلاد من متاهة المرحلة الانتقالية، هل عبر تشكيل مؤتمر وطني عام جديد، أم اختيار نواب برلمان برئيس له مهمة الإشراف على تحضير الظروف  لتنظيم المواعيد الانتخابية؟

ووضع البرلمان لأجل ذلك "خارطة طريق" تبدأ بانتخابات عامة نهاية العام الجاري، في حال تمكن أعضاء اللجنة الدستورية من المصادقة على مسودة الدستور الجديد قبل حلول فصل الصيف القادم.

وتضمنت "الخارطة" أنه في حال فشل النواب في إتمام المهمة الموكلة لهم، فإن المؤتمر الوطني العام سيكون حينها مضطرا للدعوة إلى تنظيم انتخابات رئاسية ونيابية لمرحلة انتقالية، لن تتعدى هذه المرة عاما ونصف العام.

والواقع أن غياب كل ممارسة سياسية في ليبيا في عهد النظام المطاح به، يبقى من أهم الأسباب التي جعلت البرلمان الليبي يعجز منذ شهر جويلية الماضي عن تجسيد تعهداته، وخاصة صياغة أول دستور للبلاد، بل إنه عجز حتى عن انتخاب لجنة الستين التي كان من المفترض أن تتكفل بصياغة مسودة هذا الدستور.

واللوم لا يقع في الحقيقة على النواب لوحدهم على اعتبار أنهم أبناء محيطهم، كما أن حجم الخلافات وقوة التجاذبات بين مختلف القوى السياسية ودرجة الضغط التي مارستها المليشيات المسلحة، كلها عوامل جعلت البرلمان الانتقالي والحكومة المنبثقة عنه لا يستطيعان فعل أي شيء حتى حماية أنفسهم من رصاصة غادرة أو عملية اختطاف واحتجاز في وضح النهار.

وهو ما يدفع إلى التساؤل ما إذا كانت الدعوة إلى انتخابات جديدة وتشكيل برلمان آخر كفيلين بإخراج ليبيا من الوضع الانتقالي، أم أن هذا البلد سيجد نفسه بحلول شهر ديسمبر القادم، أمام وضع انتقالي آخر مفروض؟

ويبقى هذا الاحتمال واردا جدا إذا أخذنا بعين الاعتبار صعوبة إعادة ترتيب البيت الليبي، على الأقل من جانبه الأمني، الذي مازال حبيس صراع المليشيات القبلية والجهوية، وعلى اعتبار أن استعادة الأمن في البلاد يبقى هاما ومحوريا في أية ترتيبات سياسية، وبدونه تسود الفوضى في كل مناحي الحياة.