قال إن اتفاق وقف إطلاق النّار يمثل أملا ثمينا للشعب الفلسطيني.. عطاف:
الجزائر تنخرط في التكفّل بالاحتياجات الإنسانية في غزّة

- 577

* المشاركة في الإغاثة وتقديم العون لتشييد المستشفيات الميدانية
* الجزائر تدعو مجلس الأمن إلى تركيز جهوده على تثبيت الاتفاق
أكد وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، أمس، أن اتفاق وقف إطلاق النّار في غزّة يمثل أملا ثمينا للشعب الفلسطيني لتخفيف الظلم والمُعاناة، وفي التحكّم بحاضره وصنع مصيره بنفسه.
قال الوزير عطاف، في كلمة ألقاها خلال اجتماع رفيع المستوى بمجلس الأمن، خصص للوضع في الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية، إن الجزائر ستواصل تحت قيادة الرئيس عبد المجيد تبون، وبحرص شديد منه دورها المعهود وانخراطها الفعلي في كافة الجهود الدولية من أجل التكفّل بالاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزّة فور رفع الحصار الجائر المفروض عليه.
وأبرز عطاف، أن مساهمة الجزائر ستكون في المشاركة في جهود الإغاثة وتقديم العون لتشييدِ المستشفيات الميدانية حال توفر الظروف المواتية، وكذا عبر مواصلة دعمها لوكالة "الأونروا" التي ظلمت زورا واتهمت بهتانا وهددت دون أن تفقد علَّةَ وُجُودِهَا.
كما أكد مساندة الجزائر وتأييدها لمسار المصالحة والوحدة الوطنية الفلسطينية، باعتباره ضرورة "حتمية لابد من اسْتِكْمَالِه على النحو الذي يضمن إنهاء الانقسامات التي طالما عَانَى من ويلاتها الشعب الفلسطيني نفسه"، فضلا عن "تحصين حل الدولتين المكرس من قبل الشرعية الدولية، وذلك عبر العملِ من أجلِ الحفاظِ على مُقوماتِ قيامِ الدولة الفلسطينية المستقلّةِ والسيّدة، وتَمكينِها من العضوية الكاملة بمنظمة الأمم المتحدة، وكذا تعزيز الاعترافات الدولية بها في أُفق المؤتمر الدولي المزمع انعقاده مُنتصفَ هذا العام". من جهة أخرى دعا عطاف، المجلس الذي عجز سابقا عن إنصاف الشعب الفلسطيني وإحقاق حقوقه إلى عدم تفويت هذه اللحظة التاريخية الفارقة لتحمّل المسؤولية التي حمّله إياها ميثاق منظمة الأمم المتحدة.
وأوضح أن المسؤولية لا تقتصر على معالجة تداعيات العدوان الذي كابدته غزّة طيلة الأشهر الطويلة الماضية، بل تتعدى ذلك لتشمل التكفّل بجوهر الصراع المتمثل في تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني، مشيرا إلى أن اتفاق وقف إطلاق النّار لا يعني نقطة الوصول بل نقطة البداية، كونه لا يعدو أن يكون فرصة يتوقف نجاحها أو فشلها على مدى استغلالها وتوظيفها والبناء عليها، فضلا عن كونه لا يمثل إلا وسيلة يتوخى منها تحقيق حل للقضية الفلسطينية بصفة نهائية وانجاز سلام عادل ودائم ومستدام في الشرق الأوسط.
وعليه دعا عطاف، مجلس الأمن إلى تركيز جهوده في المرحلة الراهنة على تثبيت هذا الاتفاق ومتابعة تنفيذه في جميع مضامينِه وفي كُلّ أبعاده وعبر كافَة مراحله ومحطاته، مضيفا أن ترابط المسارات المتمخضة عنه يحتم على مجلس الأمن، رفعِ القيودِ المفروضةِ على جهود الإغاثة الإنسانية، على إتمام عملياتِ تبادلِ الأسرى والمحجوزين، وكذا على الانسحاب الكلي لقوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزّة.
كما طالب بضرورة أن يحرص مجلس الأمن على أن تراعي ترتيبات " اليوم الموالي" في قطاع غزّة إرادة الفلسطينيين وتكرس توافقاتهم، وتحمي تطلعاتهم للمضي قدما في تجسيد مشروعِهم الوطني على أرض الواقع. وشدد في هذا الإطار على ضرورةِ احترام وِحدَةَ الشعب الفلسطيني ووحدةَ الأرض التي ستقوم عليها الدولةُ الفلسطينية، مشيرا إلى ضرورة أن تخصص الترتيبات مكانةً هامة لمخطَّط إعادة إعمار غزّة وسبل الإسراع في تجسيده.
كما أكد على حتمية البناء على اتفاق وقف إطلاق النّار لبعثِ مسار سياسي جدي تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف حل الصراعِ الإسرائيلي ـ الفلسطيني، مضيفا أن وقف إطلاق النّار في غزّة لن يكون شاملا ونهائيا ومستداما، إلا إذا استند إلى عملية سياسية هادفة ومتبصرة وجريئة وصادقة تضع نصب أولوياتِها تحقيق التسوية النهائية للقضية الفلسطينية، وفق ِصيغة حل الدولتين المتوافق عليها دولياً اليوم أكثر من الأمس.
* مليكة. خ
بعد 471 يوم من القصف العنيف والتفجيرات المدوية والمجازر المروّعة
الهدوء يعود إلى غزّة
لأول مرة منذ 471 يوم من حرب الإبادة الصهيونية المروّعة، استيقظ الغزيون أمس، وقد قضوا أول ليلة هادئة لم يسمعوا فيها لا أزيز الطائرات الحربية والتفجيرات المدوية ولا صراخ النسوة والأطفال المروعين والمصدومين من مشاهد القتل والتدمير التي أتت على كل شيء في قطاع غزّة من شماله إلى جنوبه ومن غربه إلى شرقه.
وفي اليوم الثاني من سريان اتفاق وقف إطلاق النّار في غزّة، بدأت هذه الأخيرة تسترجع أنفاسها تدريجيا وتلملم جراحها التي بقيت تنزف بأنهار من الدماء على مدار 15 شهرا كاملة، قدم سكانها حصيلة ضحايا جد ثقيلة وغالية الثمن بلغت 47 ألفا و35 شهيدا و111 ألف و91 مصابا منذ السابع أكتوبر 2023.
وفي اليوم الثاني أيضا قال جهاز الدفاع المدني بغزّة، إن طواقمه تبحث عن جثامين أكثر من 10 آلاف شهيد لا تزال أجسادهم تحت الأنقاض حتى الآن، حيث بدأت عمليات انتشال البعض منها وقد تم العثور على رفات 97 شهيدا برفح منذ وقف إطلاق النّار، والمؤكد أن ما خفي أعظم وستكشفه الأيام القادمة.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزّة، الرائد محمود بصل، إن "عدد الشهداء الذين تبخرت أجسادهم ولم نجد لهم أثرا بسبب القصف الإسرائيلي بلغ 2842 شهيد"، وأكد في مؤتمر صحفي عقده وسط مدينة غزّة، أن طواقم الدفاع المدني في أرجاء القطاع تواصل انتشال الجثث المتحللة لعشرات الشهداء، سواء الموجودة تحت الأنقاض أو التي تركت بالشوارع ولم يمكن الوصول إليها بسبب القصف الإسرائيلي وحجم الدمار وقلة الإمكانيات خاصة في غياب الآليات الثقيلة.
وأضاف "انتشلت طواقمنا في جميع محافظات القطاع جثث أكثر من 38 ألف شهيد وأكثر من 97 ألف مصاب من الأماكن والمنازل والمباني التي استهدفتها إسرائيل منذ بداية الحرب على غزّة في 7 أكتوبر 2023". وطالب الرائد بصل، بالسماح بإدخال طواقم دفاع مدني عربية وأجنبية إلى القطاع المحاصر للمساعدة في البحث عن جثث أكثر من 10 آلاف شهيد لا تزال أجسادهم تحت الأنقاض حتى الآن.
وبما أن الحرب انتهت فأول شيء باشره سكان غزّة البحث عن ذويهم من المفقودين تحت الركام وأنقاض المنازل والعمارات المدمرة في مهمة لن تكون بالسهلة في ظل جبال من أكوام الركام خلّفتها حرب صهيونية جنونية دمرت ما لا يقل عن 92 بالمئة من المباني تتطلب عملية إزالتها قدرات هائلة من آليات وتجهيزات خاصة وفرق متعددة وتظافر الجهود الدولية.
من جهتها باشرت أجهزة وزارة الداخلية والأمن الوطني صباح أمس، انتشارها في الشوارع ومفترقات الطرق الرئيسة بجميع محافظات قطاع غزّة، لمساندة المواطنين وتقديم العون لهم وتأمين الممتلكات العامة والخاصة والتعامل مع مخلفات الاحتلال التي تشكل خطرا على حياة المواطنين.
وعملت أجهزة الوزارة المختلفة على مساندة الأجهزة الحكومية الأخرى في فتح الطرقات وإعادة تقديم الخدمات للمواطنين في المناطق التي انسحب منها جيش الاحتلال، خاصة في محافظتي شمال غزّة ورفح التي شهدتا تدميرا شاملا.
وأكد بيان صادر عن سلطات غزّة، بأن الأيام القادمة ستشهد تكثيفا لجهود أجهزة وزارة الداخلية، في كافة المحافظات والعمل على استعادة النظام وتفعيل كل جوانب الخدمة التي تقدمها للمواطنين، داعيا أبناء الشعب الفلسطيني إلى مزيد من التكاتف والتعاضد للتغلب على آثار العدوان الهمجي.
وعلى الصعيد الإنساني دعت منظمة "أطباء بلا حدود"، أمس، إلى زيادة سريعة وواسعة النطاق للمساعدات الإنسانية من حول العالم، وإيصالها إلى مختلف أنحاء قطاع غزّة، بينما أكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فيليب لازاريني، أن هذه الأخيرة لن تدّخر جهدا من أجل التخفيف من المعاناة الكبيرة للفلسطينيين داخل القطاع.
من جانبها رحبت المنظمة العالمية للصحة، بوقف إطلاق النّار في غزّة، والتي تضمنت إطلاق سراح أسرى من الجانبين، باعتبارها خطوة نحو تهدئة الوضع الإنساني الكارثي الذي يعاني منه أكثر من مليوني شخص في القطاع، لكنها شددت أن التحديات الصحية والاجتماعية تظل هائلة، وقد أظهرت أحدث البيانات أن استعادة النظام الصحي في غزّة تحتاج إلى استثمارات ضخمة ودعم دولي مكثف، وهو ما جعل برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، يعلن أنه يسعى لتوفير الغذاء لأكبر عدد ممكن من سكان قطاع غزّة، في أسرع وقت بعد إعادة فتح المعابر بموجب اتفاق وقف إطلاق النّار.
* ص. م