فضحت دور باريس في الأزمة الليبية
العثور على صواريخ فرنسية في مقر قوات حفتر
- 1726
أكد العثور على صواريخ فرنسية في مركز قيادة تابع لقوات اللواء الليبي خليفة حفتر، بالقرب من العاصمة طرابلس، على حقيقة التورط الفرنسي في تأجيج الحرب الأهلية المفتوحة في هذا البلد وحال دون التوصل الى تسوية سياسية لها على مدار السنوات الثماني الأخيرة.
ولم تجد السلطات الفرنسية من وسيلة لحفظ ماء الوجه أمام هذه الفضيحة سوى الاعتراف بأن الصواريخ ملك لقواتها ضمن طريقة ذكية للتنصل من تهمة صب الزيت على نار الحرب الأهلية في ليبيا وتهمة خرق قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بحظر مبيعات الأسلحة الى ليبيا.
وأكدت وزارة الجيوش الفرنسية ضمن هذه الخطة الاستباقية أنها لم تقم ببيع هذه الصواريخ الى قوات خليفة حفتر وأنها لم تخرق القرار الأممي.
كما حاولت السلطات الفرنسية من وراء هذه التبريرات تفادي اتهامها بالوقوف الى جانب خليفة حفتر ضد حكومة الوفاق الوطني برئاسة، فايز السراج ضمن ازدواجية الأدوار، فهي في العلن ما انفكت تؤكد أنها تقف على مسافة واحدة من طرفي معادلة الأزمة الليبية وتشجع الحل التفاوضي لها ضمن مساعي الأمم المتحدة ومجهودات مبعوثها الخاص، غسان سلامة ولكنها تقوم وراء الستار بدعم من تعتقد انه الرجل الذي سيحكم ليبيا وبالتالي ضمان مصالحها المستقبلية في بلد له أهميته في حساباتها الإستراتيجية.
وراحت وزارة الجيوش الفرنسية تؤكد بخصوص هذه القضية أن صواريخ ”جافلين” المضادة للدبابات التي تم العثور عليها في مقر قيادة العمليات لقوات خليفة حفتر في مدينة غريانة على بعد 100 كلم الى الغرب من العاصمة الليبية هي فعلا صواريخ تعود ملكيتها للقوات الفرنسية سبق وان اشترتها من الولايات المتحدة ضمن صفقة من 260 صاروخا تم توقيعها بين البلدين سنة 2010.
والحقيقة أن وزارة الجيوش الفرنسية ما كانت لتخرج عن صمتها وتؤكد مثل هذه الحقائق الفاضحة لولا أن صحيفة ”نيويورك تايمز” الأمريكية نشرت تلك المعلومات ووضعت السلطات الفرنسية في حرج كبير وفضحت طبيعة الموقف الفرنسي من الحرب الدائرة في ليبيا وحقيقة علاقتها مع خليفة حفتر.
وكانت الصحيفة الأمريكية نشرت هذه الحقائق نقلا عن مصادر الحكومة الليبية في العاصمة طرابلس بعد تمكن قواتها من بسط سيطرتها نهاية شهر جوان الماضي على مركز قيادة العمليات الحربية لقوات خليفة حفتر بمدينة غريانة وحجزت فيه أربعة صواريخ مضادة للدبابات تعود ملكيتها للقوات الفرنسية وأخرى صينية الصنع اشترتها الإمارات العربية وسلمت بعضها لقوات الجيش الوطني الليبي الذي يقوده حفتر.
وتكون صحيفة نيويورك استبقت هي الأخرى كل تسريب حتى لا يتم اتهام الولايات المتحدة بضلوعها في الحرب الأهلية الليبية ووقوفها إلى جانب خليفة حفتر على اعتبار أن صواريخ ”جافلين” أمريكية الصنع.
وهو ما يفسر مسارعة الولايات المتحدة الى فتح تحقيق لتحديد كيفية وصول هذه الصواريخ المتطورة الى دولة خاضعة لعملية حظر صارم لبيع الأسلحة منذ سنة 2011.
وأكدت الوزارة الفرنسية أن الصواريخ كانت موجهة لضمان الحماية الذاتية لفرقة عسكرية فرنسية وعناصر جهاز المخابرات متواجدين فوق التراب الليبي تحت غطاء محاربة الإرهاب.
وهي تفصيلات جعلت السلطات الفرنسية تعترف من حيث لا تدري بوجود قوات فرنسية فوق التراب الليبي وهي التي نفت في العديد من المرات أمر وجود قوات خاصة تابعة لها ومخبرين في هذا البلد.
وحاولت السلطات الفرنسية التقليل من أهمية اكتشاف هذه الصواريخ والتأكيد أنها غير صالحة للاستعمال ولكنها لم توضح سبل وصولها الى قوات خليفة حفتر ولماذا لم يتم تدميرها في حينها وتم تركها في مكان شكل لعدة أشهر مقرا لقيادة العمليات العسكرية ضد قوات الحكومة الليبية برئاسة الوزير الأول فايز السراج.
ويتأكد من خلال هذه التسريبات أن ليبيا تحولت فعلا إلى ساحة حرب بالوكالة بين مختلف القوى الإقليمية والدولية بما يجعل مهمة الأمم المتحدة في إنهاء هذه الحرب بالطرق التفاوضية أمرا مستعصيا.