ضمن خطوة وصفت بـ"المنعرج الحاسم”

الفرقاء الليبيون يوقّعون على وقف دائم لإطلاق النار

الفرقاء الليبيون يوقّعون على وقف دائم لإطلاق النار
  • 975
ص. م ص. م

وقعت الأطراف الليبية المتحاورة في إطار اللجنة العسكرية المشتركة المنعقدة في جنيف السويسرية أمس على وقف دائم لإطلاق النار ضمن خطوة مفصلية على مسار استتباب الأمن وعودة الاستقرار إلى ليبيا.

وأكدت المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني وليامز الطابع الفوري لتطبيق وقف إطلاق النار في ليبيا الذي وصفته بـ"العلامة الفارقة” في تحديد مستقبل ليبيا. وقالت في تصريح صحافي بعد توقيع وفدي الطرفين الليبيين المتفاوضين في جنيف أنه ”اتفاق وطني شامل ودائم مع فورية تطبيقه”، مشيرة إلى أن الطرفين اتفاق على ”عودة كل القوات العسكرية والمجموعات المسلحة في خط المواجهة إلى ثكناتهم” وأن يرافق ذلك ”رحيل المرتزقة والمقاتل الأجانب.. من ليبيا في أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر القادمة ابتداء من تاريخ التوقيع”. وهو ما جعلها تؤكد أنه لا يزال هناك الكثير من العمل في الأيام والأسابيع القادمة من أجل وضع بنود الاتفاق حيز التنفيذ.

وفي أول رد فعل له، حيا رئيس حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا فايز السراج الدور الذي لعبته البعثة الأممية في التوصل إلى هذا الاتفاق ”من أجل سلام مبني على قاعدة العدل وضمانات تبعد طيف الحرب والاضطرابات عن بلدنا”. من جهته حيا الأمين العام الأممي انطونيو غوتيرس الاتفاق واصفا اياه بأنه ”مرحلة أساسية على طريق الأمن والاستقرار في ليبيا”، داعيا ”الفاعلين الاقليميين إلى احترام إجراءات الاتفاق وضمان تطبيقه دون تأخير”.

ونفس موقف الترحيب ذهب إليه الاتحاد الأوروبي الذي وصفه بـ ”الخبر الجيد” واعتبره بمثابة المفتاح لاستئناف المفاوضات السياسية، في حين اعتبرته ألمانيا التي قادت المساعي الأخيرة لاحتواء الأزمة الليبية سلميا بأنه ”أول نجاح هام” و"قاعدة جيدة لتطوير قادم في الحل السياسي”.

ولم تخرج إيطاليا القوة الاستعمارية السابقة لليبيا عن نفس السياق بعدما وصفت الاتفاق بأنه ”منعرج هام وحاسم باتجاه الاستقرار في ليبيا في موقف لم يشاطرها فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي تدعم بلاده حكومة الوفاق بعد أن شكك في مصداقية وإمكانية تطبيقه بمبرر أن التوقيع عليه جاء من قبل ممثلين من مستوى أدنى”. وقال في تصريحات صحافية بإسطنبول التركية ”بالنسبة لي أرى أنه يفتقد للمصداقية”.

ويأتي التوقيع على هذا الاتفاق بعد خمسة أيام من المحادثات الجارية تحت الرعاية الأممية بمدينة جنيف السويسرية في إطار اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية ”5+5” التي تمثل الشق الأمني إلى جانب المسارين السياسي والاقتصادي المنبثقة جمعيها عن مؤتمر برلين المنعقد شهر جانفي الماضي بالعاصمة الألمانية لاحتواء الأزمة الليبية.

ولم تخف المبعوثة الأممية إلى ليبيا التي تترأس بعثة الأمم المتحدة في هذا البلد بالإنابة فخرها لتوصل الفرقاء الليبيين بعد قرابة عشر سنوات من الصراع على السلطة إلى مثل هذا الاتفاق الدائم لوقف إطلاق النار. ووصفت عملية التوقيع بأنها ”أوقات تبقى مسجلة في التاريخ”. وهنأت وليامز الوفدين الليبيين على توصلهما لمثل هذا الاتفاق الحاسم الذي جاء بعد خمسة أيام من المفاوضات تضمنها الإعلان مؤخرا عن سلسلة من الاتفاقات والإجراءات الملموسة لاحتواء عدد من الخلافات على أرض الميدان. وقالت بكلمات عربية ”أود أن أهنئكم على ما أنجزتموه هنا.. لقد تطلب الأمر الكثير من الشجاعة.. لقد اجتمعتما من أجل خير ليبيا، لكي يتخذ شعبك إجراءات ملموسة لإنهاء معاناتهم”. ويأتي هذا الاتفاق تتويجا لسلسلة من المفاوضات انخرط فيها الفرقاء الليبيون منذ انعقاد مؤتمر برلين شهر جانفي الماضي والذي عرف مشاركة كل الأطراف المباشرة وغير المباشرة من داخل وخارج ليبيا.

وشهدت المفاوضات وتيرة متسارعة في الفترة الأخيرة فتحت باب الأمل على إمكانية التوصل إلى تسوية سلمية لأزمة ليبية عمرت لقرابة عقد كامل من الزمن فشلت خلالها كل المساعي والجهود السلمية لاحتوائها بسبب تدخل أطراف خارجية تدعم هذا الطرف على حساب ذاك خدمة لمصالحها الضيقة متجاهلة المصلحة العامة للشعب الليبي التواق للسلم والأمن. وجعل ذلك المبعوثة الأممية تؤكد على أن ”الطريق كان طويلا وصعبا في بعض الأحيان” لكنها أضافت في كلمتها باتجاه الفرقاء الليبيين ”لقد سمحت لكم وطنيتكم بالمضي قدمًا والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار”، معبرة عن أملها في أن يساهم الاتفاق في وضع حد لمعاناة الشعب الليبي ويسمح للنازحين واللاجئين بالعودة إلى ديارهم ومدنهم وعودة الأمن والاستقرار في ليبيا.