مع تنامي الحركات الاحتجاجية في المغرب

المخزن يشن حملة "شرسة" ضد الحقوقيين

المخزن يشن حملة "شرسة" ضد الحقوقيين
  • 660
ق. د ق. د

لم يجد نظام المخزن، في ظل تنامي الحركات الاحتجاجية التي شملت جميع مناحي الحياة في المغرب، من وسيلة لوضع حد لهذا الغليان، سوى شن حملة ضد الناشطين الحقوقيين والمعارضين في محاولة لتكميم الأفواه، ضمن إستراتيجية ترهيب ممنهجة لثني كل الشعب المغربي عن المطالبة بحقه في عيش كريم. وأصبحت حملة الاعتقالات التعسفية لمعارضي سياسة "الفساد والاستبداد" العنوان الأبرز للوضع الراهن، في مملكة كثّفت سلطاتها من حملات "التشهير والتخوين" عبر فبركة الملفات وتلفيق تهم "لا أخلاقية" بهدف تشويه المعارضين وتكميم أفواههم.

وفي هذا الإطار، أجّلت محكمة وجدة محاكمة أيقونة حراك جرادة، أمال عيادي، البالغة 17 عاما إلى يوم 23 جانفي القادم وهي المتابعة، رفقة والدتها، بتهم تنظيم مظاهرة غير مرخص لها وإهانة هيئة منظمة، وإهانة موظفين عموميين. وبينما وصف حقوقيون هذه التهم بغير المنطقية بالنظر إلى سن الناشطة الحقوقية، أطلق نشطاء عريضة من أجل وقف متابعة عيادي "في ظل تزايد الاعتداءات على الحقوق والحريات من قبل السلطات"، مشيرين إلى أن ذلك يعتبر انتهاكا صارخا لالتزامات المغرب بالمواثيق الدولية. وطالبوا بضمان واحترام حقوق الإنسان وفي مقدمتها الحق في الاحتجاج والتفكير وحرية التعبير. وتعرضت أمال عيادي لتضييق كبير من طرف السلطات المخزنية، بسبب نشاطها الحقوقي، حيث سبق وأن تم حرمانها من حقها في التعليم بسبب مشاركتها في الاحتجاجات التي شهدتها منطقة جرادة.

وفي نفس السياق، وجّه الأمن المخزني بالقنيطرة استدعاء للناشط الحقوقي، يوسف الحيرش، المعروف بتدويناته الجريئة ضد سياسة النظام ومشاركته في مختلف الحركات الاحتجاجات المندّدة بغلاء المعيشة، والتضييق على الحقوق والحريات والمطالبة بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين. وكان الحيرش قد نشر على صفحته الرسمية على "فايسبوك" مقالا بعنوان "قانون المالية 2023.. هندسة أوليغارشية وضحك على الذقون" وجّه فيه انتقادات لاذعة لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش. وفي رده على الاستدعاء، قال الناشط الحقوقي المغربي أنه "إذا كان الموت سيريحكم منّا وإذا كان الاعتقال والسجن مأوانا لوقف تعبيرنا وتحليلاتنا، ولإخراس صوت الحق النابع من كل جوارحنا، فهذا شرف لنا وانتصار". وكان الحيرش قد تعرض، قبل أشهر قليلة، إلى محاولة قتل بالسلاح الأبيض من قبل مجهولين بالقرب من مسكنه وفي وضح النهار وأصيب على إثرها بجروح خطيرة كادت أن تودي بحياته، ولحد الساعة، لم يتم تحديد هوية المتورطين.

ويوجد حاليا 150 معتقل سياسي في السجون المغربية آخرهم القيادي في جماعة "العدل والإحسان"، محمد باعسو، الذي لم تكتف السلطات باعتقاله فقط، بل قامت بحملة "تشهير ممنهجة" ضده في وسائل الإعلام المخزنية. وتنديدا بالاعتقالات السياسية ضد المعارضين، نظّمت عدة هيئات حقوقية وقفات احتجاجية كما استنكرت الهيئة المغربية لمساندة معتقلي الرأي، وضحايا انتهاك حرية التعبير تشغيل المخزن آلة التشهير المألوفة لتلطيخ سمعة الناقمين على سياساته، مطالبة بالإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان. كما تواصل السلطات المخزنية استهداف فاضحي الفساد، حيث توعد وزير الداخلية المغربي كل من يقدم على نقل تردي الأوضاع في المدارس والمستشفيات والإدارات العمومية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ووصفت الجمعية المغربية لمحاربة الفساد، في منشور لها، تهديد وزير الداخلية بـ"الخطير وغير المقبول بتاتا" في حق مواطنين مغاربة يتم المس بسلامتهم النفسية عبر الوعيد والتلويح بالمتابعات القضائية التي قد تزج بهم إلى السجون. وسلّط تحقيق صحفي مغربي، مؤخرا، الضوء على الممارسات القمعية والانتقامية التي تستهدف الحقوقيين وفاضحي الفساد في المملكة بتهم أبرزها التشهير، مما أدى إلى ضعف معدلات التبليغ عن الفساد بسبب عدم الشعور بالأمان والخوف من الانتقام. وقدّم تحقيق صحفي تحت عنوان "أصابع الإدارة على الزناد.. إجراءات انتقامية تلاحق كاشفي الفساد"، نماذج لمدونين ومواطنين وجدوا أنفسهم أمام القضاء بعد أن نشروا، على مواقع التواصل الاجتماعي، أخبارا عن تردي الخدمات في المستشفيات وواقع التعليم في بعض المدارس، كما هو الحال مع المدوّن والناشط الحقوقي مصطفى زروال.