الكرملين قال إنه قدم استقالته وغادر سوريا

المعارضة المسلحة تسقط نظام الأسد

المعارضة المسلحة تسقط نظام الأسد
  • 381
ص. محمديوة  ص. محمديوة 

أعلنت المعارضة المسلحة في سوريا سقوط نظام الرئيس، بشار الأسد، ودخول قواتها فجر أمس العاصمة، دمشق في مشهد تسارعت أحداثه بشكل مفاجئ ومثير، فتح المجال أمام العديد من التساؤلات حول أسباب انهيار النظام السوري الذي حكم هذا البلد العربي العريق بحضاراته لنصف قرن كامل وأيضا حول مستقبل سوريا.

على مدار 11 يوما، تابع العالم أجمع كيف تقدمت قوات المعارضة وفرضت بوتيرة متسارعة سيطرتها على كبريات المدن السورية بداية من إدلب إلى حلب مرورا بحماه وصولا في ظرف 24 ساعة الأخيرة إلى حمص والعاصمة دمشق، التي دخلتها المعارضة دون أية مقاومة.

والمثير أن تقدم هذه القوات، التي تقودها ما يعرف باسم "جبهة تحرير الشام" والتي يتزعمها إحدى الشخصيات التي كان لها ارتباط وثيق في السنوات الماضية بتنظيمي "القاعدة" والدولة الاسلامية" الإرهابيين  وهو، أبو محمد الجولاني، لم تواجه تصدي من قبل الجيش النظامي الذي كان ينسحب من كل موقع وقاعدة في كل منطقة يدخلها مسلحو المعارضة.

وإلى غاية أمس، لم يعرف مصير الرئيس الأسد باستثناء ما تناقلته وسائل إعلام روسية عن منح موسكو حق اللجوء السياسي للأسد وعائلته لدواع إنسانية، وكان الكرملين قد أعلن في بيان أن الرئيس بشار الأسد استقال من منصبه وغادر البلاد وسط توقعات بأنه يكون قد فر إلى روسيا حليفته التي يبدو أنها هذه المرة قد فضلت عدم التدخل عسكريا، وهي التي كان استنجد بها عام 2011 في خضم ثورات الربيع العربي التي هبت نسائمها على سوريا لكنها تحولت إلى رياح عاتية وعواصف قاسية تلطخت بالدماء وأجبرت 12 مليون سوري على النزوح إلى مخيمات لجوء في بلدان الجوار على غرار تركيا ولبنان والأردن وغيرهم ممن فضل الهجرة إلى أوروبا والعيش في الشتات.

وقد تكون الحرب التي فتحتها روسيا في أوكرانيا قد شغلتها عما يحدث في سوريا أو أن موسكو لم ترد أن تضيف عبئا آخر على عاتقها وفتح جبهة قتال جديدة مثلها مثل إيران الحليف الأخير لنظام الأسد، الباحثة عن السلام حتى مع الولايات المتحدة وخففت لهجتها ضد المعارضة السورية بعدما وصفتها في البداية بـ"الارهاب" ثم "المعارضة المسلحة" وقبل يومين فقط دعت إلى حوار بين مختلف الأطراف السورية.

والمؤكد أن عدم تدخل سوريا وإيران لحماية نظام الأسد وتوفير له الدعم العسكري كما سبق وحدث سابقا يطرح الكثير من التساؤلات كما تطرح تساؤلات أخرى عن الجهة أو الجهات التي دعمت المعارضة في عمليتها العسكرية الخاطفة والسريعة ولماذا تم اختيار هذا التوقيت بالتحديد لشنها.

وأسئلة أخرى تطرح أيضا حول الموقف الأمريكي الذي لخصه تصريح الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، بقوله إنه لا شأن للولايات المتحدة بما يحدث في هذا البلد وأنها لن تتدخل وتبعه في ذلك الكيان الصهيوني الذي قال أحد مسؤوليه أنه لا شأن لإسرائيل ايضا او حتى الموقف التركي الذي يبدو أنه من بين المستفيدين بما يحدث على الاقل فيما يتعلق برغبة انقرة القوية في عودة النازحين السوريين الى ديارهم والذين اصبحوا يشكلون حملا ثقيلا على كاهلها.

وبغض النظر عن ما ينتظر سوريا ما بعد نظام الأسد، فقد حاولت هذه المعارضة تقديم صورة إيجابية وبعث رسائل طمأنة، اتجاه السوريين أنفسهم من مختلف الطوائف والعرقيات واتجاه العالم.

وأول ما قامت به أن خرج قائدها، أبو محمد الجولاني، بالزي المدني نازعا البزة العسكرية وخالعا عنه الهيئة "القاعدية" او "الداعشية" التي لصقت بصورته وصنفته في قائمة "الإرهابيين" المطلوبين لدى الولايات المتحدة والتي خصصت مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.

كما قام الجولاني بالتوقيع في بياناته الأخيرة باسمه الحقيقي، أحمد حسين الشرع، وأدلى بحوارات لوسائل اعلام غربية وبالتحديد أمريكية والتقى مع صحافي أمريكي ليوضح وجهة نظره، فيما اعتبره مراقبون أنها محاولة منه لنزع صفة "الارهاب" عنه والظهور بمظهر القائد المدني الساعي لمصلحة شعبه.

والأهم أن الاطاحة بالنظام في دمشق لم يصاحبها اراقة الدماء وكان المشهد مخالفا تماما، حيث عمت  فرحة شوارع المدن والبلدات التي سيطرت عليها قوات المعارضة، فضلا عن ملايين النازحين الذين لا زالوا يعيشون بحلم العودة الى منازلهم.

وأثار سقوط نظام الأسد ردود فعل دولية متباينة، بينم التحفظ والتردد والترحيب ، حيث رحب الغرب في مجمله بالمستجدات ورأى في سقوط النظام "تنفسا للصعداء" على غرار ما عبرت عنه برلين وباريس. أما في الوطن العربي، فقد جاء الرد الأول من الأردن الذي قال أنه يحترم اختيار الشعب السوري ودعا الى تفادي الوقوع في الفوضى.