ضمن سابقة في تاريخ بلجيكا مع مستعمراتها الإفريقية
الملك فليب "يتأسف" على الماضي الاستعماري لبلاده في الكونغو
- 651
عبر العاهل البلجيكي، الملك فليب، أمس، عن "تأسفه العميق" لما أسماها الجراح التي لحقت سكان الكونغو "الزائير سابقا" خلال عقود الاستعمار البلجيكي، ضمن سابقة في علاقات هذا البلد ومستعمرته السابقة.
وعبر الملك فليب عن موقفه في رسالة بعث بها إلى رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فليكس تشسيكيدي بمناسبة الذكرى الستين لاستقلال بلاده المصادف ليوم 30 جوان 1960 عبر له باسم مملكة بلجيكا وشعبها عن بالغ تأسفه للشعب الكونغولي للمآسي التي خلفها الاستعمار البلجيكي في دولة زائير السابقة.
وعاد العاهل البلجيكي إلى المآسي التي عايشت أطوارها، قبائل منطقة نهر الكونغو خلال فترة حكم الملك البلجيكي ليوبولد الثاني دون أن يذكره بالاسم، الذي وصفت فترة ملكه بالشنيعة في حق سكان المستعمرات البلجيكية في إفريقيا بعد أن راح يتصرف في خيراتها المنجمية الطائلة وكأنها ملك خاص له انطلاقا من العاصمة بروكسل.
واعترف الملك فليب الذي تربع على كرسي العرش في بروكسل سنة 2013 أنه في فترة دولة الكونغو ما بين سنتي 1885 و1908 وهي الفترة التي حكم فيها الملك ليوبلود الثاني عرش بلجيكا عرفت موجة عنف وانتهاكات فظيعة ضد السكان الأصليين مازالت أثارها تلقي بضلالها على ذاكرتنا المشتركة.
وأضاف أنه منذ سنة 1908 وإلى غاية استقلال دولة الزائير سابقا سنة 1960 عرفت معاناة لا تطاق من الإهانة والإذلال وصلت حسب متتبعين للماضي الاستعماري البلجيكي في إفريقيا إلى حد قطع أيدي العمال المنجميين الذين تتراجع مردودية استخراجهم للذهب والماس الزائيري آنذاك وذهب مؤرخون إلى حد التأكيد أنه قتل قرابة 10 ملايين كونغولي طيلة فترة ملكه..
وهي حقائق التاريخ الاستعماري البلجيكي الأسود التي لم يستطع الملك الحالي التستر عليها وقال في رسالته" أعبر عن بالغ تأسفي لجراح التاريخ التي عادت بقوة في أيامنا هذه من خلال الممارسات العنصرية التي مازالت سارية في مجتمعاتنا.
وكان ملك بلجيكا يلمح إلى المظاهرات التي شهدتها العاصمة بروكسل وكبريات مدن البلاد الشهر الماضي ضمن شرارة موجة المظاهرات التي خلفها مقتل المواطن الأمريكي ـ الأسود جورج فلويد يوم 25 ماي الماضي بمدينة مينيابوليس خنقا تحت ركبتي شرطي أمريكي ابيض والتي شكلت شرارة لمظاهرات عبر العالم فرضت على حكومات دول قوى استعمارية أوروبية سابقة طرح الماضي الاستعماري الذي ألحق أضرارا نفسية مازالت تبعاتها قائمة في كل إفريقيا إلى حد الآن.
ورحبت صحيفة "الشمس" الكونغولية في تعليق لها أمس بهذا الاعتراف الذي وصفته بـ«القوي والتاريخي" بينما وصفته صحيفة "بلجيكا ليبر" أن التعبير عن الأسف ربما سيأتي بالاعتذار تلبية لمطالب عامة الكونغوليين المطالبين بدلا من ذلك باعتذار رسمي على تلك الجرائم.
وعبرت، صوفي ويلماس الوزيرة الأولى البلجيكية، عن رغبتها في فتح نقاش صادق وصريح يتم من خلاله تتناول فترة التاريخ المشترك بين بلجيكا والكونغوليين.
وقالت خلال احتفالية تم تنظيمها بالعاصمة بروكسل بمناسبة ذكرى استقلال الكونغو أن لجنة برلمانية وتضم خبراء بلجيكيين وأفارقة ينتظر أن تباشر عملها لبحث هذه القضية في سابقة لم تعرفها بلجيكا إلى حد الأن.
وأضافت أن الوقت قد حان بالنسبة لبلجيكا كما بالنسبة لدول أوروبية أخرى الشروع في مسار بحث عن الحقيقة والذاكرة والاعتراف من خلالها على معاناة الآخرين في إشارة إلى الشعوب الإفريقية التي رزحت تحت الاستعمار الأوروبي لمئات السنين.
وأشرفت ويلماس، أمس، على تدشين لوحة مخلدة لتاريخ استقلال الكونغو أمام مقر بلدية ايكسال على مقربة من الحي الإفريقي بالعاصمة بروكسل، مستغلة المناسبة للدعوة إلى محاربة العنصرية وكل التصرفات المشجعة على ذلك ومنها إنكار الآخر من إهانة وشتم وتلميحات وكتابات في مواقع التواصل الاجتماعي.