ليبيا أمام آخر فرصة للخروج من متاهة العنف

برلمان جديد يجتمع على وقع الرصاص

برلمان جديد يجتمع على وقع الرصاص
  • 690
توجهت الأنظار أمس، إلى مدينة طبرق الليبية التي احتضنت أول اجتماع للبرلمان الليبي الجديد المنبثق عن انتخابات 25 جوان الماضي، ضمن مسعى للم شمل الطبقة السياسية قصد التوصل إلى حلول من شأنها وضع حد لأزمة أمنية خطيرة تتخبط فيها ليبيا.
وعقد الاجتماع في جلسة مغلقة خصصت للتشاور بين 160 نائبا الذين حضروا من أصل 188 نائبا المشكلين للبرلمان الجديد الذي يسيطر عليه الليبراليون أمام تراجع الإسلاميين.
واتفق النواب على عقد الجلسة الافتتاحية في موعدها المحدد غدا، بنفس المدينة الواقعة بأقصى الشرق الليبي، والتي تبقى آمنة مقارنة بباقي مناطق البلاد على غرار مدينة بنغازي والعاصمة طرابلس اللتين تتخبطان منذ عدة أسابيع على وقع مواجهات دامية بين مختلف المليشيات المتناحرة ضمن صراع بسط النفوذ.
وأعطى حضور رئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني، طابعا رسميا على جلسة أمس، التي فرضتها تطورات الأوضاع الأمنية المتفاقمة في ظل استفحال فوضى سلاح عارمة عجزت الحكومة عن احتوائها. وأقرت الحكومة علنا أنها تواجه خطر انهيار الدولة بعدما طغى منطق المليشيات المسلحة التي خرقت كل القوانين وعمّت الفوضى مختلف ربوع البلاد.
وهو الوضع الذي سيجعل مهمة البرلمان الجديد صعبة إن لم نقل مستحيلة في ظل العجز الذي ميز الطبقة السياسية الليبية في توحيد صفوفها بما يسمح لها على الأقل بالتأثير على المليشيات المسلحة وإقناعها بوقف الاقتتال فيما بينها. وهو ما دفع بالنائب أبو بكر بيير، إلى التأكيد على أن النواب المنتخبين يريدون "توحيد الوطن ووضع كل الخلافات السياسية جانبا".
والحقيقة أن الخلافات التي تميز الطبقة السياسية الليبية وخاصة بين الليبراليين الذين تمكنوا من الاستحواذ على أغلبية مقاعد البرلمان الجديد، والإسلاميين الذي خسروا انتخابات 25 جوان زادت في حدة الاقتتال بين المليشيات المحسوبة على هذا الطرف أو ذاك.
ومثال ذلك ما يحدث في العاصمة طرابلس بين الثوار السابقين للزنتان المحسوبين على مختلف الأحزاب الليبرالية وبين ثوار مصراتة  المحسوبين هم على التيارات الإسلامية.
ورغم اجتماع البرلمان الجديد الذي يعلّق عليه الليبيون آمالا في إنهاء هذه الأزمة الحادة، إلا أن مواجهات عنيفة اندلعت بين الطرفين استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والثقيلة مما تسبب في شل كل مظاهر الحياة في العاصمة طرابلس من جهة، واندلاع حريق آخر بخزان للوقود على الطريق المؤدي إلى مطار طرابلس الدولي المتنازع عليه بين المسلحين.
وزاد هذا الحريق من متاعب السلطات الليبية التي كانت ناشدت المجموعة الدولية لمساعدتها على إخماد النيران التي اندلعت قبل أيام في خزانات للوقود بنفس المنطقة اثر تعرضها لقذائف صاروخية ولم تتمكن الى حد الآن من إخماد ألسنة لهبها.
ولا يختلف المشهد في مدينة بنغازي عاصمة شرق البلاد كثيرا عما يجري في العاصمة طرابلس، بعد ان شهدت مقتل أربعة أطفال وإصابة اثنين آخرين في انفجار صاروخ من مخلفات الاشتباكات الأخيرة بين قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر والمليشيات الإسلامية.
والمفارقة أن الأطراف المتناحرة في ليبيا كانت حاربت جنبا إلى جنب ضد نظام العقيد معمر القذافي عام 2011، ولكن طغيان المصالح الضيقة على مصلحة الوطن والرغبة الجامحة في السيطرة والاستحواذ على السلطة جعلها تتحول إلى أعداء وتسعى إلى خدمة مصالحها ولو على جثث الليبيين.
وهي الحقيقة المرة التي يتخبط فيها الشعب الليبي الذي دخل الآلاف من أبنائه في رحلة هروب من جحيم الاقتتال الدامي في بنغازي وطرابلس وغيرها من المدن، والذي خلّف سقوط أكثر من 200 قتيل وألف جريح في ظرف أسبوعين.
واستمر أمس، تدفق النازحين الليبيين والاجانب إلى معبر راس جدير الحدودي مع تونس، التي كانت حذّرت من عدم قدرتها على استقبال اللاجئين الليبيين على غرار ما حدث عام 2001 اثر الإطاحة بنظام القاذافي.
ولكن السلطات التونسية سمحت أمس، بعبور 200 شخص إلى أراضيها بعدما اضطرت مكرهة إلى فتح المعبر لبضع ساعات بعدما كانت أغلقته أول أمس، أمام آلاف الفارين مما أدى إلى اندلاع أعمال عنف أمام بوابة المعبر.