القمة العربية بالكويت

تحقيق التجانس أم تسوية الخلافات؟

تحقيق التجانس أم تسوية الخلافات؟
  • القراءات: 894 مرات
م. مرشدي م. مرشدي

تنطلق، يوم غد، بالعاصمة الكويتية، أشغال القمة العربية الخامسة والعشرين في أجواء من الفرقة والتشتت، لم يسبق أن عرفها الوطن العربي، تقاطعت عدة عوامل في ترسيخها وأكدت أن العرب الذين يملكون كل عوامل الوحدة مازال الطريق أمامهم طويلا لتحقيقها.

وبالنظر إلى نقاط جدول أعمال هذه القمة الدورية العادية، من سوريا إلى ليبيا، مرورا بالعراق واليمن والسودان ومصر وحتى لبنان ووصولا إلى مسار السلام الفلسطيني الإسرائيلي، يمكن القول أن مهمة الملوك والرؤساء العرب لن تكون سهلة في إيجاد توافق يسمح بتحقيق موقف متجانس لتسوية مثل هذه القضايا الخلافية التي بلغت حد الشرخ التام.

وهو الواقع "الضبابي" الذي اعترف به الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، الذي أكد أننا نواجه اضطرابات كثيرة في أجزاء واسعة من الوطن العربي وأن  الوقت قد حان لبحث قضايا المستقبل.

والمفارقة أن القمة التي تحتضنها الكويت إحدى دول مجلس التعاون الخليجي، جاءت في وقت انفرط فيه عقد الوحدة الظاهرة في علاقات دول هذا التكتل الذي شكل طيلة عقود رمز التجانس والتلاحم قبل أن يدب الخلاف بين دوله وقد ينتهي إلى انهياره في أية لحظة في حال استمر تباين مواقف دوله الفاعلة. وتردد في كواليس اجتماع وزراء الخارجية العرب، أمس، أن أمير الكويت قد يلعب دور الوسيط لطي صفحة هذه الخلافات وخاصة بين دول مجلس التعاون الخليجي التي انفجرت أزمتها في وقت غير مناسب بالنسبة لموعد قمة العاصمة الكويتية.

وهو ما يدفع إلى طرح التساؤل حول ما إذا كانت الدول العربية ستبحث خلال موعد الكويت سيتي آليات تفعيل العمل العربي المشترك أم أنها ستكون مجرد قمة لإنهاء الخلافات التي عكرت علاقات الدول العربية وأصبحت تهدد حتى وجود هذا التكتل الإقليمي الذي بقي مجرد كيان سياسي دون فعالية في تجسيد بنود ميثاقه الذي تمت صياغته قبل أكثر من ستة  عقود.

وهو ما أكده أيضا فاضل جواد، مساعد الأمين العام للجامعة العربية، الذي كشف عن عقد جلسة خاصة على هامش القمة تخصص لتنقية الأجواء والتوصل إلى مصالحة عربية في إجراء فرضته "الظروف الجد حساسة" التي تنعقد فيها القمة كما أكد على ذلك وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الصباح. فبعد أكثر من ثلاث سنوات، منذ اشتعال فتيل ما اصطلح على تسميته بـ«ثورات الربيع العربي"، لم تتمكن الجامعة العربية من إعادة ضبط عقارب ساعة المصالحة بين دولها في وقت بقيت سلطات الدول التي مستها "نسمات" هذا الربيع تهب بقوة وحالت دون تمكنها من إعادة ترتيب بيتها الذي مازال يتأرجح بين الفوضى الشاملة والحرب الأهلية والانفلات الأمني والكساد الاقتصادي ضمن أوضاع لا مؤشر يؤكد أنها تسير باتجاه الخروج من النفق المظلم الذي دخلته.

ولن يقتصر جدول الأعمال فقط حول القضايا السياسية التي كانت ومازالت نقطة الخلاف الرئيسية بين الدول العربية ولم تتمكن من حسمها بل أنها شكلت نقطة خلاف حادة أججت الصراع العربي ـ العربي بسبب خلاف في التصورات بين هذه العاصمة وتلك حول مختلف القضايا العربية.

ولم يكن الموقف المتعارض لدول مثل العربية السعودية والإمارات العربية والبحرين حول ما يحدث في مصر وتعارضه مع موقف قطر سوى تكريس لواقع التشرذم الذي تعرفه البلدان العربية التي بقيت في موقع المتفرج على مشاكل تعنيه قبل غيره.

وتأكد ذلك من خلال عجزها في لعب دور ولو ثانوي في إنهاء الأزمة السورية وتركت مصير بلد عضو في الجامعة العربية تتقاذفه المصالح الروسية والأمريكية المتصارعة في تمرير مخططاتهما الإستراتيجية في هذا البلد وكل منطقة الشرق الأوسط.

عجز لم يخفه وزير الخارجية القطري، خالد العطية، الذي طالب في افتتاح الاجتماع الوزاري الممهد لقمة القادة، يوم غد، الأمم المتحدة بالتدخل في سوريا من خلال فرض وقف لإطلاق النار وإصدار لائحة أممية في ذلك.

وذهب الوزير القطري الذي تقف بلاده إلى جانب المعارضة  السورية إلى حد المطالبة بوضع النظام السوري تحت طائلة المادة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص صراحة على استعمال القوة في حال عدم احترام اللائحة الأممية.

والمؤكد أن الملوك والرؤساء العرب سيقفون على حقيقة عجزهم عندما سيتعرض الأخضر الإبراهيمي، الموفد العربي والأممي المشترك إلى سوريا، تقريره المفصل حول نتائج مساعيه وخاصة ما تعلق بمفاوضات جنيف الثانية التي فشلت في تحقيق المرجو منها واصطدمت بمواقف الفرقاء المتعارضة ومعها تعارض مواقف دول العربية في كيفية تسوية هذه الأزمة المأساة.