بعد إحالة 20 مليون أمريكي على البطالة
ترامب يخسر آخر أوراقه للبقاء في البيت الأبيض،،،؟
- 1250
شكل إعلان كتابة العمل الأمريكية، أمس، فقدان أكثر من 20 مليون أمريكي مناصب عملهم خلال شهر أفريل الماضي فقط وارتفاع نسبة البطالة إلى حدود 15 بالمئة، صدمة قوية للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب وهو يرى آخر أوراقه الرابحة تفلت من بين يديه، ستة أشهر قبل موعد الانتخابات الرئاسية، شهر نوفمبر القادم.
ولا يختلف اثنان في القول أن الفيروس أخلط على الرئيس الأمريكي كل حساباته الانتخابية وهو الذي راهن على تحقيق نسبة "صفر أمريكي عاطل" ليجعل منها ورقة انتخابية رابحة في نهاية عهدته الحالية وإفحام خصمه الديمقراطي في موعد نوفمبر القادم وقد تمكن من تحقيق ذلك لولا المجيئ المفاجئ وغير المرحب به لفيروس "كوفيد".
وعكست هذه الأرقام حجم الكارثة التي خلفها فيروس كورونا على أول اقتصاد في العالم وجعلته ينهار في وقت قياسي ضمن كارثة فاقت من حيث تبعاتها تلك التي خلفتها أول أزمة تضرب أسس الاقتصاد الليبرالي سنة 1929.
وحتى وإن حاول الرئيس ترامب القول أن الأمر لم يكن مفاجأة وأن إحالة 20 مليون أمريكي على البطالة كان متوقعا فإن ذلك عكس هامش المناورة الذي ضاق من حوله ولم يعد بإمكانه القول عكس ذلك لأن ما لم يقله أن الأرقام تعبر عن اكبر انتكاسة يتعرض لها منذ توليه مقاليد الإدارة الأمريكية سنة 2017 وجعل من البطالة التحدي الذي تعهد بالقضاء عليه.
فلم يكن أحذق المتابعين من الاقتصاديين وخبراء المالية يتوقعون يوما انهيار الاقتصاد العالمي بالسرعة التي عرفها خلال مدة شهرين جعلت كل الساسة وصناع القرار والمختصين يجدون أنفسهم في موقف العاجز عن اتخاذ أي قرار من شأنه إخراج العالم من تبعات هذه المحنة.
وهي صورة شاملة للوضع العالمي يمكن إسقاطها على واقع الاقتصاد الأمريكي والضبابية التي طغت على أفقه بعد أن سلكت كل مؤشراته منحنى الاتجاه السالب إلى الحد الذي لم يعد في مقدور أي جهة التكهن بموعد تحول هذا المسار في الاتجاه الإيجابي ولا الطريقة التي يمكن بواسطتها تحقيق ذلك.
وهو مأزق حقيقي يفسر درجة الارتباك الذي يطبع مواقف الرئيس، دونالد ترامب الذي تحول منذ تسجيل أولى حالات الإصابة في بلاده إلى مجرد ناطق رسمي لتقديم آخر أخبار الوضعية الوبائية في الولايات المتحدة من عدد الوفيات وأعداد المصابين بفيروس
"كورونا"، وفي أحسن الحالات استغلال تلك المواعيد الإعلامية اليومية لاتهام الصين بإخفاء معلومات تخص درجة خطر الفيروس ومصدره وتسميته وكيف تمكن في وقت قياسي من فرض منطقه على كل العالم.
الرئيس الأمريكي أراد يوم تولى مقاليد السلطة في المكتب البيضاوي تسيير شؤون القوة الأولى في العالم بمنطق رجل الأعمال التواق إلى جعل بلاده قاطرة الاقتصاد العالمي ضمن منطق أحادية القطب وتجسيدا لشعار "أمريكا أولا" ضمن رغبة جعلته يتعامل مع قضايا العالم بمنطق تجاري محض، دافعه الربح ولا شيء غير ذلك وهو ما شجعه على مواصلة السير على هذا النهج بهدف جعل هذه الورقة أيضا إحدى أوراقه الرابحة في الانتخابات القادمة.
ولكنها تبددت هي الأخرى في سياق الشلل الذي فرضه هذا الفيروس القاتل على كل العالم وحتم على 4 ملايير نسمة البقاء في منازلهم وكان منطقيا أن ينهار الاقتصاد العالمي ضمن صورة " كاريكاتورية" لم يكن أي أحد يتوقع الوقوف عليها.
كما خسر الرئيس، ترامب ضمن سلسلة توالي انتكاساته، ثقة الرأي العام الأمريكي الذي لم ينس له عبارات الاستخفاف التي دأب على الإدلاء بها رغم تسجيل مئات الوفيات في مختلف الدول الأوروبية لهذا العدو الخفي، زاحفا من يوهان الصينية معتقدا أن بلاده في منأى عن خطر هذا الوباء ليتفاجأ بـ"تسونامي" عدوى جارفة جعلت الولايات المتحدة تتحول في زمن قياسي إلى أول بؤرة لتفشي الفيروس القاتل.
ولسوء حظ الرئيس الأمريكي فإن عامل الوقت والمدة الفاصلة عن موعد الانتخابات الأمريكية لم يعد يخدمه في ظل غياب أية مؤشرات تفاؤل بقرب موعد انزياح خطر الوباء بعد أن عجزت أرقى مخابر الأبحاث الصيدلانية في توفير علاج فعال يرفع الغبن عن كل البشرية ويسمح بعودة حياة الناس إلى سابق عهدها.
كما أن إضافة مئات الأمريكيين كل يوم إلى قائمة ضحايا كورونا ستدرج في كفة سوء تسيير الوضعية الوبائية للرئيس ترامب والتي جعلت الولايات المتحدة تواصل تصدرها لقائمة الدول الأكثر تضررا من تبعات الفيروس الذي يسير بخطى ثابتة لتسجيل 100 الف وفاة بعد أن قاربت امس عتبة 80 الف ضحية من إجمالي عدد وفيات فاق 275 الف ضحية في كل العالم.