بخصوص سياسة التجويع بحقّ المدنيين في قطاع غزة
تفنيد أكاذيب الاحتلال الصهيوني بالأدّلة والحقائق

- 150

وصف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أمس، البيان الصادر عن منسق أعمال حكومة الاحتلال بأنه "سوى قفزة في الهواء ومحاولة بائسة للتغطية على جريمة موثقة دوليا" وهي تجويع سكان القطاع بشكل ممنهج في انتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني.
أكد المكتب الإعلامي أن الاحتلال الصهيوني لجأ إلى تزييف الحقائق عبر سرديات مضللة للجمهور وللرأي العام وانتقاء حالات فردية بطريقة غبية وفاشلة للتغطية على الكارثة الإنسانية الكاملة، وقدم مجموعة من الحقائق الميدانية الموثقة دوليا تفضح السردية الصهيونية التي انكشفت عورتها على مدار 22 شهرا من العدوان الجائر على قطاع غزة الذي اودى بحياة ما لا يقل عن 61 ألفا و600 شهيد غالبيتهم أطفال ونساء.
وأوضح بأن جميع المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة، بما فيها برنامج الغذاء العالمي و"أوتشا" ومنظمة الصحة العالمية، وثّقت في تقارير رسمية أن مستويات الجوع وسوء التغذية في غزة وصلت إلى مراحل متقدمة من المجاعة، وأن مئات الشهداء من بينهم عشرات الأطفال، قضوا نتيجة الجوع ونقص الغذاء والدواء جراء إغلاق المعابر وفرض حصار شامل ومنع إدخال الغذاء والمساعدات. وكلها شهادات دولية محايدة وليست كما يدعي الاحتلال بيانات لحكومة أو لحركة بعينها.
وتحدث المكتب الإعلامي عن الأمراض المزمنة التي لا تعفي من المسؤولية، بحيث أن الاحتلال زعم أن بعض الشهداء كانوا يعانون أمراضا مزمنة لتبرئة نفسه، لكن القانون الدولي واضح فحتى المرضى المزمنون يحتاجون إلى غذاء ورعاية طبية وأدوية. وهو ما حرمهم منها الاحتلال بسياسة الحصار ومنع إدخالها إلى غزة، وبالتالي فإن موتهم هو نتيجة مباشرة لسوء التغذية ونقص الدواء ومسؤولية الاحتلال كاملة. وحتى من خرج للعلاج قبل الحرب عاد إلى بيئة محاصرة بلا غذاء ولا دواء بما عجل بوفاته.
وفي الوقت التي تأكد بما لا يدع مجال للشك بان الأرقام التي تصدرها وزارة الصحة الفلسطينية دقيقة وموثقة وفق معايير صحية واضحة، يواصل الاحتلال منذ اليوم الأول للحرب إغلاق الاحتلال المعابر ومنع الغذاء والدواء ودمر المزارع والمخازن والمخابز وقضى على القطاع الزراعي والحيواني واستهدف قوافل الإغاثة واحتجزها وسرق محتوياتها في جريمة إنسانية غير مسبوقة، وهذه ليست رواية فلسطينية، بل وقائع موثقة بالصوت والصورة وشهادات منظمات دولية، وقف العالم أجمع عليها.
ثم إن هذا الاحتلال الجائر لم يكتف بمنع المساعدات، بل تعمّد قصف 44 مركز طعام وقتل عشرات العاملين فيها واستهدف بالقصف 57 مركزا لتوزيع الغذاء كما أطلق النار على طوابير الجياع عند نقاط المساعدات التي حولها إلى "مصائد موت في إطار سياسة ممنهجة للتجويع".
وأكثر من ذلك، فقد اعترف وزراء في حكومة الاحتلال بالصوت والصورة بسياسة الحصار ويحظر الاحتلال دخول الصحفيين الأجانب ومسؤولي وسائل الإعلام الدولية إلى قطاع غزة بهدف التعتيم على جرائم الإبادة والتجويع والتهجير القسري والتدمير. وحتى بعد إعلانه السماح بدخولهم، تراجع عن القرار في مؤشر على خوفه من انكشاف الحقائق الميدانية وفشل روايته الفاشلة أصلاً.
واليوم أصبحت شعوب العالم تدرك تماما زيف رواية الاحتلال وحجم التضليل والكذب الذي يمارسه، مقابل ثبوت مصداقية الرواية الفلسطينية التي وثّقتها الوفود الدولية والتقارير الأممية الميدانية، والتي يشاهدها العالم على شاشات التلفزة بشكل مباشر وبالصوت والصورة، وأصبح الاحتلال الصهيوني رمزا للجرائم المنظمة والعزلة الدولية وصورته أمام العالم لا تقل احتقارا عن صورة الحذاء الملقى على الأرض.
وخلص المكتب الإعلامي في غزة في الأخير إلى أن "كل ما ورد في بيان منسق أعمال الاحتلال هو محاولة فاشلة لإخفاء الحقيقة الواضحة بأن هذا الاحتلال يستخدم الغذاء كسلاح حرب ويقتل المدنيين ببطء عبر التجويع والحصار، في جريمة إبادة جماعية موثقة بالأدلة، تتطلب تدخلا دوليا عاجلا لوقفها ومحاسبة مرتكبيها أمام العدالة الدولية".
لحمل الكيان الصهيوني على إنهاء الحصار وفتح المعابر ووقف العدوان
حراك عالمي تتبلور معالمه ضد المجاعة والإبادة في غزة
تتسع دائرة التنديد والضغط الدولي على الكيان الصهيوني لحمله على وقف إبادته في قطاع غزة وفك حصاره المطبق الذي يحرم ما لا يقل عن مليوني و400 ألف نسمة، على مدار 22 شهرا كاملة، من أدنى متطلبات الحياة من ماء وغداء ودواء ووقود بما خلق واحدة من أسوأ حالات المجاعة التي يشهدها العصر الحديث.
وتحرّك هذه المجاعة وهذه الإبادة الجماعية التي تمارسها سلطات الاحتلال يوما بعد يوم، المزيد من الضمائر التي بدأت أصواتها تعلو تدريجيا للمطالبة بوقف المذبحة الصهيونية في غزة من مسؤولين غربيين ومنظمات إنسانية وحقوقية وشخصيات ومشاهير آخرهم مغنية البوب الأمريكية "مادونا" التي دعت بابا الفاتكان لزيارة غزة كونه الوحيد الذي لا يمكن للكيان الصهيوني رفض دخوله.
وفي بيان مشترك، أكد وزراء خارجية 24 دولة، من بينها أعضاء في الاتحاد الأوروبي، واليابان وكندا واستراليا ومفوضون أوروبيون، أن المعاناة الإنسانية في قطاع غزة بلغت مستويات "لا تصدق"، محذرين من أن المجاعة بدأت تتكشف على نطاق واسع. ودعا البيان الاحتلال إلى السماح الفوري بإدخال جميع مساعدات المنظمات الدولية دون قيود لضمان وصول الإغاثة العاجلة إلى السكان المدنيين. كما خرجت مجموعة من الشخصيات الدولية السابقة المعروفة باسم "الحكماء"، أمس، عن صمتها لتندد بـ«الإبادة الجماعية" المستمرة في غزة و«عرقلة إسرائيل المتعمدة للمساعدات الإنسانية" إلى الأراضي الفلسطينية المحاصرة.
وقالت المجموعة التي تضم في عضويتها الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون والرئيسة الليبيرية السابقة إيلين جونسون سيرليف في بيان "ما رأيناه وسمعناه يعزّز قناعتنا الشخصية.. هذه ليست مجرد مجاعة من صنع الإنسان التي تحدث في غزة ولكنها إبادة جماعية"، ودعا هؤلاء حكومة الاحتلال إلى "فتح كافة المعابر الحدودية فورا" بما في ذلك معبر رفح البري.
وذكرت مجموعة "الحكام" باتفاقية الإبادة الجماعية التي صدرت عام 1948 في أعقاب ما يعرف بـ«الهولوكوست" لمنع تكرار هذه الجريمة، لافتة إلى أن الدول الأعضاء القوية في الأمم المتحدة تفشل في محاسبة القادة الإسرائيليين الذين ينتهكون هذه الاتفاقية قولا وفعلا. وتزامنا مع تحرك مجموعة "الحكماء" للمطالبة بمعاقبة قادة الاحتلال على اقترافهم للإبادة في غزة، تحرّك أيضا المجلس الأوروبي ضد بيع الأسلحة لإسرائيل بعدما دعا الدول 45 الأعضاء إلى ضمان عدم استخدام الجيش الإسرائيلي لتلك الأسلحة في حربه على القطاع.
وفي بيان له، جدّد مفوض مجلس أوروبا لحقوق الإنسان، مايكل أوفلاهيرتي، دعوته للدول الأعضاء إلى "بذل قصارى جهدها لمنع انتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان والاستجابة لها في سياق الصراع في غزة"، وقال إنّ ذلك يتضمن تطبيق المعايير القانونية القائمة لضمان عدم السماح بنقل الأسلحة عندما يكون هناك خطر استخدامها لارتكاب انتهاكات للحقوق الأساسية.
من جانبها، طالبت المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة باتخاذ إجراءات عاجلة بعد أن أعلنت مصادر طبية في قطاع غزة وفاة أكثر من 100 طفل بسبب سوء التغذية منذ بداية حرب الإبادة الصهيونية على القطاع في أكتوبر 2023. ووصف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" عبر موقعه الرسمي ليلة الاثنين إلى الثلاثاء تجاوز حصيلة الوفيات بين الأطفال حاجز المئة، بأنه "معلم كارثي يلطخ سمعة العالم ويستدعي تحرّكا عاجلا طال انتظاره".
وذكر أن الأمم المتحدة وشركائها تمكّنوا الأحد الماضي من إدخال بعض المواد الغذائية والوقود والإمدادات من معبر كرم أبو سالم، إلا أن الشحنات أفرغت قبل وصولها إلى وجهتها، موضحا أن الكيان الصهيوني يسمح بإدخال نحو 150 ألف لتر من الوقود يوميا، وهو أقل بكثير من الكمية المطلوبة لضمان استمرار العمليات المنقذة للحياة.
وتقول تقارير إعلامية بأن أكثر من نصف سيارات الإسعاف في غزة توقفت عن العمل بسبب نقص الوقود وقطع الغيار فيما حذرت منظمة الأغذية والزراعة من أن 1.5 من المئة فقط من الأراضي الزراعية في القطاع لا تزال صالحة في مؤشر على انهيار شبه كامل للنظام الغذائي المحلي جراء تدمير الاحتلال للبنية التحتية لقطاع غزة خلال عدوانه المتواصل.
وبدوره، أشار برنامج الأغذية العالمي إلى أن أكثر من 300 ألف طفل في غزة "يواجهون خطرا شديدا وأكثر من ثلث السكان أفادوا بعدم تناول الطعام لأيام متتالية"، مؤكدا أن تلبية الاحتياجات الغذائية تتطلب ما يزيد على 62 ألف طن شهريا بينما لا تزال الكميات المسموح بإدخالها أقل بكثير من الحدّ الأدنى اللازم لبقاء نحو مليوني شخص على قيد الحياة.
وفي إطار نفس سياق تحرك الوكالات الاممية، شدّدت منظمة الصحة العالمية أمس، على ضرورة أن تعمل حكومة الاحتلال على تخفيف قيود المرابة التي تفرضها على دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الذي يبقى الوضع على جميع الأصعدة فيه كارثيا. واستنكر رئيس المنظمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ريك بيبركورن، الإجراءات المعقدة والمنتجات الصحية التي لا تزال حكومة الاحتلال ترفض دخولها إلى قطاع غزة. وقال في مؤتمر صحفي أنه موضوع تفاوض مستمر مع السلطات الإسرائيلية.
دعت إلى استمرارها وتصعيدها دعما للشعب الفلسطيني:
"حماس" تثمّن عاليا حالة التضامن الشعبي في العالم
ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أمس، عاليا حالة التضامن الشعبي حول العالم الذي تشهد كبريات عواصمه ومدنه في أوروبا والولايات المتحدة وغيرها من الدول، مظاهرات حاشدة تضمنا مع غزة ومندّدة باستمرار العدوان الصهيوني الجائر عليها.
دعت الحركة في بيان لها لاستمرارها وتصعيدها، حتى وقف العدوان وإنهاء حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة. كما دعت الدول العربية والإسلامية إلى ممارسة الضغط على الإدارة الأمريكية وتفعيل أوراق قوتها في وجه الاحتلال الفاشي، لوقف العدوان وسياسة التجويع وإفشال مخططات الاحتلال الرامية إلى تهجير شعبنا الفلسطيني والعبث بأمن المنطقة ومصالح شعوبها.
وحذرت "حماس" من أن "مجرم الحرب نتنياهو يصر على مواصلة هذه الحرب العبثية بلا هدف سوى خدمة مصالحه السياسية والشخصية دون اكتراث بحياة أسراه أو مصيرهم مفضلا استمرار نزيف الدم لتحقيق أطماعه".
ويواصل الاحتلال الصهيوني المجرم ارتكاب جرائمه الوحشية عبر القصف العشوائي الهمجي الذي يطال مختلف مناطق قطاع غزة، مستهدفا منازل المدنيين وخيام النازحين، في مشهد دموي يودي يوميا بحياة عشرات المدنيين العزل من بينهم أطفال، في تحد صارخ للمجتمع الدولي وإصرار واضح على المضي في سياسة الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج.
كما يتمادى في تنفيذ جريمة "هندسة التجويع والفوضى" بحق أكثر من مليوني إنسان في غزة بحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية وفي مقدمتها الحق في الغذاء عبر الإصرار على آلية التوزيع القاتلة ومنع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية من القيام بواجبها في إيصال المساعدات وتوزيعها بشكل آمن.
وفي نفس السياق، أكدت وزارة الخارجية الفلسطينية، أمس، أن عجز الدول والمجتمع الدولي عن وقف الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني والكارثة الإنسانية المفروضة عليه بالقوة من قبل الكيان الصهيوني "أمر غير مبرر ومريب".
وأوضحت الوزارة في بيان لها أنه "رغم الإجماع الدولي والمؤسّسات والمحاكم الأممية على ضرورة تطبيق القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان"، فإن الكيان الصهيوني "يواصل توسيع عدوانه واستخدام التجويع والعطش والحرمان من العلاج كأسلحة في الحرب دون قدرة المجتمع الدولي على وضع حدّ لهذا التجاهل للمطالب والمناشدات الدولية وقرارات الشرعية الدولية".
وشدّدت الخارجية الفلسطينية على أن "حماية الإنسانية في قطاع غزة واجب أخلاقي وقانوني وسياسي دولي لا يجوز أن يخضع لأي حسابات أو مصالح ضيقة"، مؤكدة أن "حياة الإنسان ليست ورقة للمساومة أو الابتزاز أو لتحسين الشروط". واعتبرت استمرار حرب الإبادة واستعصائها "يضيق الهامش المتاح أمام الدول الكبرى والمجتمع الدولي للهروب من تفعيل الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة لوقف جرائم الإبادة والتهجير والضم".