يخرجون بأجساد منهكة وأرواح مثقلة بالوجع

تقرير مكتب إعلام الأسرى ينقل شهادات مروعة

تقرير مكتب إعلام الأسرى ينقل شهادات مروعة
  • 221
ص. محمديوة ص. محمديوة

تضمن تقرير أصدره مكتب إعلام الأسرى الفلسطيني، أمس، شهادات حيّة كشفت حجم الجرائم المروعة التي يتعرّض لها الأسرى الفلسطينيون باختلاف أعمارهم وجنسهم وفئاتهم داخل معتقلات الاحتلال والتي اشتدت بشاعتها بعد السابع من أكتوبر 2023.

تطرّق التقرير إلى تفجر موجة انتهاكات غير مسبوقة داخل السجون الإسرائيلية بحقّ الأسرى الفلسطينيين،  في ظل صمت دولي مطبق تحوّلت على إثره الزنازين إلى مقابر للأحياء وتحوّل الأسرى إلى أجساد منهكة تحمل ندوب العذاب وقصصا عن قهر السجان ووحشية القيد.

وقال التقرير، إن معاناة الأسرى داخل السجون تبدأ مع أول لحظة اعتقال، حيث أكدت عشرات الشهادات تعرض الأسرى للضرب الوحشي المبرح والإهانة اللفظية والجسدية مع تكبيل الأيدي وتعصيب الأعين. واعتُقل كثيرون بعد الاعتداء العنيف عليهم داخل منازلهم أو على الحواجز، قبل أن يبدأ فصل آخر من التعذيب أثناء التحقيق.

ونقل التقرير شهادة أحد المحرّرين الذي قال "كنا نلقى على أرض إسمنتية باردة بلا غطاء نتقلب على أوجاعنا.. كان البرد ينخر العظم والجوع يسرق ما تبقى من قوتنا."

ورسمت الشهادات داخل الزنازين لوحة قاتمة لغرف ضيقة مظلمة بلا أغطية أو وسائل تدفئة في عزّ الشتاء وطعام قليل وفاسد لا يصلح للبشر وقطع المياه لساعات طويلة وحرمان من أدنى مقومات النظافة، يضاف إلى كل ذلك عزل انفرادي يمتد لأيام وأسابيع لتحطيم الأسرى نفسيا.

وكشفت مشاهد الإفراج عن الأسرى المحرّرين وهم بأجساد ممزقة، عمق الجريمة المرتكبة، حيث خرج كثيرون بأجساد نحيفة وعظام بارزة ووجوه شاحبة وحالات لأسرى بأطراف مبتورة بسبب الإهمال الطبي المتعمّد وأسرى بإعاقات حركية دائمة يحتاجون إلى عكّازات أو كراس متحرّكة، مع انتشار أمراض خطيرة كالسرطان والفشل الكلوي دون علاج يذكر، وخاصة انتشار مرض الجرب. وتعمّد نقل الأسرى المرضى بين الأقسام لانتشار العدوى دون دواء ورعاية طبية.

ويقول أحد المحرّرين "خلال سنة واحدة فقدت أكثر من 30 كلغ من وزني، كنت أصرخ من ألم ساقي المكسورة، لكنهم تركوني حتى وصلت مرحلة البتر" بينما يروي آخر "بعضنا خرج لا يعرف كيف يمشي، الزحف صار وسيلتهم الوحيدة للحركة بعد أن شلّت أطرافهم بالسجون."

كما أكد التقرير أن غياب العلاج لم يكن مجرد تقصير وإنما سياسة مدروسة وممنهجة من خلال حرمان الأسرى المرضى من الأدوية والعناية الطبية ومنع إجراء العمليات الجراحية الضرورية وتجاهل الأوضاع الصحية حتى تنهار الأجساد. وهو ما أدى  إلى استشهاد عدد من الأسرى داخل السجون وترك آخرين يواجهون الموت في صمت بعد تحرّرهم.

ومع تصاعد الحرب منعت سلطات الاحتلال الزيارات العائلية وقطعت تواصل الأسرى مع محاميهم وأخفت المعلومات عن مصير الآلاف منهم، في جريمة إضافية تتمثل في "العزل عن العالم". وتقول أم أسير محرّر "لشهور كنت أبحث عن أي خبر وعندما رأيته أخيرا، لم أعرفه! كان هيكله العظمي يتكلم".

وفي مواجهة هذه الانتهاكات تتعالى أصوات الحقوقيين المطالبة بلجان تحقيق دولية وزيارات فورية للسجون وملاحقة قادة الاحتلال على جرائم التعذيب والإهمال الطبي بحقّ الأسرى الفلسطينيين.


"الأونروا" تعلن عن نفاد إمداداتها من الطحين في غزة

نداءات عاجلة بالفتح الفوري للمعابر وإدخال المساعدات

تتوالى التحذيرات وتتعالى صراخات الاستغاثة من أجل الفتح الفوري لمعابر قطاع غزة والإسراع في إدخال المساعدات الإنسانية لإنقاذ أرواح ما لا يقل عن مليوني شخص، محاصرين بنيران آلة الدمار الصهيونية التي تواصل الفتك بأجساد الأطفال والنساء والأبرياء بكل برودة دأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، أمس، عن نفاد إمداداتها من الطحين في قطاع غزة، في ظل استمرار منع الاحتلال الصهيوني دخول المساعدات الإنسانية لأكثر من 50 يوما.

وقالت في منشور على حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي "أعلن برنامج الأغذية العالمي في 25 أفريل عن نفاد مخزونه الغذائي بالكامل في غزة. كما نفدت إمدادات الطحين من الأونروا في وقت سابق من هذا الأسبوع". وأوضحت "الأونروا" أن لديها "حوالي 3000 شاحنة محمّلة بمساعدات منقذة للحياة جاهزة للدخول إلى غزة"، غير أن الكيان الصهيوني يمنع دخولها.

وكان المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فيليب لازاريني، قد حذّر في وقت سابق من أن أطفال قطاع غزة أصبحوا يتضورون جوعا بسبب السياسة المتعمّدة التي ينتهجها الكيان الصهيوني من خلال الاستمرار في إغلاق المعابر ومنع دخول المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية إلى القطاع منذ الثاني من مارس الماضي. ونفس التحذير أطلقه رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، جوناثان ويتال، الذي أكد أن الأوضاع الإنسانية في غزة تمر بمرحلة حرجة في ظل الحصار الصهيوني المفروض على القطاع، محذّرا من أن "من لا يقتلون بالقنابل والرصاص يموتون ببطء".

وفي حديثه إلى الصحفيين في مدينة غزة، شدّد ويتال على ضرورة رفع الإغلاق المفروض على إدخال المساعدات الإنسانية والإمدادات الأساسية واستئناف وقف إطلاق النار لإنقاذ الأرواح. وأوضح المسؤول الأممي أن الوكالات الإنسانية تواصل رغم التحديات الكبيرة العمل حيثما أمكن لتلبية الاحتياجات المتزايدة إلا أن الإمدادات تقترب من النفاد وسط تصاعد العمليات العسكرية واتساع رقعة النزوح.

وتحدث ويتال عن النقص الحاد في المستلزمات الطبية وإغلاق المستشفيات وانتشار الجوع والعطش، إضافة إلى تدهور الأوضاع الصحية نتيجة تراكم النفايات وتدمير شبكات المياه والصرف الصحي، محذّرا من أن "لا مكان آمن في غزة اليوم".

وأشار إلى أن المساعدات الإنسانية تتعرض لما وصفه بـ«التسليح" عبر القيود المفروضة على دخولها، مؤكدا أنه لا يوجد أي مبرر لرفض المساعدات الإنسانية. كما أبرز أن معاناة سكان غزة تمسّ جوهر كرامتهم الإنسانية وحتى العاملين في المجال الإنساني والصحفيين يواجهون أخطارا جسيمة وسط تواصل الانتهاكات.

واختتم المسؤول الأممي تصريحاته بالتأكيد على أهمية رفع الإغلاق فورا والسماح بوصول المساعدات واستئناف وقف إطلاق النار، مشدّدا على ضرورة تحقيق المساءلة بدلا من انتظار حكم التاريخ على "أولئك الذين لم يتحرّكوا إزاء ما يحدث اليوم في غزة".

ويواصل الاحتلال الصهيوني فرض حصاره غير مسبوق على غزة، حيث يمنع دخول أدنى متطلبات الحياة بما رمى بسكان القطاع في مجاعة خطيرة تهدّد حياة أكثر من مليوني إنسان. كما يواصل إمطار القطاع بالقنابل والأسلحة المرحمة دوليا. 

وحسب التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فقد وصلت إلى مستشفيات قطاع غزة أمس، جثامين 51 شهيدا منهم 11 شهيد  تمّ انتشالهم من تحت الإنقاض سقطوا خلال 24 ساعة الماضية. ولا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

وفي حين ارتفعت حصيلة العدوان الاسرائيلي إلى 52 ألف و243 شهيد و117 ألف و639 جريح منذ السابع من أكتوبر 2003، ارتفعت حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 مارس الماضي تاريخ استئناف جيش الاحتلال قصفه على غزة إلى 2151 شهيد و5598 جريح.