تزامنا مع لقاء ترامب ـ نتنياهو في واشنطن
جولة جديدة من المفاوضات بالدوحة لوقف إطلاق النّار

- 133

استأنفت أمس، بالعاصمة القطرية الدوحة، جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" والكيان الصهيوني من أجل التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النّار في غزّة، يأمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن يتم الإعلان عنه هذا الأسبوع.
انتهت الجلسة الصباحية من هذه المفاوضات دون تحقيق أي "اختراق" يذكر على مسار الدفع قدما باتفاق وقف إطلاق النّار، الذي يروّج الرئيس الأمريكي بوجود "فرص جيدة" للتوصل إلى هدنة في قطاع غزّة المنكوب، وقال في تصريحات صحفية عشية انطلاق المفاوضات "لقد أطلقنا سراح العديد من الرهائن، أما بالنسبة للرهائن المتبقين فسيتم إطلاق سراح عدد كبير منهم.. ونتوقع تحقيق ذلك هذا الأسبوع".
وكشف مسؤول فلسطيني مطلع على المناقشات لم يكشف عن هويته، عن "انطلاق جلسة مفاوضات غير مباشرة صباح أمس، في الدوحة بين وفدي حماس وإسرائيل". وأضاف أن المحادثات التي من المفروض أن تكون قد استأنفت في الفترة المسائية تركز على "آليات تنفيذ" اتفاق وقف إطلاق النّار و"تبادل" الأسرى المحتجزين في غزّة مقابل أسرى فلسطينيين معتقلين في سجون الاحتلال.
وتأتي هذه المفاوضات ساعات قبل اجتماع الرئيس الأمريكي برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يلتقيه ترامب للمرة الثالثة في ظرف ستة أشهر. وهو اللقاء الذي من المفروض أن يحسم مسألة الهدنة في غزّة التي باتت شبه مؤكدة بالنّظر إلى المعطيات الراهنة والمتغيّرات الحاصلة وفي مقدمتها تفاءل ترامب نفسه وحديثه بثقة عن قرب التوصل لهدنة في غزّة.
من جهتها أكدت صحيفة "معاريف" العبرية، أن "التفاهمات التي تتبلور حاليا بين إسرائيل و"حماس" بوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر، ليست نتيجة تقدم مفاجئ أو اختراق عبقري من ستيف ويتكوف، بل على العكس هي نفس الصيغة تقريبا التي كانت مطروحة على الطاولة منذ شهر مارس ورفضها نتنياهو". وقالت إن "ما عطّل هذا المسار لم يكن حماس وحدها ولا الواقع الإقليمي فقط، بل أيضا الحسابات السياسية لرئيس الوزراء"، مشيرة إلى أن "حماس التي منذ مارس وحتى اليوم تشعر أنها لا تملك ما تخسره، طرحت نفس المطالب تقريبا، مع اختلافات غير جوهرية".
وحسبها فإن "الرسالة كانت ولا تزال واضحة.. إذا لم يكن إنهاء الحرب، فعلى الأقل مفاوضات فورية وواضحة حول شروط إنهائها". وختمت بالتأكيد على أن "نتنياهو وصل إلى واشنطن وهو يحمل في يده ورقة اتفاق للإفراج عن جزء من الأسرى تهدف إلى تمكينه من تثبيت حكومته".
ويزداد ضغط الشارع الاسرائيلي على نتنياهو للاتفاق على وقف دائم لإطلاق النّار وإنهاء الحرب في غزّة، في خطوة يعارضها بعض الأعضاء المتشددين في الائتلاف اليميني الحاكم، بينما يدعمها آخرون منهم وزير الخارجية الاسرائيلي.
ومع عودة الزخم بخصوص الهدنة رحبت حركة المقاومة الإسلامية، أمس، بما جاء في البيان الختامي لقمّة "بريكس" المنعقدة في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، ودعوته لوقف إطلاق النّار في غزّة وانسحاب جيش الاحتلال، وإدانته لانتهاكات القانون الإنساني الدولي واستخدام التجويع وسيلة للحرب.
ودعت الحركة دول مجموعة "بريكس" وكل دول العالم إلى ممارسة الضغوط على حكومة الاحتلال للامتثال للقانون الدولي، ووقف العدوان وحرب الإبادة التي تشنّها على المدنيين الأبرياء في قطاع غزّة، ورفع الحصار الإجرامي المفروض على مليونين وربع مليون إنسان.
للإشارة فإن الجهود التي تقودها الولايات المتحدة ومصر وقطر، تركزت مؤخرا على الوصول إلى اتفاق هدنة مدته 60 يوما يتضمن وقفا شاملا لإطلاق النّار وإطلاق سراح أسرى ومحتجزين لدى الطرفين، وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومنتظم إلى القطاع وبدء مرحلة مفاوضات لاحقة لتسوية دائمة.
وتشير مصادر دبلوماسية، على صلة بملف التفاوض إلى أن إدخال المساعدات إلى غزّة، والذي شكل عقبة رئيسية في الجولات السابقة من المفاوضات، لن يشكل هذه المرة عائقا جوهريا في ظل التزام الإدارة الأمريكية بإيجاد آلية تضمن إيصال المساعدات دون عرقلة من الكيان المحتل.
288 شهيد في 59 مجزرة خلال 100 ساعة الماضية بغزة
رفض فلسطيني للادعاءات الأمريكية ضد المقاومة
رفضت سلطات غزّة، أمس، بشكل قاطع الادعاءات الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية والتي تزعم أن المقاومة الفلسطينية ألقت قنابل على عاملين أمريكيين في مراكز "مؤسسة غزّة الإنسانية" وهي المؤسسة التي تعرف بكونها مصيدة للموت في قطاع غزّة.
قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزّة، في بيان له، أن "هذه الادعاءات المضلّلة ما هي إلا محاولة فجّة لتبرير استمرار قتل وتجويع المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزّة، وتمثل تماهيا خطيرا مع الرواية العسكرية للاحتلال التي تسعى منذ بدء الحرب إلى شرعنة الجرائم المرتكبة ضد سكان غزّة المدنيين من خلال فبركة سرديات أمنية لتبرير استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين".
وأكد أن هذه المؤسسة "ليست جهة إغاثية إنسانية، بل هي واجهة استخباراتية ـ أمنية أنشئت بدعم إسرائيلي ـ أمريكي"، مذكرا أنها "تسببت حتى اللحظة باستشهاد 751 مدني وإصابة 4931 آخرين، إلى جانب 39 مفقودا جلهم قضوا أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات التي أُنشئت في مناطق خطيرة وحمراء ومكشوفة وتدار بشكل مخالف للقانون الدولي الإنساني، بما يخالف المبادئ الأساسية للعمل الإغاثي المحايد والمستقل".
كما أكد أن "ما تسوّقه الإدارة الأمريكية عبر بيان خارجيتها يُعد محاولة مكشوفة لتبييض صورة مؤسسة متورطة في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في ظل رفض أكثر من 130 منظمة إنسانية دولية التعامل معها واعتبارها "غطاء لأهداف عسكرية إسرائيلية" وفق توصيف المنظمات الأممية والدولية الرسمية.
وشدد المكتب الإعلامي، على أن اتهام "المقاومة" هو اتهام باطل لا يستند إلى أي دليل ميداني أو تحقيق مستقل، بل يُبنى على معلومات منحازة يصيغها الاحتلال، مذكّرا أن الجريمة الحقيقية والمستمرة هي حرمان أكثر من 2.4 مليون إنسان من الغذاء والماء والدواء على مدار 22 شهرا، وقتلهم في ممرات المساعدات تحت أنظار العالم وعلى الهواء مباشرة وبالصوت والصورة.
وختم المكتب الإعلامي، بيانه بالمطالبة بوقف عمل "مؤسسة غزّة الإنسانية" فورا وبفتح تحقيق دولي مستقل ومحايد بشأن كل الجرائم التي ارتُكبت في مواقع مصائد الموت التي يزعمون أنها مخصصة لتوزيع المساعدات، كما طالب بإعادة تفعيل الدور المركزي للمنظمات الأممية العاملة وفق مبادئ القانون الدولي الإنساني، بعيدا عن أي توظيف سياسي أو عسكري للمساعدات.
تزامنا مع ذلك ارتكب جيش الاحتلال الصهيوني 59 مجزرة ضد السكان المدنيين الآمنين خلال الـ100 ساعة الماضية، راح ضحيتها 288 شهيد وإصابة 1088 جريح من بين هؤلاء الشهداء 99 شهيداً و394 مصاب ممن استهدفهم جيش الاحتلال قرب مصائد الموت، وما يُسمى "مراكز توزيع المساعدات الأمريكية ـ الإسرائيلية" خلال سعي عشرات آلاف المُجوّعين من الحصول على الغذاء في ظل جريمة التجويع التي يمارسها الاحتلال ضد 2,4 مليون إنسان مدني في قطاع غزّة.
وتعمّد الاحتلال ارتكاب هذه المجازر الوحشية من خلال قصف مراكز الإيواء والنّزوح المكتظة بعشرات آلاف النّازحين والاستراحات العامة والعائلات الفلسطينية داخل منازلها وقصف الأسواق والتجمعات الشعبية، وقتل المدنيين المُجوّعين أثناء بحثهم عن الغذاء وقصف العيادات الطبية والمراكز الصحية والمرافق الحيوية وقصف منطقة المواصي التي يزعم الاحتلال أنها مناطق آمنة.
وغالبية الشهداء هم من الأطفال والنّساء والمسنّين وكلهم من المدنيين العزّل، بما يعكس تعمّد الاحتلال استهداف الفئات الأكثر ضعفا لإلحاق أكبر قدر ممكن من القتل والإبادة والضرر.
وأدانت سلطات غزّة، بأشد العبارات هذه الجرائم الوحشية بحق أبناء شعبها وحمّلت الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، كما طالبت المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والإنسانية بالتحرك الفوري والعاجل لوقف الإبادة الجماعية في غزّة وإنقاذ المدنيين من الموت اليومي الممنهج.
نقص حاد في وحدات الدم يهدّد حياة المصابين
أعلنت السلطات الصحة في قطاع غزّة، أمس، أن مختبرات وبنوك الدم تعاني من نقص حاد في وحدات الدم ومكوناته ما يهدّد حياة المصابين في ظل العدوان الصهيوني المستمر منذ 7 أكتوبر 2023.
وحذّرت السلطات الصحية، في بيان لها من أنه في ظل النّقص الحاد الذي تشهده بنوك الدم فإن الاحتياج الطارئ لوحدات الدم ومكوناته يتزايد على نحو كبير مع ارتفاع أعداد الإصابات الحرجة جراء العدوان الصهيوني المتواصل، لافتة النّظر إلى أن ما يتم توفيره حاليا لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات الشهرية.
وبعد أن ذكرت بصرف أكثر من 10 آلاف وحدة دم ومكوناتها خلال شهر جوان الماضي، في حين ما تم توفيره هو 3500 وحدة فقط، شددت على أن "دعوات التبرع المجتمعية لم تعد كافية لتغطية العجز بسبب تدهور الأوضاع الصحية العامة، وتفاقم حالات سوء التغذية وفقر الدم لدى السكان.. وهناك ضرورة لتعزيز أرصدة بنوك الدم لتمكين التدخلات الطارئة للجرحى والمنقذة للحياة".
منظومة الغذاء تعاني "انهيارا شاملا"
أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" أمس، أن منظومة الغذاء في قطاع غزّة تعاني "انهيارا شاملا"، مشيرا إلى أن اشتداد المجاعة وتواصل منع وصول المساعدات يعنيان قتل المزيد من أرواح الفلسطينيين. وذكر المكتب على الموقع الرسمي للأمم المتحدة أن العائلات الفلسطينية في قطاع غزّة تجبر على المجازفة بحياتها للحصول على الطعام، لافتا النّظر إلى أن معدلات سوء التغذية الحاد تضاعفت بين الأطفال وكذلك حليب الرضّع الذي يوشك على النّفاد.
الجبهة الشعبية تحذّر من مخطط مشبوه يستهدف القطاع
غزّة ليست عقارا للبيع
حذّرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أمس، من مخطط خطير ومشبوه يستهدف قطاع غزّة بغية تحويله إلى مشروع استثماري على أنقاض الشعب الفلسطيني.
جاء تحذير الجبهة الشعبية بعد المخطط الخطير والمشبوه الذي كشفته صحيفة "فايننشال تايمز" والذي يقوده رجال أعمال صهاينة بالتعاون مع شركة "بوسطن كونسالتنغ غروب" الأمريكية، ومؤسسة "توني بلير" بهدف تصفية القضية الفلسطينية من بوابة قطاع غزّة، وتحويله إلى مشروع استثماري يُقام على أنقاض الشعب الفلسطيني.
وفي بيان لها أمس، أكدت الجبهة الشعبية أن هذه الخطة المشبوهة التي تحمل عنوان "الثقة الكبرى" هي نسخة جديدة من مشاريع تهويد الأرض وتفكيك القضية الفلسطينية عبر تسويق "السلام الاقتصادي" كبديل عن الحقوق الوطنية وفرض وقائع استعمارية تخدم رؤى الاحتلال الصهيوني وامتداداته الإقليمية والدولية. وحذّرت من أنها تستهدف بشكل مباشر اقتلاع مئات آلاف الفلسطينيين من أرضهم عبر إغراءات مالية ومساعدات مشبوهة وتحويل القطاع إلى منطقة اقتصادية خاضعة لإدارة الاحتلال.
وعلى إثر ذلك أكدت الجبهة الشعبية، أن هذه المشاريع بما تحمله من تخيلات استعمارية، تشكل امتدادا لرؤية نتنياهو التصفوية وتندرج ضمن مخططات تهجير جماعي وتفكيك الكيانية الوطنية الفلسطينية وتحويل غزّة إلى "ريفيرا استعمارية" تدار بأموال جهات مشبوهة وتباع أراضيها للمستثمرين في محاولة لاختراع نظام استيطاني جديد تحت مسمى "الاستيطان الصناعي".
وهو ما جعلها تحذّر أي جهات دولية من التورط في هذا المخطط، الذي لن يكون له مستقبل سوى الفشل كما فشلت كل محاولات تصفية القضية، مشددة على أن "غزّة ليست عقارا للبيع بل جزء حيّ وأصيل من أرض فلسطين التاريخية ولا يمكن لأي قوة في العالم أن تنتزعها من أهلها لا بالإبادة ولا بالحصار ولا بالتدمير الممنهج ولا بالتهجير". ودعت كل قوى الشعب الفلسطيني إلى رفع مستوى الحذر واليقظة وتحصين الجبهة الداخلية في مواجهة مشاريع التهجير وإعادة الإعمار المشروطة والملغومة، والتوحد في مواجهة هذه المشاريع الاستعمارية المشبوهة والتمسك بالحق التاريخي في الأرض والعودة والحرية.
وختمت الجبهة الشعبية بالتأكيد على أن "الشعب الفلسطيني، وفي القلب منه أهلنا في غزّة الصامدة، سيواجهون هذه المشاريع بكل قوة وصلابة، ولن يسمحوا للأمريكان أو الصهاينة أو تحالف المال والاستعمار بتمرير مخططاته فوق ركام شهدائنا وجراح أطفالنا".