فصلت رسميا بين أنشطتها السياسية والدينية
حركة النهضة التونسية تخلع الثوب الإسلامي
- 970
قررت حركة النهضة التونسية المعروف عنها توجهها الإسلامي فصل أنشطتها السياسية عن الدينية في خطوة تهدف إلى التكيف مع متطلبات المرحلة الراهنة في بلد يعتبر الوحيد الذي خرج سالما مما اصطلح على تسميته بـ"الربيع العربي". وتم أمس رسميا بالعاصمة تونس الإعلان عن تحول النهضة إلى حزب مدني بمناسبة انعقاد مؤتمرها العاشر بحضور زعيمها راشد الغنوشي الذي قال أن حزبه يريد القيام بنشاط سياسي مستقل تماما عن النشاط الديني. وأضاف "إننا نخرج من الإسلام السياسي من أجل الدخول في الديمقراطية الإسلامية". ودعا الغنوشي لدى افتتاح المؤتمر العاشر للحركة إلى "التحييد الكامل للمساجد عن خصومات السياسة والتوظيف الحزبي لتكون مجمعة لا مفرقة". وقال إن النهضة كانت في البداية "حركة عقائدية" لكنها تحولت إلى "حركة احتجاجية شاملة في مواجهة نظام شمولي دكتاتوري إلى حزب ديمقراطي وطني متفرغ للعمل السياسي بمرجعية وطنية تنهل من قيم الإسلام".
وقوبل هذا الإعلان بترحيب في الأوساط السياسية التونسية على غرار الرئيس التونسي باجي قايد السبسي الذي حضر افتتاح أشغال مؤتمر النهضة لكنه شدد على ضرورة أن تثبت الحركة بأنها فصلت بين الدين والدولة "قلبا وقالبا". وقدم مسؤولو الحركة هذا الانسلاخ عن الثوب الإسلامي الذي كان مطروحا منذ سنوات كنتيجة لتجربة الحركة في السلطة وانتقال تونس من الديكتاتورية الى الديمقراطية. غير أن متتبعين للشأن التونسي رؤوا فيه بأنه يمثل فيما يبدو محاولة لتمييز نفسها في منطقة مني فيها الإسلام السياسي بانتكاسات متتالية، كما تندرج أيضا في إطار استعدادها لخوض غمار المواعيد الانتخابية القادمة في تونس على غرار الانتخابات المحلية المقررة العام القادم والانتخابات الرئاسية المقررة عام 2019.
وعادت حركة النهضة بقوة إلى الواجهة السياسية في تونس في خضم أحداث "الربيع العربي" عام 2011 حين فازت بأول انتخابات تشريعية في البلاد بعد الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي وأصبحت أول حركة إسلامية تصل إلى السلطة بعد الثورات التي شهدتها عدة بلدان عربية. لكنها تنازلت عن الحكم بعد الاضطرابات التي شهدتها تونس في ظل تصاعد العمليات الإرهابية في خطوة أكسبتها مزيدا من احترام الشارع التونسي. وعلى وقع التصدعات الذي أصابت بيت حركة نداء تونس الحاكمة والانسحاب بالجملة لأعضائها أصبحت النهضة القوة السياسية الأولى في البرلمان التونسي ووضعها ذلك أمام رهانات وتحديات مواجهتها دفعت ربما بالحركة إلى تغيير توجهها لكسب أكبر عدد من المناصرين. وينظر إلى تونس على أنها نموذج للانتقال الديمقراطي في منطقة مضطربة بعد نجاحها في صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات حرة وتوافق سياسي بين الإسلاميين والعلمانيين جنب البلاد الانزلاق في الفوضى التي اجتاحت بعض البلدان العربية.