تبنّت سياسة عقاب جماعي ضد الفلسطينيين

حيرة إسرائيلية حول كيفية إخماد انتفاضة أطفال السكاكين

حيرة إسرائيلية حول كيفية إخماد انتفاضة أطفال السكاكين
  • 1196
ص. محمديوة ص. محمديوة
لجأت إسرائيل ككل مرة تواجه فيها انتفاضة فلسطينية شرسة إلى الحلول السهلة من خلال فرض إجراءات ردعية ضمن سياسة عقاب جماعي هي سمة الأنظمة الديكتاتورية. وفي قرارات عنصرية لم تكن مفاجئة أعطت حكومة الوزير الاول بنيامين نتانياهو، اليمينية المتطرفة أمس، الضوء الأخضر لقواتها المحتلة بمحاصرة الأحياء العربية بالقدس الشرقية وفرض حضر للتجوال بمختلف أحياء المدينة المقدسة. وشرعت في وضع نقاط تفتيش وحواجز أمنية بمحيط كل الأحياء الفلسطينية لتعقب تحركات الفلسطينيين ومنعهم من الانتقال إلى الأحياء ذات الأغلبية اليهودية.
كما قررت إلى جانب هدم منازل الفلسطينيين وخاصة منازل الشهداء عدم بمنح تراخيص بناء للفلسطينيين بالمناطق القريبة من مواقع تواجد المستوطنين اليهود. ولم يكف نتانياهو، كل هذا التضييق على الفلسطينيين ليقرر في قرار غير انساني عدم تسليهم جثث الشبان الفلسطينيين الذين ينفذون العمليات الاستشهادية ويدفعون حياتهم ثمنا لقضية فلسطينية هي قضية كل العرب والمسلمين لكنهم وجدوا أنفسهم وحدهم وبصدور عارية في مواجهة المحتل الصهيوني.
وجاءت هذه الإجراءات الردعية غداة توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، باستخدام كل الوسائل لمواجهة ما وصفه بـ«العنف الفلسطيني" من أجل استعادة هدوء مستوطنيه الذين انتابهم الرعب وهم يرون أنفسهم هدفا لطعنة سكين من هذا الجانب أو ذاك. ورغم هذه الإجراءات الردعية فإن ذلك لم يثن الفلسطينيين من مواصلة انتفاضتهم  بدليل العملية الاستشهادية التي نفذها أمس، شاب فلسطيني ضد رجل أمن إسرائيلي بالقرب من البلدة القديمة بالقدس المحتلة قبل أن يسقط شهيدا برصاص الاحتلال.
والحقيقة أن مشكلة إسرائيل هذه المرة أنها وجدت نفسها في مواجهة شباب ومراهقين في مقتبل العمر ضمن جيل جديد من الشباب الفلسطيني لم يعد يخشى الموت ولا تخيفه ترسانة إسرائيل العسكرية ولا أسلحتها الفتاكة، ويذهب راكضا بحثا عن شهادة ترصع اسمه بحروف من ذهب في قائمة شهداء فلسطين. وهو ما أخلط حسابات حكومة الاحتلال التي كلما صعدت من اعتداءاتها وخنق الفلسطينيين إلا وواجهت انتفاضة أكثر قوة وأكثر شراسة تدخل مزيدا من الرعب في نفوس المستوطنين ، وتجعل حتى قواتها عاجزة عن احتوائها بل وعرضة للعمليات الفدائية والاستشهادية.
ولكن العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين قابله الرئيس محمود عباس، بمد يد السلام لحكومة احتلال لا تفقه شيئا في السلام، وما تريده سلام على مقاسها يحرم الفلسطينيين من أدنى حقوقهم.  وقال عباس في رسالة وجهها إلى الشعب الفلسطيني بمناسبة رأس السنة الهجرية، أن شعبه ما زال يمد يده من موقع الاقتدار والإيمان العميق بالتعايش ونبذ العنف لاستئناف عملية سلام حقيقية مع سلطات الاحتلال. وشدد أن عملية السلام المنشودة يجب أن تكلل بالتوصل لاتفاق نهائي يضمن تنفيذ حل الدولتين وقيام دولة فلسطين على جميع الأراضي التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.  
كما أكد عباس، في رسالته على ضرورة إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين على أساس مبادرة السلام العربية وفق قرارات الشرعية الدولية، والإفراج عن جميع الأسرى في معتقلات الاحتلال. والمؤكد أن عباس توجه بخطاب مهادنة من أجل تهدئة الأجواء في الأراضي الفلسطينية التي تشهد منذ الأسابيع الثلاثة الأخيرة، شرارة اندلاع انتفاضة ثالثة دفعت بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، إلى الإعلان عن زيارة إلى المنطقة ضمن مسعى لتهدئة الأوضاع.
ولكن أي هدوء هذا الذي يتحدث عنه كيري، وزيارته جاءت بعد فوات الأوان وقد سقط 30 شهيدا في ظرف عشرين يوما برصاص قوات احتلال اعتادت على قتل الفلسطينيين بكل دم بارد ولا تستثني لا الأطفال ولا النساء، ولا تفرق لا بين المقاوم ولا المدني الأعزل فالكل عندها سواء يستحقون الموت.