تأكد أن السيطرة عليها ستكون منعرج الحرب
خسارة مدينة حلب تخلط حسابات المعارضة السورية
- 1095
أكدت التطورات الميدانية التي عرفتها ساحة المعركة في مدينة حلب السورية أن المعارضة السورية المسلحة بدأت تفقد شيئا فشيئا سيطرتها الميدانية على هذه المدينة الإستراتيجية بعد أن تقهقر عناصرها الذين أرغموا على الانسحاب من مواقعهم بسبب تكثيف الضربات الجوية الروسية. وبنظر العديد من المتتبعين، فإن تمكن القوات النظامية السورية من استعادة سيطرتها على ثاني أكبر المدن السورية، سيكون بمثابة المنعرج الذي سيحدد المنحى الذي ستعرفه مجريات الحرب الأهلية الدائرة في هذا البلد.
وكانت المعارضة السورية المسلحة خصصت منذ سنة 2011 كل جهدها العسكري على هذه المدينة لإدراكها المسبق أن السيطرة على القلب النابض للاقتصاد السوري يعني تضييق الخناق على القوات النظامية وهي الخطة التي مكنتها فعلا من بسط سيطرتها على هذه المحافظة في أقصى شمال البلاد. وفي محاولة لإفشال مثل هذه الخطة، تحركت القوات السورية بعد أن أمنت العاصمة دمشق لاستعادة هذه المدينة الواقعة على الحدود التركية بقناعة أن طرد المعارضة منها يبقى مفتاح الحرب الدائرة رحاها مع مختلف فصائل المعارضة "المعتدلة" منها و"الإرهابية".
ووفق هذا المنطق، تحرك الطيران الحربي الروسي الذي ركز غاراته الجوية خلال الأيام الأخيرة على معاقل المعارضة وأرغم مقاتليها على الانسحاب فرارا باتجاه مناطق أكثر أمنا. والمفارقة أن استعادة أهم المواقع الإستراتيجية في مدينة حلب تزامن مع مفاوضات جنيف التي توقفت قبل أن تبدأ وكان اندحار مقاتلي المعارضة في كثير من مواقعهم سببا مباشرا في توقفها بعد أن أدركت المعارضة السورية أن خسارة المدينة يعني فقدانها إحدى أهم أوراقها التفاوضية.
وكانت إسقاطات الواقع الميداني في مدينة حلب هي التي جعلت تركيا والعربية السعودية تلوحان بتدخل عسكري بري في سوريا بحكم علاقاتهما الوطيدة مع أطياف المعارضة وهي المعطيات نفسها التي جعلت روسيا ترفض من جهتها فكرة وقف غاراتها الجوية، كما طالبت بذلك المعارضة السورية لقناعتها المسبقة أن ذلك سيؤثر على الصيرورة النهائية لمفاوضات جنيف. وتعمدت موسكو لأجل ذلك نشر تسريبات أكدت من خلالها عن استعدادات تركية لإرسال قوات عنها إلى سوريا لمنع وصول القوات النظامية إلى أقصى نقطة من الأراضي السورية على الحدود التركية ضمن خطة مدروسة لمنع وصول الإمدادات البشرية والعسكرية إلى فصائل المعارضة.
وزادت متاعب المعارضة المسلحة في هذه المحافظة بعد أن وجد مقاتلوها أنفسهم بين فكي كماشة القوات النظامية والقوات الكردية وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، الأمر الذي جعل السكان المحاصرين يطالبونهم بمغادرة مدينتهم مخافة تعرضهم لعمليات عسكرية انتقامية. ويعد فقدان المعارضة سيطرتها على مواقع إستراتيجية على الحدود التركية بمثابة انتكاسة عسكرية بأبعاد استراتجيه إذا علمنا أن تركيا تبقى أحد أكبر البلدان الداعمة لها عسكريا.